إسبوعية ومخصصةزوايا وأقلام

إسلام وزواج

ما زلنا مع قصة سليمان وبلقيس، وذكرنا بأن الأقوال تعددت حول الذي عنده علم من الكتاب، والخلاصة أن سليمان وجد العرش وقد استقر إلى جانبه، فقال هذا من فضل الله ليختبره أيشكر أم يكفر بعد كل هذه النعم، والله غني عن عباده.
يقول تعالى: ﴿قَالَ نَكِّرُوا لَهَا عَرْشَهَا نَنظُرْ أَتَهْتَدِي أَمْ تَكُونُ مِنَ الَّذِينَ لَا يَهْتَدُونَ﴾ (41).

أي أمر بنزع فصوصه ومرافقه، وأمر به فغير ما كان أحمر جعل أصفر، وما كان أصفر جعل أحمر لينظر أتتعرف عليه حين تراه وتميزه بأنه لها أم لا، فحين جاءت سئلت: هل هذا عرشك؟

فقالت: كأنه هو، وفي ردها ذكاء وحزم.

وكانت من قوم يعبدون الشمس، فأراد سليمان أن يوجهها لعبادة الله ويتزوجها، قال تعالى: ﴿قِيلَ لَهَا ادْخُلِي الصَّرْحَ ۖ فَلَمَّا رَأَتْهُ حَسِبَتْهُ لُجَّةً وَكَشَفَتْ عَن سَاقَيْهَا ۚ قَالَ إِنَّهُ صَرْحٌ مُّمَرَّدٌ مِّن قَوَارِيرَ ۗ قَالَتْ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ (44).

وذلك أن سليمان عليه السلام أمر الشياطين فبنوا لها قصرا عظيما من زجاج، وأجرى تحته الماء، فالذي لا يعرف أمره يحسب أنه ماء، ولكن الزجاج يحول بين الماشي وبينه، واختلفوا في السبب الذي دعا سليمان عليه السلام إلى اتخاذه، فقيل: إنه لما عزم على تزويجها واصطفائها لنفسه، ذكر له جمالها وحسنها، ولكن قيل أن في ساقيها هلب عظيم، ومؤخر أقدامها كمؤخر الدابة أي أن قدميها قبيحتان، فساءه ذلك، فاتخذ هذا ليعلم صحته أم لا؟ وقيل أنه لما دخلت وكشفت عن ساقيها، رأى أحسن الناس وأجملهم قدمًا، ولكن رأى على رجليها شعرا، لأنها ملكة ليس لها بعل فأحب أن يذهب ذلك عنها، فقيل لها: الموسى؟ فقالت: لا أستطيع ذلك. وكره سليمان ذلك حتى لا تتألم، وقال للجن: اصنعوا شيئا غير الموسى يذهب به هذا الشعر، فصنعوا له النورة، وكان أول من اتخذت له النورة.

ووضع سرير سليمان وعرشه في الصرح الزجاجي، فجلس عليه وعكفت عليه الطير والجنّ والإنس ثم قال: (ادْخُلِي الصَّرْحَ) ليريها مُلكا هو أعزُ من ملكها، وسلطانا هو أعظم من سلطانها (فَلَمَّا رَأَتْهُ حَسِبَتْهُ لُجَّةً وَكَشَفَتْ عَنْ سَاقَيْهَا ) لا تشكُّ أنه ماء تخوضه، فقيل لها: ادخلي إنه صرح ممرّد من قوارير أي من زجاج فلما وقفت على سليمان دعاها إلى عبادة الله ونعى عليها في عبادتها الشمس من دون الله، فقالت بقول الزنادقة أي بقول فيه كفر، فوقع سليمان ساجدًا؛ إعظامًا لما قالت واستغفارًا من الله، وسجد معه الناس، وسقط في يديها: أي علمت خطأها حين رأت سليمان صنع ما صنع. فلما رفع سليمان رأسه قال: ويحك.. ماذا قلت؟ قال: وأُنْسِيت ما قالت، فقالت: (رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ) وأسلمت فحسن إسلامها.

وهكذا تم لسليمان مبتغاه بأن تسلم وتزوجها وهي مسلمة، ويلاحظ من القصة أن الإنسان مهما بلغت تقواه فهو بشر يميل لنظافة الجسد والتجمل والتزين، فكل امرأة تود في زوجها التأنق والعناية بشكله وكل رجل يود في زوجته الاهتمام بجمالها وزينتها ولا ينقص ذلك من تدينهما فالمعاملة الحسنة والإرضاء مطلوب من الطرفين.
كما يستفاد أن يستعين الداعية بأساليب عدة لإتمام دعوته والإقناع بأفكاره، تارة بضرب المثل، وتارة بالتشخيص، وتارة بسوق الأدلة العقلية، وعليه أن يستخدم ذكاءه.

وهبنا الله وإياكم سعادة الدارين.

بقلم/ فاطمة عاشور

مقالات ذات صلة

‫51 تعليقات

  1. يستفاد أن يستعين الداعية بأساليب عدة لإتمام دعوته والإقناع بأفكاره، تارة بضرب المثل، وتارة بالتشخيص، وتارة بسوق الأدلة العقلية، وعليه أن يستخدم ذكاءه.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى
Link partner: gaspol168 sky77 koko303 zeus138 luxury111 bos88 bro138 batman138 luxury333 roma77 ligaciputra qqnusa qqmacan gas138 bola88 indobet slot5000 ligaplay88