إسبوعية ومخصصةزوايا وأقلام

اللحية لا تصنع فيلسوفًا والرداء لا يصنع راهبًا

اللافت للانتباه أنه في مجتمعاتنا العربية تحديدًا أصبحت سمة الانخداع بالمظاهر البراقة من أبرز السمات التي تغلب على الأحكام الصادرة من أفراده نحو الغير. هذه السمة التي قد تترك خلف ستارها الكثير من المخالفات الفسادية المتسترة خلف رداء الالتزام الظاهري من خلال ممارسة ألوان مختلفة من الفساد المالي والإداري وحتى الشرعي.

وهذا الأمر اللافت يبرز بدرجة كبيرة على قيمة الالتزام الحقيقية المنطلقة من مبادئ وقيم وسلوكيات الدين الحنيف، ولعل ذلك الخلل الفادح قد برز عبر العصور السابقة انطلاقًا من بعض الموروثات الثقافية المضللة والعادات والتقاليد البالية التي تحولت إلى بدائل للقيم والمبادئ الشرعية الحقيقية، وقد يكون للمتنفيذين سياسيًّا واجتماعيًّا في المجتمعات الإسلامية دور بارز في نشوء تلك الظاهرة كونها اتخذت من قبلهم لتعزيز حكم البعض وسيطرة نفوذ البعض الآخر، لكن من يقف خلف تلك الظاهرة الممقوتة ويعززها، تناسى أن الله سبحانه وتعالى يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور، وأن ذلك السلوك المتخفي بارز أمام الله سبحانه، وسيحاسب كل مضلل ومزيف خلف ستار الدين. فكم هي كثيرة الحوادث التي أفرزت لنا بطلان تلك المظاهر البراقة التي أفرزت لمجتمعاتنا الكثير من حوادث القتل والتفجير والتكفير؟، وكم هي السلوكيات المنحرفة التي تبرز لنا كل يوم بعد انكشاف أستار تلك المظاهر الخادعة؟، فالكثير من أولئك المتسترين خلف المظاهر الشرعية الخادعة نجدهم أكثر من يكذب ويسرق المال العام، ويغش في التجارة وكافة المعاملات الحياتية، ويخادع الأنظمة ويلتوي عليها، ويغتاب ويبهت، ويسيئ للجار، ويعق الوالدين، ولا يصل رحمه، ويرتكب المعاصي والمنكرات خلف الأستار، ولا يحث على العمل الصالح، وتناسى مثل هؤلاء أن الله تعالى يعلم ما تخفيه صدورهم، حيث قال نبينا المبشر المبلغ النذير (إن الله لا ينظر إلى صوركم وأموالكم، ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم)، وأن مصير تلك الفئة الفضح عاجلاً أم آجلاً.

ومن هذا المنطلق.. كم أتمنى منا جميعًا كمجتمع مسلم مؤمن أن يلتزم بقيم ومبادئ وتعاليم وسلوكيات ديننا الحنيف (مظهرًا، وجوهرًا)، وكم أتمنى ألا ننخدع بكل مظهر بل نتلمس القيم الفاضلة والمعاملة الحسنة والسلوك الحميد التي أراها تغسل كل دنس النفس التي يوسوس لها الشيطان ويحث على إبرازها وتزيينها أمام الغير ليوقع بالبشر إلى حافة الهاوية، وعلينا جميعًا ألا ننخدع بتلك المظاهر البراقة، ولا نحكم على الشجرة من لحائها. وعلينا أن نعلم أن اللحية لا تصنع فيلسوفًا والرداء لا يصنع راهبًا.

والله من وراء القصد.

بقلم/ د. محمد سالم الغامدي

مقالات ذات صلة

‫56 تعليقات

  1. راعى الكاتب ارتباط الأفكار في المقال بشكل وثيق، ولكن كنت أتمنى مزيدًا من التفصيل.

  2. لمست التماسك بين الفقرات والتدرج بها من فقرة إلى أخرى؛ لإيصال الفكرة إلى القارئ.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى
Link partner: gaspol168 sky77 koko303 zeus138 luxury111 bos88 bro138 batman138 luxury333 roma77 ligaciputra qqnusa qqmacan gas138 bola88 indobet slot5000 ligaplay88