حوار مرئي

الدكتورة غادة العنقاوي.. ما بين القيادة النيوكارزمية والبطالة وكورونا

في ظل التحولات العربية والدولية اليوم، كيف نفهم واقع القيادة علميًّا وحقوقيًّا؟ كيف تؤثر الجوانب الإدارية في أي دولة أو منشأة في تحديد الأدوار؟ ما هي التحديات التي تواجه كل قائد على شتى الأصعدة التشريعية والاقتصادية والتنموية؟.

هذه الأسئلة وغيرها نطرحها على الدكتورة/ غاده طلال محسن عنقاوي، المستشارة والباحثة في القيادة النيوكارزمية منذ عام 2007.

أجرى الحوار/ مشاعل العنزي

س/ في البداية.. نود تعريف نفسكِ -دكتورة- لقراء صحيفة هتون؟

أعرّف نفسي بأني ربة أسرة أولًا، وصانعة قادة على مستوى عالمي ثانيًا؛ من خلال علمي وكتاباتي وبصمتي التي أتركها في في حياة كل قائد إنساني أخلاقي يضع بين يدي حياته المهنية. وقد حصلت على عدة شهادات:

– ماجستير تربية مستدامة من جامعة لندن ساوثبانك 2004 London Southbank University

– دكتوراة قيادة تعليمية من معهد التربية – 2013   IOE- University College London

– شهادات واعتمادات مختلفة من جهات عالمية في التدريب والتوجيه.

س/ ماذا عن المنجزات والإنتاج الفكري والأكاديمي؟

– نشرت مقالًا أكاديميًّا، حول Neocharismatic Leadership 2012

– كتاب “وجّه أفكارك ومشاعرك” 2018

– كتاب “القيادة الأخلاقية في التعليم العالي” 2019

– كتاب Neocharismatic Leadership 2020

– برنامج “وجّه أفكارك” باللغة العربية أونلاين في منصة تعليمية متكاملة 2019

س/ حدثينا عن تاريخكم العلمي والمهني؟

خلال العشرون عاماً الماضية في تدريب وتوجيه القيادات، عملت خلالها مع منظّمات ربحية وأخرى حكومية، كان تركيزي وما زال على التطوير الشخصي للقادة، من حيث: الرّؤية والأهداف.

  • خبراتي في مجال ريادة الأعمال ليست فقط في دول الخليج العربي، وإنما أيضًا في دول غربية، خاصّة المملكة المتحدة والولايات المتحدة الأمريكية. عملائي خلال هذه السنوات متعددي الثقافات ومن كل دول العالم. خبرتي المحليّة في المملكة العربية السعودية من خلال إدارة أعمال العائلة، وتأسيس مركز تدريب نسائي، والمشاركة في منتديات ثقافية وأدبية، ومن خلال العطاء في الجمعيات الخيرية المتعددة.
  • موقعي الحالي: المؤسسة والمديرة التنفيذية للشركة التي اسستها قبل عام تقريبا واسمها : القيادة النيوكارزمية LLC  وهي في الولايات المتحدة الأمريكية فعلا والتي قبلها “فنار” كان لها فرع في الامارات ولكن قررنا اغلاقه فلم يعد لها وجود لا في الولايات المتحدة ولا في الامارات العربية .
  • علمتني رحلتي الخاصة عبر الثقافات المتعددة في عالم الأعمال والحياة الخاصة في دول متعددة خلال العشرون عاما الماضية مهارات التواصل العالمية والتحديات التي يواجهها من يعملون لأجل عالم أفضل وحياة مستدامة لأجيالنا المستقبلية.

س/ لاشك أن رحلتك بدأت بخطوات معينة على ماذا كان تركيزك في رحلتك؟

أركّز في رحلتي التدريبية والتوجيهيّة على القادة في جميع المستويات القيادية الذاتيّة والفريق والإستراتيجية. كوني حاصلة على مدرّب معتمد من مركز القيادة لستيفن كوفي منذ عام 2000، وكوني ماستر NLP  برمجة لغوية عصبية، ومقيّم ذكاء مشاعر EQ-SEI 360 معتمد، ومقيّم ومدرّب ذكاء ثقافة CCA-CQ معتمد، وموجّه معتمد ACC مع اتحاد الموجّهين العالمي ICF، وباحثة في السلوك القيادي الأخلاقي Neocharismatic Leadership، وأخيرًا موجه فرق عمل متقدم معتمد لنموذج Team Diagnostic Survey (TDS) للتوجيه التنظيمي، فإن تقديمي يتميّز بأعلى المواصفات العالمية للتدريب والتوجيه مع مئات القياديين محليًّا وعالميًّا. و رحلتي بدأت بذاتي وبكفاحي الشخصي في الحصول على درجاتي العلمية والسعي لتقديم دورات تدريبية على مستوى المملكة العربية السعودية أولا في فترة لم يكن هناك فيها مدربات سعوديات في عام 2000 إلى 2005 ثم انتقلت لبريطانيا للدكتوراه مع اسرتي واستمريت في تقديم الدورات التدريبية في المؤتمرات العلمية ومع الملحقية الثقافية والاندية السعودية بالذات وتنقلت بعدها في انحاء العالم وانتهت بي رحلتي هنا في الولايات المتحدة بسبب اسرتي أولا ولكن استمريت في الكتابة والتأليف والعمل في الشركات الامريكية في مجالي في التطوير القيادي وها أنا أملك عملي الخاص اليوم وقد الفت ثلاثة كتب وعشرات المقالات في مواقع التواصل وطبعا بودكاست القيادة بالعربي وآخر بالانجليزي وايضا بودكاتس القيادة الذاتية كما في قناتي في اليوتيوب.

س/ معنى ذلك بأنكِ كصانعة قادة فإن القادة يأتون إليك فلماذا؟

يأتي لي القائد الراغب في أن يحقق رؤيته العملية في أرض الواقع التنظيمي؛ كي يُحدث التحوّل المطلوب برفع الأداء التنظيمي وتحقيق الغايات التي من أجلها وُجد التنظيم، وعادة ما يكون هذا القائد في مستوى قيادة عليا وتحته عدد من القيادات فأعمل معه لمواءمة سلوكه القيادي وسلوك أعضاء الفريق القيادي بجلسات منظمة. ويصحب ذلك تقييم قيادي وتقييم أداء فرق عمل. وهناك فئة أخرى تأتي لهدف تعلم مهارات توجيه فرق العمل وتطبيقها تحت إشرافي، وهذه عادة ما تكون فئة المشرفين على الفرق أو المدراء، والفئة الأخيرة: قادة يرغبون في تبني سلوكيات القيادة الفعالة النيوكارزمية بشكل شخصي في سياقات مختلفة، بعضها مهني وبعضها اجتماعي، وهي عادةً ما تكون فئة الشباب رواد الأعمال.

س/ ما هي مؤهلاتك لأداء هذه المهمات؟

بجانب الدكتوراة في السلوك القيادي النيوكارزمي في التحول التنظيمي الاستراتيجي، فأنا متخصصة في التربية والتعليم وإكساب المهارات والقيم، ومؤهلاتي الأخرى ترتكز على جدارات التوجيه القيادي وتوجيه فرق العمل، مثل: اعتماد موجه مع الاتحاد العالمي للموجهين، تقييم ذكاء المشاعر، تقييم ذكاء الثقافات، تقييم أداء فرق العمل، وممارس متقدم في التوجيه لفرق العمل والتوجيه القيادي، وأخيرًا أهم مؤهل هو الخبرة العالمية في عدد من الدول العربية والغربية بما يسمح بالتنوع الكامل في التجارب والأدوات وعدد الساعات التوجيهية للقيادات، والتي تُعتبر موردًا مستمرًا للإبداع في مجالي.

بالإضافة إلى أنني أقدم منصة “وجه أفكارك ومشاعرك” لكل موجه وقيادي يرغب في تبني الفكر والسلوك القيادي أولًا، ثم أقدم خدماتي الخاصة للتوجيه القيادي أون لاين، خاصة أننا في فترة تسمح لكل منا بأن يعيد النظر في تاريخه المهني وأدائه القيادي عبر السنوات، فلا أفضل من أن تكون هناك مساحة مع موجه محترف يضع بين يديه خلاصة الأبحاث والخبرات والتجارب العالمية.

س/ يعرف تاتنبوم TANNUNBAUM القيادة على أنها تأثير شخصي، ما تعليق دكتورة العنقاوي على ذلك؟

القيادة فعلا تأثير ولكن ليس فقط بسبب هدف تنظيمي أو غاية معينة منصبة في خدمة المنظمات التي يعمل بها القادة، في رأيي ومن أبحاثي أن القيادة أوسع من ذلك، فهي التأثير بهدف غاية سامية ونبيلة تنصب في المصلحة العامة لاكبر فئة من الناس في المنظمات أيا كان نوعها وفي الحياة الاجتماعية وينضبط هذا التأثير بخلق الإيثار والمرجعية الاخلاقية ومن هنا تتحول القيادة لمجرد مسمى إعتيادي محدد في منظمة ما لهدف تنظيمي محدد إلى سلوك وأدوار يلعبها الفرد في حياتة الشخصية أولا ثم في حياته مع الآخرين من حوله سواءا كانوا أفرادا أم مجموعات وفي أي سياق. وهذا بالضبط هو تعريف القيادة النيوكارزمية،   حسب أبحاثي والذي عرضته في كتابي الأخير Neocharismatic Leadership

وهو أيضا تعريفي في كتابي الثاني “القيادة الأخلاقية في التعليم العالي” حيث يطلق على القيادة النيوكارزمية احيانا “القيادة الاخلاقية”. الخلاصة ان القيادة هي حالة نفسية وشعور يدفع إلى القيام بسلوكيات معينة وليست منصب تترتب عنه وظائف معينة، بل القيادة هي المحافظة على روح المسؤولية بين أفراد الجماعة وتوجيهها نحو تحقيق أهدافها المشتركة.

س/ ذكرت في إجابتك عن الأدوار لتكوين رؤية مثالية من خلال القيادة النيوكارزمية.. نريد مثالًا عن هذه الأدوار.

دور مهم من هذه الأدوار العشرة، وهو دور (تقييم البيئة). التقييم في أبسط أشكاله هو: وضع قيمة للتنظيم وعملياته  ومخرجاته الحالية باستخدام مؤشرات الأداء وعدد من القراءات للبيئة المحلية والعالمية والداخلية والخارجية التي تؤثر على العمليات والمخرجات. هذه القراءة في المستوى الإستراتيجي المشار إليه ليست عملا يتم في أسبوع أو شهر أو سنة ويتوقف، بل هي عملية مستمرة تتطلب لجنة مخصصة أو قسم كامل معد لهذه القراءة يتناسب مع حجم التنظيم ووظائفة وخدماته التي يقدمها، بل ويتعدى ذلك إلى الاستعانة بخبرات خارجية وداخلية في التنظيم تتيح الشمولية والتكامل المطلوب. لا يعني ذلك استقصاء الخبرات الداخلية وإنما وضعها لتكون جزءًا من المقدم للخدمة الخارجي بحيث تكون وصلة المعلومات والأبحاث والمناقشات والاتصالات المستمرة، وبحيث يكتسب المستشار الداخلي للتقييم خبرات متعددة من العملية الاستشارية ليقوم بالتنفيذ وإدارة التغيير بعد تسليم التقييم.

 

وتتطلب هذه الشمولية قيادة تتسم بالقدرة على إدارة التقييم ومراقبته على عدد من المستويات وفي أبعاد متعددة. ومن خلال خبراتي في التوجية القيادي، فإن القادة الذين قاموا بمثل هذه التحوّلات الشاملة، فعلوا ذلك أحيانا في أوقا ت أزمات تستدعي السرعة في الإنجاز وحركوا فرق عمل داخلية وخارجية بشكل يسمح لهذه الفرق باختراق المعتاد من الأنظمة والإجراءات ليصلوا إلى المعلومات والبيانات والتجارب والخبرات المتاحة للخروج بأفضل الخيارات.

ويصحب هذا الدور دور آخر وهو “تحسّس احتياجات الآخرين” داخل التنظيم وخارجه، وهو الدور الثاني، ولسنا بصدد التوسع فيه، ويكفي أن نقول أن كلا الدورين ينتج عنهما دور ثالث يتضمن اتخاذ القرار، وهو دور “تحدّي الواقع”، هذا الدور ليس مجرد عشوائية تجريبية في ثوب جديد، وإنما نابع من ثقة القائد بأن الدورين الأوليين غذّيا القرار الناتج وأن بإمكانه إثبات نجاحه؛ وهو بذلك يخاطر ويغامر حيث يرى ما لا يرون ببصيرته القيادية النّفّاذة.

هذه الأدوار الثلاثة تشكل المرحلة الأولى من مراحل القيادة النيوكارزمية والتي تسبق أي تحرك في أرض الواقع وهي صمّام أمان وثقة في القيادة التي لم تترك وسيلة إلا واستخدمتها لدراسة الواقع في أثناء التعامل مع الأزمة بكل هدوء وتماسك قبل إعلان القرار.

س/ من هو القائد المتميز؟

يتسم بالإيثار وتقديم منفعة للآخرين، ومن ذلك مجتمعه وأمته ومرجعيته الأخلاقية، فلا يظلم ولا يكذب ولا يتعدى على حقوق الآخرين وإنسانيتهم، وإنما ينضبط سلوكه في إطار ذلك، ووفقًا لأدوار معينة في مراحل معينة أحددها بالتفصيل في بحثي، وتستلزم سلوكيات تهدف في النهاية لتحقيق رؤية مثالية تختلف في مضمونها ونتائجها عن أي رؤية قيادية سابقة لها. فالقائد النيوكارزمي هو صانع تحول كامل في المفاهيم الحالية يتحدى بذلك المعتاد، ولكن ليس لنفسه أو ليُقال فعل، وإنما ليترك التنظيم أفضل حالًا مما كان عليه عندما قدم إليه.

س/ مررنا خلال الفترة الماضية وما زلنا بما اكتنف العالم من فيروس.. ما وجهة نظركِ في هذا الجانب؟

يبدو أن العزلة والتخويف المستمر من المرض والموت من حولنا في هذه الشهور السّابقة لعبا دورًا في ازدياد حالات الارتباك النفسي Panic Attack. ووجدت نفسي أكتب عن دور المشاعر في حياتنا وكيف تصنع قراراتنا في كل لحظة ابتداءً من قيادة الذات، لقيادة الآخرين، لقيادة المجموعة، وأخيرًا القيادة الإستراتيجية على مستوى الأعمال والتنظيم.

ولعلي أركّز هنا على القيادة الذّاتية، حيث إنّ كل قائد مهما عظم منصبه ومسؤولياته ليتمكن من القيام بدوره لا بد أولاً أن يقود ذاته.

لم يعد الأمر فقط الحماية من الفيروس، بل أصبح كل إنسان تقابله في الشارع فيروس بذاته، ينبغي تجنبه وترك التفاعل معه. وفي حقيقة نفسك تشعر بالخوف ليس أكثر، ويتضاعف هذا الشعور عندما يعطس أو يكح لدرجة أصبحت لغة جسمك توحي بالتقزز من هذا الشخص، وبالتالي يشعر الناس بالألم من التواصل مع بعض، خاصة في الأماكن العامة.. فما دور قيادة الذات في الأمر؟

في كل مرة ترد إليك خاطرة حول إمكانية أن يكون الشخص أمامك يحمل العدوى، تحفز هذه الخاطرة الشعور بالخوف وينتج عن الشعور ردة فعل طبيعية وهي (الهروب).

قيادة الذات عندنا: يعني أن تغير أولاً هذا النسق المقيد، والمؤدي إلى نتائج قد تعود عليك في علاقاتك وعملك بالفشل.

الهروب في النهاية ليس حلاً، وأنت تعرف ذلك، ولكن الوقاية هي الحل، ولكي تستطيع أن تخترق هذا النسق وتغيره، عليك أولاً أن تحدد ما هو الشعور الإيجابي الذي ترغب في أن يحل محل الخوف؟ ثم تسأل نفسك متى عادة تشعر بهذا الشعور؟ وتتعرف أخيرًا على الفكرة التي تكمن خلف الشعور الإيجابي المرغوب.

يبقى أن تتمرن على توليد الشعور الإيجابي قصدًا في أوقات مختلفة غير وقت التعرض لحافز الخوف، إلى أن يتولد هذا الشعور بنفسه، ويصبح مجرد اختيار في أي وقت. تأتي بعد ذلك مرحلة تنفيذ الاستبدال في الأوقات الصعبة تحت ضغوط شديدة أو متوسطة، وهنا ستحتاج إلى شيء من التريث والتقدم بحذر واستعداد كامل.

وفي النهاية، القيادة الذاتية: أن تتمكن من توجيه أفكارك ومشاعرك لتتحرر أولاً من كل ما يقف أمامك، لتتمكن من تحقيق خططك التي تعود بالنفع عليك وعلى الآخرين.

س/ هنالك الكثير من القضايا التي تحف مجتمعنا.. ما أهم قضية ناقشتها خلال كتاباتك هذه الفترة؟

قد يكون لموضوع (كوفيد 19) يد في ذلك؛ حيث تخلّى الكثير من أرباب العمل عن موظَّفيهم، ولكن هذا ينطبق فقط على أصحاب الأعمال الصغيرة أوالخاسرة وتبقى شريحة كبيرة من المنظّمات محليًّا في قوة مالية مدعومة بشتّى الطرق، وتمارس أعمالها كما في السّابق. لنبدأ أولًا بحقيقتين:-

الأولى: أنّ رب العمل يخسر كثيرًا ليوظف شخص واحد ويخسر أكثر بالتّخلّي عنه والبحث عن غيره.

الثّانية: أنّ الرّاغب في التّوظيف أجهده وأضناه البحث، وحالته المالية سيّئة، واستعداده لأن يبذل أقصى ما في جهده ليستقرّ في وظيفة عالٍ، فإذا كان كلاهما متفانٍ في الحفاظ على الآخر، فأين تكمن حلقة الوصل والتي بناءً عليها ينخفض عدد البطالة (-1) في المؤشّر؟.

من خلال استقصاء شخصي بسيط لعدد من المبتعثين في الولايات المتحدّة، والذين يتاح لهم فرص العمل أثناء الدّراسة وبعد التّخرج قبل الرجوع للوطن اتضح لي أن الجميع يفضّل العمل قبل الرّجوع وكان السّبب:

(1) كل رئيس عمل يطلب خبرة لا تقل عن عامين في الوطن بينما يقبلني رئيس العمل في الولايات المتحدة بلا خبرة.

(2) يبذل جهد في تدريبي على رأس العمل من خلال مينتور أو موجّه (كوتش) فأتعلّم أكثر وأسرع.

(3) يدفع لي مالا يقل عن راتب البعثة أو أكثر، مما لن أجده في أي وظيفة أرجع لها بدون خبرة.

 

ولكن يشتكي كثير من الموظِّفين من تدنّي مهارات وأخلاقيات المهنة لدى المواطن، ولا يعني هذا أن ندير ظهرنا له؛ فتوظيف المواطن مسؤولية ويتطلب أن يقوم ربّ العمل الموظِّف بتدريبه وتأهيله، ولكن كيف؟

تدلّ الاحصائيات العالمية أن أفضل تدريب وتنمية جدارات تتم على رأس العمل وبالذّات تلك التي يتبعها توجيه (كوشتنج) مباشر من المشرف أو الرئيس. وتجربتي الشّخصية كباحثة وموجّهة قيادية في جميع المستويات محلّيا وعالميا أثبتت لي أن كلّ من يمرّ معي بالتّوجيه يتميّز ويتعلّم (إن كان شابّا موظفا) أو يصبح قادرًا على احتواء وتوجيه موظفه (إن كان قائدًا). القائد النّيوكارزمي لا يقتصر على تحسّس الاحتياجات بصمت بل يملك جدارات ذكاء المشاعر المتقدّمة والتي على رأسها “التّفهم” Empathy بمستوياته الثّلاثة وهي نفسها جدارات أي موجّه معتمد عالي المهارات.

ومن هنا نستنتج أن ما ذكرت أعلاه لا يكتمل إلا بتغيير جذري لدى صنّاع القرار من القادة أولًا بتوظيف حديثي التخرّج بفترة تجريبية وبشرط الأداء وغير ذلك، برواتب عادلة ومنصفة ولو بدون خبرة، وأخذ المخاطرة فيهم وتدريبهم على رأس العمل وتوفير موجّهين لهم. حيث إنّ ثقافة التّوجيه محلّيا شبه معدومة؛ فلا بد أن يتبنى القائد التّوجيه بشكل شخصي ويكون هو أوّل من يتدرّب مع موجّه ليتمكّن من الصّنعة. والملاحظ أّنّ ميزانية التطوير تذهب للتدريب والدورات التدريبية والتي أثبتت الدراسات أنها قد تكون مضيعة للوقت إذا لم ترتكز على تحليل احتياجات دقيق أو تقييم جدارات مقنّن ومدروس من خلال إحصائيات ودراسات ( كتلك التي يستخدمها مزودوا التقييمات العالمية).

 

ومن هنا ندرك سبب البطالة: انعدام قدرة القائد على التّوجيه واقتصاره على أساليب منفّرة ومسببّة لمشاعر سلبية تجعل مغادرة الوظيفة والبحث عن غيرها أمر حتمي، وتجعل خسارة رب العمل في البحث عن موظف آخر خسارة فادحة وترفع رقم البطاله (+1) في المؤشر. أو رفض ربّ العمل أن يتعب مع المواطن ويبذل جهد في تأهيله وتوجيهه.

لا تنسَ أخي القائد صانع القرار أن تتجاوز عن موضوع الخبرة السّابقة وتستبدله بتوجيه مستمر على رأس العمل وتستبدل الدّورات التدريبية ذات الرّفاهية والميزانيات الضّخمة بموجّه قيادي يعمل معك على مدار السّاعة ليكسبك أنت أوّلا مهارات التّوجيه ويكسب فريق عملك وكل من يعمل لديك قوّة القيادة النّيوكارزمية، فالقدوة هي أقوى طرق التّأثير!

س/ مع انطلاق رؤية 2030 كيف ستحقق دكتورة غادة هذه الرؤية؟

هناك عدد من الأساليب التي أصل بها لعقول الناس وقلوبهم من خلال منشورات سمعية في القيادة وقناة في اليوتيوب، وفي منصتي في أكاديمية المواهب العالمية “وجه أفكارك ومشاعرك” ومن خلال النشر والكتب التي أكتبها، ولكن الأهم من ذلك: جلسات التوجيه القيادي المتخصصة والتي تعود بأقوى نفع وتُحدث تحولًا في التصورات الذهنية وفي سلوكيات القيادة عمليًا.

ما شغفكِ وطموحكِ المستقبلي؟

بجانب القيادة، أن أتحدى كل الصعوبات لأصل لأهدافي ورؤيتي وهي التأثير في مليون قائد.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى
Link partner: gaspol168 sky77 koko303 zeus138 luxury111 bos88 bro138 batman138 luxury333 roma77 ligaciputra qqnusa qqmacan gas138 bola88 indobet slot5000 ligaplay88