إسبوعية ومخصصةزوايا وأقلام

دفُء وشاح 

بردٌ قارس، ومدفأة، وكوب قهوة، وليلٌ هادئ، صوت الرياح يهزُّ زجاجَ النوافذ، والضبابُ بدأ يقترب من الأرض، ويطردُ البخار أنفاسي، وَترتجف يدي، واقشعرَّ بدني من نفحاتِ البرد.

ليلٌ وقتـهُ طويل

ليلٌ وضعهُ ساكن

ليلٌ لطيفٌ حنون

ليلُ ذكرى وَسَمَرِ

ها أنا اقترب منْ أريكتي،

أبحثُ عن دفءٍ يلملمُ أطرافي، ويدفّئ جسدي البارد!

فإذا بعطر وشاحي يعانقُ أنفاسي!

أتساءل خوفًا من التلحفِ به

وبين صراع خوفٍ وبردٍ مددتُ يداي

فإذا بي أضمُمُه بكلّ شوقٍ وأمان!

ضممتهُ!

احتضنتُه!

واستنشقتُ رائحته فشعرتُ بأمانه وحنينه

وبدأت حلقاتُ مسلسلٍ تستعرض شريطَ ذاكرتي

وبدأت سهرهُ تواكبُ ليلي الطويل وتؤنس وحشته؛

واستئثار مشاعري وَحنيني بدأ يتسللُ شيئاً فشيئًا، ويعيدُ لي ذكرى كادت أن تتلاشى من مخيلتي،

وأُجْبِرَ لسان قلبي أن يتحدث؛

فجأة ابتسمت، وابتسمت

وما زلتُ أبتسم!

أمازح نفسي على هراء صنعته بيدي، وعلى ماضٍ قد طشتُ فيه ولم أبالي، وعلى لهوٍ أعادني طفلة، وعلى مواقف كنْتُ فيها مراهقة

بدأ وشاحي فعلًا يحفزُ مُخيلتي

ويتعمقُ بذاكرتي ويعبثُ بسكوني

حنينُ مؤلم

دموعُ عيناي

نبضاتُ قلبي تتسارع

أين أصحابي ورفاقي؟

أين أبنائي وبناتي؟

أين الضحكات وَ السمر؟

أصبحت ذكرياتُ عابرة، تمّر لتعكرَ صفّوي، وتُحركَ سكينتي كُلها، أصبحت قِصص أرويها وأتسلى بها مع نفسي، وأشخاص لم يعد لهم وجودُ في حياتي

كانت ضحكات الأنُسٍ تطوي يومي، وباتتِ الآن تؤلمني،

ومقالبُ الأمسِ التى تضحكني، وها هي اليوم تزعجني،

ما زالت الحلقاتُ تُعرض وَالشريطُ يسير، وأنا أتـابع ما بين صمّتٍ، وابتسامة، ودموع، وتشّويق، واستذكار؛

مضى الليل، وانتصف، وقرُبَ الصبحُ، وبدأ النعاسُ يدغدغُ حواسي.

وأنا أنتظر حلقات الشريط الأخيرة، لعل نهايتها جميلة، وإن ما أنا فيه الآن حلمُ وليس بحقيقه،

لكن؛

غلبني النعاسُ بين طياتِ وشاحي، وغشاني النوم

وعندما أصبحتُ أيقنتُ أنني بواقعي الذي أعيشهُ

وما حدثَ ليلهُ البارحة، إنما هو استرسال مع عطرِ وشاح، لا أكثر ولا أقل!.

بقلم/ فوز السهلي

مقالات سابقة للكاتبة

عزف في عزوف

دهشة غيمة

أرجوحة امرأة

لا تحاربني

حنين صمت!

مقالات ذات صلة

‫50 تعليقات

  1. قصيدة يتضح منها وحدة البيت الشعري، ووحدة القصيدة، في صورة إبداعية سلمت قريحتكم الباذخة

  2. هذا الشعر المميز له مضمون وأسلوب ولغة تتناغم مع الوزن والقافية التي جعلت من القصيدة إبداعية

  3. نلاحظ في هذا الشعر استخدام اللُّغة العربيّة الفُصحى البسيطة ذات المعاني الواضحة، وهذا جعل منها قصيدة مميزة

  4. لأبيات ومافيها من الخيال، والتّصوُّرات، والأساليب. جعلت مما كتبته مميز ننتظر جديدكم

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى
Link partner: gaspol168 sky77 koko303 zeus138 luxury111 bos88 bro138 batman138 luxury333 roma77 ligaciputra qqnusa qqmacan gas138 bola88 indobet slot5000 ligaplay88