الأدب والثقافةفن و ثقافة

أبو نواس شاعر الخمر

أبو نواس شاعر الخمر -أبو نُوَاس أو الحسن بن هانئ الحكمي شاعر عربي، يعد من أشهر شعراء عصر الدولة العباسية وكبار شعراء شعر الثورة التجديدية. يكنى بأبي علي وأبي نؤاس والنؤاسي. وُلد في الأهواز سنة (145هـ / 762م). ونشأ في البصرة، ثم انتقل إلى بغداد واتّصل بالبرامكة وآل الربيع ومدحهم، واتصل بالرشيد والأمين. وقد توفي في بغداد سنة (198هـ / 813م). شعر أبي نواس صورة لنفسه، ولبيئته في ناحيتها المتحرّرة، فكان أبو نواس شاعر الثورة والتجديد، والتصوير الفنّي الرائع، وشاعر خمرة غير منازع. ثار أبو نواس على التقاليد، ورأى في الخمرة شخصًا حيّاً يُعشق، وإلاهةً تُعبد وتُكرم، فانقطع لها، وجعل حياته خمرةً وسَكْرة في موكب من الندمان والألحان، ينكر الحياة ويتنكر لكل اقتصاد في تطلّب متع الحياة. شاعر الملاحظة الدقيقة والإحساس العنيف، شاعر الهجران الذي يكثر من الشكوى. وهكذا كان أبو نواس زعيم الشعر الخمري عند العرب. ولكنه تاب عما كان فيه واتجه إلى الزهد، وقد أنشد عدد من الأشعار التي تدل على ذلك.
أبو نواس شاعر الخمر -صحيفة هتون الدولية

أبو نواس، الحسن بن هانئ الحكمي، ولد عام 763م بالأهواز من بلاد خوزستان، وعاش بالبصرة، كان والده من جند مروان بن محمد الأموي، ومن هناك انتقل إلى العراق بعد زوال ملك مروان، ثم لجأ إلى قرية من قرى الأهواز، وهي التي فيها وُلِدَ فيها. كان جده مولى الجراح بن عبد الله الحكمي والذي آنذاك كان أمير خُراسان فنُسِبَ إليه.

أبو نواس شاعر الخمر -صحيفة هتون الدولية

توفّي والده وهو في السادسة من عمره، فأرسلته أمّه إلى عطّار ليعمل عنده، إلا أنّه بعد العمل كان يرتاد إلى مجالس العلم والشعر، إضافة إلى أنّ العطّار نفسه تكفّل تربيته ورعايته، فشجّعه على الذهاب إلى الكُتّاب لحفظ القرآن، وتعلّم الشعر لتتفتّح قريحته، وساقه القدر ليتعرّف على الشاعر الفاحش والبة بن الحبّاب، فسافرا معاً إلى الكوفة، وعَمِدَ والبة على تعليم أبي نواس قرض الشعر، فزارا المجالس العلمية والأدبية ومجالس الشعراء التي كانت تضمّ الشعر القديم والتفاسير والنقد الأدبيّ
أبو نواس شاعر الخمر -صحيفة هتون الدولية
تناول أبو نواس في شعره معظم الأغراض الشعرية، من مديح، وهجاء، ورثاء، وعتاب، وغزل، إلا أنّه تميّز بوصفه للخمر حتّى لُقّب بشاعر الخمر. أما شعره فقد تميّز بسهولة الألفاظ، ولين العبارات، وخفّة التركيب، وسلاسة المعاني، بعيداً عن الغريب والحشو والفظّ والجاف، كما أن له الفضل في إضافة صور وكلمات جديدة على الشعر العربي عامّة، وتصوير الخمر خاصّة. ويجدر بالذكر خروجه على تقاليد القصيدة العربية، ورفضه للصنّعة والتكلّف في الوصف
كان أبا نواس يصف ما يراه في عينه بالألفاظ المناسبة ويغمرها بالبيان وروعة المعاني، كان يصدُق في التشبيه والتعبر بوصف الخمرة، له قصائد كثيرها في وصف الخمرة ومنها ( دع عنك لومي فان اللوم إغراء).
مناسبة هذه القصيدة أن أبا نواس كان يتلقى دروس على يد إبراهيم النظام في الاعتزال عن الخمر، كما عُرف عن النظام وهو من أئمة وفقهاء عصره، حيث كان إبراهيم النظام يوجه اللوم إلى أبا ناس بإن يترك الخمره ويبعد عن الشرب وقد كان يحذره من عقاب الله تعالى لمن لا يتوب إليه، ويقول له أن الله يغفر لمن يتوب.
أبو نواس شاعر الخمر -صحيفة هتون الدولية

ففي هذه القصيدة كان أبو نواس يجهر في إعجابه وتمتعه بالخمرة، كما عُرف عن أبو نؤاس أنه لم يسر على ما سار عليه الشعراء، حيث كان مخالفاً لهم، ففي شعره لم يصف حب المرأة بل كان يصف ويجهر في حبها وعشقها للخمرة، فقد قال بإعجابه وتمتعه بالخمرة هذه الأبيات من القصيدة ( لئن هجرتك، بعد الوصل ازوى،…)، حيث تُعد هذه القصيدة من القصائد الخمرية التي نُظمت على البحر الوافر وكان يجاهر بها ويذكر صفاتها على أنها صافية، وأيضاً لم يتوقف على وصفها وحبه لها بل كان يعبدها، حيث وقف أبا نواس وقفةً على أنها طبيخ الشمس ليست طبيخ النار، فقد قال:

لئن هجَرتْك، بعد الوَصْل، أرْوَى ، فلمْ تهـجُـرْكَ صـافيَـة ٌ عُـقـــارُ فـخذْها من بناتِ الكرْمِ ، صِـرْفـاً ، كعينِ الـديكِ يعلوها احـمـرَارُ شــراباً ، إنْ تُـزاوِجْـهُ بـمـــاءٍ تــوَلّـدَ منـهُـمـا دُرَرٌ كِــبـــــارُ طبيخُ الشمسِ، لم تطْبُخْهُ قِدْرٌ بماءٍ، لا ولم تلْذَعْه نارُ على أمثـالها كـانتْ لِـكِـسْـرى أنوشِرْوانَ تتَّجِرُ التّجَارُ إذا المخْـمـورُ بـاكـرَهَـا ثـلاثاً، تَـطَـايَـرَ عـنْ مَـفَــاصِــلِهِ الخُمـارُ وهَـاتِ فـغَـنّني بيتي نُصَيْـبٍ ، فـقـد وافـانيَ القـدَحُ المــــدارُ : ” ولولا أنْ يقـالَ صـبَـا نُـصَـيْـبٌ، لـقـلتُ بـنـفـسيَ النَّـشءُ الصّغـارُ “ «بنفسيَ كلّ مهْضُومٍ حشاهَا، إذا ظُلِمَتْ، فليسَ لها انتِصَارُ»

أبو نواس شاعر الخمر -صحيفة هتون الدولية

عُرفت حياة أبو نواس باللهو والمجون، هذا الأمر ظهر جليّاً في شعره الذي خصص فيه جزءاً كبيراً منه في وصف الخمر، إلى جانب غزله الدائم بجارية كانت تسمى (جنان) كان قد هام بها ونظم عنها الكثير من الأشعار، إلّا ان أكثر ما قاله المؤرخون فيه أنّه تاب في آخر سنواته، الأمر الذي ظهر واضحاً في شعره، خاصّة في القصيدة التي وُجِدَت أسفل مخدّته عند موته،  يقول فيها:

أبو نواس شاعر الخمر -صحيفة هتون الدولية
يا رب إن عظمت ذنوبي كثرة فلقد علمت بأن عفوك أعظـمُ إن كان لا يدعوك إلا محسـن فمن الذي يرجو ويدعو المجرم أدعوك رب كما أمرتَ تضرّعاً فإذا رددتَ يدي فمن ذا يرحـم ما لي إليك وسيلة إلا الـرّجـا وجميل عفوك ثمّ أني مُسـلـم.

أما وفاته فاختلفت الآراء فيها؛ فقال البعض إنّه توفّي في السجن، بينما قال آخرون أنه نزل في بيت إسماعيل بن نوبخت الذي دسّ له السم ليتخلّص من لسانه السليط
أبو نواس شاعر الخمر -صحيفة هتون الدولية

أبو نواس شاعر الخمر -صحيفة هتون الدولية

لم يلبث أبو نواسٍ أن توفي في عام (199هـ / 813م)، قبل أن يدخل المأمون بغداد، واُختلف في مكان وفاته أهي في السجن أم في دار إسماعيل بن نوبخت. وقد اُختلف كذلك في سبب وفاته وقيل إن إسماعيل هذا قد سمّهُ تخلصاً من سلاطة لسانهِ. وذكر الخطيب البغدادي، صاحب كتاب تأريخ بغداد، في الجزء السابع، صفحة 448، إن الشاعر أبو نؤاس دُفن في مقبرة الشونيزية في الجانب الغربي من بغداد عند تل يسمى تل اليهود وهي مقبرة الشيخ معروف حالياً.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى
Link partner: gaspol168 sky77 koko303 zeus138 luxury111 bos88 bro138 batman138 luxury333 roma77 ligaciputra qqnusa qqmacan gas138 bola88 indobet slot5000 ligaplay88