الأدب والثقافةفن و ثقافة

أبو العلاء المعري .. رهين المحبسين

أبو العلاء المعري ..رهين المحبسين -هو أحمد بن عبد الله بن سليمان القضاعي التنوخي المعري، شاعر ومفكر ونحوي وأديب من عصر الدولة العباسية، ولد وتوفي في معرة النعمان في محافظة إدلب وإليها يُنسب. لُقب بـرهين المحبسين أي محبس العمى ومحبس البيت وذلك لأنه قد اعتزل الناس بعد عودته من بغداد حتى وفاته
ولد المعري في معرة النعمان (في سوريا حالياً، ينتمي لعائلة بني سليمان، والتي بدورها تنتمي لقبيلة تنوخ، جده الأعظم كان أول قاضٍ في المدينة، وقد عرف بعض أعضاء عائلة بني سليمان بالشعر، فقد بصره في الرابعة من العمر نتيجة لمرض الجدري. بدأ يقرأ الشّعرَ في سن مبكرة حوالي الحادية عشرة أو الثانية عشرة من عمره في بلدته معرة النعمان، ثم ذهب للدراسة في حلب، وغيرها من المدن الشامية. فدرس علوم اللغة والأدب والحديث والتفسير والفقه والشعر على نفر من أهله، وفيهم القضاة والفقهاء والشعراء، وقرأ النحو في حلب على أصحاب ابن خالويه، ويدل شعره ونثره على أنه كان عالماً بالأديان والمذاهب وفي عقائد الفرق، وكان آية في معرفة التاريخ والأخبار. وقال الشعر وهو ابن إحدى عشرة سنة. أخذ المعري النحو وشعر المتنبي عن محمد بن عبد الله بن سعد النحوي. وهو أحد رواة شعر المتنبي.

أبو العلاء المعري .. رهين المحبسين -صحيفة هتون الدولية
يعتبر المعرّي من أعظم فحول الشعر، وهو من الشخصيّات الفذّة والمتميزة في الأدب العربي؛ شكلّ انقلاباً على التقاليد الثقافية التي كانت سائدة في عصره، وكان مَنْ وضع هذه التقاليد ورسخها من سبقه من شعراء وأدباء العرب؛ فجاءت أشعاره تعبيراً عن تجاربه الخاصة، ومشاهداته في الحياة، وتأملاته في الوجود، وكان لهذه الأشعار دورٌ هام في رفعة شأن الأدب في الوقت الذي عمّ فيه الجهل، وانتشرت فيه الخرافات بين الناس
أبو العلاء المعري .. رهين المحبسين -صحيفة هتون الدولية

ورد في رواية ابن خلكان أنّ نسب أبي العلاء المعري هو أحمد بن عبد الله بن سليمان بن محمد بن سليمان بن أحمد بن سليمان بن داود بن المطهر بن زياد بن ربيعة بن الحرث بن ربيعة بن أنور بن أسحم بن أرقم بن النعمان بن عدي بن غطَّفان بن عمرو بن بريح بن خُزَيمة بن تيْم الله بن أسد بن وبرة بن تغلب بن حلوان بن عمران بن الحاف بن قضاعة التَّنوخيُّ المَعَرّيُّ؛ وتعتبر هذه الرواية من أدق الروايات في نسب أبي العلاء المعري مقارنةً مع غيرها من الروايات التي جاءت في كتب الأنساب؛ إذ كانت هنالك روايات أخرى مثل رواية ياقوت في “إرشاد الأريب” التي أسقطت بعض الأسماء، وخلتْ من الترتيب
أبو العلاء المعري .. رهين المحبسين -صحيفة هتون الدولية

سمَّى أبو العلاء المعري نفسه «رهين المحبسين» للزوم منزله وذهاب بصره، وكان مقتنعًا بالقليل غير راغبٍ في الدنيا، فأَكْلُه العدس وحلاوته التين، ولباسه القطن وفراشه لباد، ومكث بضعًا وأربعين سنة لا يأكل اللحم.

كان أبو العلاء المعري وافر البضاعة من العلم، غزير المادَّة في الأدب وإمامًا فيه حاذقًا بالنحو والصرف، وكان له حدَّةٌ في الذكاء والفهم وقوَّة الحافظة، وأمَّا اللغة وحِفْظ شواهدها فكان فيها أعجوبةٌ من العجائب؛ حتى قيل: إنَّه كان بالمشرق لغويٌّ وبالمغرب لغويٌّ في عصرٍ واحد لم يكن لهما ثالث وهما ضريران؛ فالمشرقي: أبو العلاء المعري، والمغربي: ابن سيده الأندلسي، وقد سُئِل أبي العلاء المعري بمَ بلغت هذه الرتبة في العلم؟
أبو العلاء المعري .. رهين المحبسين -صحيفة هتون الدولية

إنَّ عبقريَّة أبو العلاء المعري تكمن في فلسفته؛ فهو فيلسوف عصره وشاعر زمانه، له كثيرٌ من التصانيف المشهورة والرسائل المأثورة في ضروبٍ مختلفة، فمنها: كتاب “لزوم ما لا يلزم” أو “اللزوميَّات”، و”رسالة الغفران” وهي أشهر مؤلفاته، وكتاب “فقرات وفترات” أو “فصول وغايات”، و”الأيك والغصون في الأدب”، و”رسالة الملائكة”، و”أدب العصفورين”، و”استغفر واستغفري”، و”تاج الحرة: في عظات النساء”، و”تعليق الجليس”، وغير ذلك من المؤلَّفات والتصانيف التي زادت على خمسة وخمسين مصنَّفًا كما ذكر.
أبو العلاء المعري .. رهين المحبسين -صحيفة هتون الدولية

تلقّى المعري بداية تعليمه على يد والده كما سبق ذكره، وقيل إنّه نظم الشعر ولم يتجاوز الحادية عشرة من العمر، ثمّ انتقل بعد ذلك إلى حلب لطلب المزيد من علوم اللغة وآدابها، وهناك التقى نخبة من العلماء الذين تتلمذوا على يد ابن خالويه، ومنهم: محمد بن عبدالله بن سعد النحوي الذي أخذ منه شعر المتنبي، ويحيى بن مسعر الذي أخذ منه اليسير من علوم السنة، وتنقّل بعد ذلك بين طرابلس واللاذقيّة وأنطاكيّة من أجل الاستزادة من العلم، وفي عام 383 هجري عاد مرةً أخرى إلى بلدته، وظلّ فيها خمسة عشر عاماً إلى أن قرر السفر إلى بغداد عام 398 للهجرة، وفي هذه الفترة لم يأخذ المعري علمه من أحد
أبو العلاء المعري .. رهين المحبسين -صحيفة هتون الدولية

مرض أبو العلاء المعري، وبعد ثلاثة أيامٍ من مرضه تُوفِّي، وكانت وفاته في يوم الجمعة الثالث عشر من شهر ربيع الأول سنة (449هـ= 1057م)، وكان عند وفاته له من العمر ستة وثمانين سنة، وقيل إنه عند موته وقف على قبره سبعون شاعرًا أنشد كلٌّ منهم قصيدةً يرثيه بها
أبو العلاء المعري .. رهين المحبسين -صحيفة هتون الدولية

https://alhtoon.com

عاش المعري بعد اعتزاله زاهداً في الدنيا، معرضاً عن لذاتها، لا يأكل لحم الحيوان حتى قيل أنه لم يأكل اللحم 45 سنة، ولا ما ينتجه من سمن ولبن أو بيض وعسل، ولا يلبس من الثياب إلا الخشن. حتى توفي عن عمر يناهز 86 عاماً، ودفن في منزله بمعرة النعمان.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى
Link partner: gaspol168 sky77 koko303 zeus138 luxury111 bos88 bro138 batman138 luxury333 roma77 ligaciputra qqnusa qqmacan gas138 bola88 indobet slot5000 ligaplay88