زوايا وأقلاممشاركات وكتابات

الإخراج الصحفي لغة إبصارية دالة

يعد الإخراج الصحفي أحد أهم التخصصات التي تناولتها البحوث الصحفية على امتداد تاريخها في مصر منذ فترة الخمسينات من القرن الماضي وحتى اليوم، وذلك بعد أن وضع جيل الرواد في مصر أسس الإخراج الصحفي بدءًا من الأستاذ الدكتور/ أحمد حسين الصاوي، ثم الأستاذ الدكتور/ فؤاد أحمد سليم، والأستاذ الدكتور/ أشرف صالح، لتتاح بعد ذلك الفرصة للباحثين استكمال سلسلة التطور في هذا الفرع من الدراسات الصحفية.

وترتبط أهمية الإخراج وظيفيًّا بجوانب عدة ذات ارتباط وثيق بوظيفة الصحافة، وبدور الإخراج في التعبير عن جانب الشكل الذي تقدم به المضامين الصحفية المقدمة، ولا شك أن الإخفاق في تقرير العلاقة بين الشكل والمضمون والتفاعل بينهم يسئ إلى فن الإخراج الصحفي ويصيب الصحافة إصابة خطيرة في الصميم.

ويعرف الإخراج الصحفي بأنه أحد خطوات إصدار الصحيفة، وهي الخطوة المتصلة بالمظهر الخارجي للمطبوعة الصحفية وشكلها الفني، فهو عملية فنية لها طابع جمالي خاص تحمل في طياتها بعدًا وظيفيًّا مهمًّا، ويرتبط الإخراج بمفهومين رئيسين:

١/ التصميم: الذي يمثل أول العوامل التنفيذية في العملية الإخراجية، فهو حجر الأساس لكل العمليات الإخراجية المختلفة وبدونه ينهار كيان الصحيفة من الناحية الشكلية، وتفقد التماسك العضوي بين صفحاتها، ويقصد بعناصر التصميم الأساسي تلك العناصر التي تستخدم بإنتظام، وبدون تغير في الصحيفة من عدد لآخر، فهو الهيكل العام الثابت، وهو جزء لا يتجزأ من شخصية الصحيفة،

٢/ التوضيب: الذي يختص بتوزيع الوحدات الطباعية (الحروف والعناوين والنصوص والأشكال والصور والخرائط وغيرها) وترتيبها في حيز الصفحة وإختيار ألوانها بأسلوب يجذب القارئ لقراءتها ويلفت إنتباهه إلى ما فيها، وبقدر التناسب والتناسق بين هذه العناصر بعضها البعض، وبينها وبين محتوى كل صفحة من الناحية التحريرية، يشعر القارئ أن هناك وحدة كلية تنتظم فيها جميع العناصر.

ويعتبر مقياس الانقرائية (القابلية للقراءة السهلة) أهم مقاييس النجاح الصحفي، فالصحيفة تصدر ليقرأها الناس، من هنا فإن الإخراج الصحفي الجيد يسهم في إزدياد إقبال القراء على الصحف، ويلعب دورًا كبيرًا في أن تبدو الصحيفة جذابة ومنافسة وتلبي احتياجات القارئ، ولأن الصحيفة مقروءة فهي تتعامل إذن مع القراء من خلال حواسهم البصرية لا السمعية، كالراديو مثلاً، وبالتالي فإن شكلها النهائي الذي يصل إلى القراء يراعي الأسس البصرية في عملية الرؤية والأسس النفسية في عملية الإدراك.

ولكل صحيفة شخصيتها التحريرية التي تحددها من خلال سياسة واضحة تحدد أجندة قضاياها وطريقة المعالجة والقوالب الفنية وحتى ما تستخدمة من عبارات وألفاظ، وبنفس المستوى تحدد كل صحيفة لنفسها سياسة إخراجية تحدد كيفية التعامل مع المضمون بصريًّا، ويتأثر شكل الصحيفة بمدى التزامها أو بعدها عن خطوط تلك السياسة. وعلى هذا فالإخراج الصحفي ينتهي دوره بوضع شخصية إخراجية تميز صحيفة أو مجلة عن أخرى، وذلك في ظل التنافس الشديد بين الصحف والمجلات، لتصبح الشخصية الإخراجية للصحيفة أو المجلة أهم عناصر المنافسة خاصة بين الصحف المتخصصة ذات المضمون الواحد، بما يحقق للصحيفة التميز والتفرد، ويحقق للقارئ لغة ابصارية دالة.

وقد تطور الإخراج الصحفي تطورًا كبيرًا منذ نشأة الصحافة حتى الآن، ولا شك أن للتكنولوجيا الحديثة في الإخراج الصحفي تأثير ضخم على الصحافة المصرية والعربية والعالمية على حد سواء، خاصة بعد ظهور الصحف الإلكترونية والمواقع الإخبارية التي وظفت خصائص شبكة الإنترنت وخدماتها في إنشاء وإخراج مواقعها وصفحاتها بشكل جذاب يلفت أنظار المستخدمين ويدفهعم إلى استخدامها ومتابعتها.

وبصفة عامة.. تحرص وسائل الإعلام على الإخراج والجوانب المتعلقة بالشكل والتصميم؛ لأهميتها وارتباطها الوثيق بالمضمون، وقوة تأثيرها على القارئ أو المشاهد، فنجد قنوات التلفاز تستخدم أحدث تقنيات البث والعرض في تقديم البرامج، والإذاعات تجذب المستمع هي الأخرى عن طريق الأصوات فائقة الوضوح، وكذلك هو الحال بالنسبة للصحف الورقية أو الإلكترونية، وهو ما يؤكد على أن الرسالة الإعلامية لا تكتمل بالتحرير فقط، وأن الإخراج والتحرير بينهما علاقة تكاملية مترابطة مهما كان نوع الوسيلة الإعلامية.

بقلم/ د. شيماء عادل

دكتوراه الإعلام جامعة الزقازيق   

مقالات ذات صلة

‫49 تعليقات

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى
Link partner: gaspol168 sky77 koko303 zeus138 luxury111 bos88 bro138 batman138 luxury333 roma77 ligaciputra qqnusa qqmacan gas138 bola88 indobet slot5000 ligaplay88