قراءة في قصة “براد الشاي”.. قصة قصيرة للكاتب حامد الشريف
تنتمي القصة إلى تيار الواقعية الجديدة التي تظهر المفارقة العميقة، والصراع المركب على مستويات عدة من خلال حركة حدث داخلية، وخارجية مرسومة بدقة، وانسيابية، وحذاقة فنية، وبساطة متناهية تقتضيها طبيعة القصة القصيرة الكثيفة، والمركزة.
العنوان: وهو العتبة النصية الأولى، تركيب إضافي وصفي لأداة صنع الشاي يلازم الطبقات الاجتماعية كافة، لكنه ينسحب واقعيًّا ليكون رفيقًا للطبقات الكادحة لأنه يعبّر عن فترة استراحة، أو فاصل قصير يستعيد فيه العامل أنفاسه ليتابع بعدها مسيرة عمله الشاقة، وهو ينسحب دلاليًّا في القصة ليكون تعبيرًا عن مرافقة طويلة الأمد لسهرة طويلة يقتضيها عمل الرجل العجوز كما تلمح القصة، وتشف وصفيات الكاتب.
العنوان بدلالة عامة يوحي بالطمأنينة والرضا والبساطة.
تبدأ القصة من قلب الحدث، فالكاتب يضعنا مباشرة في مواجهة بين الشخصيتين الفاعلتين باستخدام الفعل الماضي، وهو الفعل الأكثر استخدامًا في القصة لما يتيحه من إمكانات تقديم الحدث بثبات وتحقق، وقدرة على التعبير عن الاستمرارية ودوام التأثير في بعض الأحيان.
الجملة الاستهلالية: عبارة بديعة، مرهصة، مشوقة، تختزل الكثير من مقولات القصة: (وقف على مسافة ليست ببعيدة عن تلك البوابة المغلقة بأبوابها الحديدية العملاقة)
وقوف، ومسافة، وبوابة عملاقة تفصل بين عالمين.
الجملة الاستهلالية تستخدم تقنية تحديد الفضاء المكاني للحدث، إذن نحن أمام مكانين متقابلين غامضين، يشوقنا الكاتب لنعرف ماذا وراء هذه البوابة، وهذا التقابل/ المواجهة.
وتغرقنا بتساؤلات عن طبيعة هذا التقابل ونتيجته.
تتسلسل بعدها القصة في وصف مراقبة دقيقة تقوم بها الشخصية الأولى للشخصية الثانية، حيث يتركز وصف الكاتب عليها، فالوصف يقدم تفاصيل دقيقة عن الشخصية، العمامة، الثوب، تجاعيد الوجه، وكل وصف ينقل القارئ من نطاق الوصف الحسي إلى نطاق التخيل، والشعور، ويترك مجالًا واسعًا لتخيل القارئ للشخصية في عملية تحضيرها الرائقة للشاي ببراد متسخ، إذًا فالرجل عامل أو حارس ليلي، عجوز رث الثياب، لا تفارقه الابتسامة رغم تقلبه في ثلاثة أنواع من السواد: (سواد الليل، سواد الموقد، سواد الإبريق)، لينقله الكاتب في نهاية القصة إلى معاناة من سواد القلب للشخصية المقابلة الرجل الغني.
الزمان: يبدو أنه ليلاً أثناء نوبة حراسة العجوز للبوابة الحديدية، فيبدو التقابل بين فضائين مكانيين يرمز كل منهما لطبقة اجتماعية:
– الأولى: فقيرة، باهتة، معدمة، رثة، يمثلها العجوز.
– الثانية: غنية، مترفة، مرفهة، يمثلها المراقب بسيارته الفارهة وحذائه اللامع.
يتصاعد الحدث ويتنامى لينفجر في قفلة القصة، حيث لا يكتفي الغني بالتلصص، والمراقبة الحيادية؛ بل يقوم بدافع من حنقه، وحسده بركل براد الشاي في سلوك يرمز للقدرة، والرغبة والمبادرة في الإيذاء، وفض طمأنينة، وسعادة هذا الحارس البسيط، في إشارة هامة لما ترمي إليه القصة: الطبقات الغنية لا تكتفي بمراقبة نمو الطبقات الفقيرة وهناءتها؛ بل تقوم بتخريب أي مظهر من مظاهر سكينتها، وسعادتها، فقط تلبية لرغبة داخلية في تعميق معاناة هذه الطبقة، ومصادرة أي محاولة لتحقيق السكينة، والسعادة في عيشها.
وذلك بترميز عميق لسيطرة الحذاء اللامع، وقدرته على سحق براد الشاي، المسود، المتسخ، لكن يبدو هنا سرّ عبقرية الكاتب في اختيار العنوان، فالبقاء في النهاية لبراد الشاي، وليس ذلك فحسب بل قام بتوسيع دلالة البراد وتعميقها لتبقى طويلًا في وجدان القارئ، ويترك بعدها أثرًا يرافق القارئ كلما نظر إلى براد شاي الأداة البسيطة التي لايؤبه لها؛ إذ قام الكاتب بتحويلها إلى رمز قائم في وعي القارئ يذكره بالقصة ويخز خاصرته بإلحاح لفهم طبيعة المواجهة الأبدية بين الغِنَى والفقر.
لا يفوتنا أن نذكر -حتى لا يكون الكلام تعميمًا- أن الفرضية القصصية هنا تقتضي حالة خاصة من الأغنياء المحرومين من السعادة، القابعين داخل عالمهم النحاسي، القاسي، الجبان، ولا ينطبق هذا على الجميع، فلربما نجد أغنياء على صورة مغايرة، وكذلك الأمر بالنسبة للفقير الذي يبدو هانئًا، راضيًا، سعيدًا، مطمئنًّا، وهذا ليس حال جميع الفقراء.
القصة نجحت في تقديم شكل نمطي للمواجهة المفترضة بين الغِنَى والفقر في شروط الفرضية القصصية التي اختارها الكانب بعناية، ونجح بها إلى حد بعيد.
الحوار ليس موجودًا.. فالسرد وصفي بامتياز، اعتمد على إيصال الحدث عن طريق الوصف والرسم الدقيق للعوالم والشخصيات.
اتسمت لغة الكاتب بالقوة، والرصانة، والانسيابية مع قوة بلاغية رغم أنه لم يلجأ إلى الشكل البلاغي المتكلف، بل كانت لغة قصصية برع الكاتب فيها، خصوصًا في بناء الجملة باقتضاب مدروس، فهو يفصّل الكلام على قدر المعنى الذي يريده، وظهر التفصيل الشديد في وصف شخصية العجوز، وأظن أن هذا مقصود من قبل الكاتب ليعلن انحيازه، وإعجابه بهذه الشخصيات النمطية التي ترمز للطبقة الكادحة، أمام تغييبه للوصف الدقيق للشخصية المقابلة، واكتفائه بإظهار رمزي لها من خلال السيارة الفارهة، والحذاء اللامع، فالمقصود أن هذه الطبقة تظهر أفعالها، وسلوكياتها العنيفة المؤذية، وتبقى هي متوارية خلف ظاهرها البراق، وهذا مستوى آخر من المواجهة بين الداخل الطيب والنقي للفقير رغم ظاهره المتسخ، والباطن الأسود الحاقد للغني رغم ظاهره اللامع.
القصة تحتمل الكثير ليقال، فمثلًا في حركة الأفعال ودواعي استخدامها؛ فالفعل الماضي وتناوبه مع المضارع في منظومة دقيقة هدفت لتوطئة الحدث وتقديمه وتوسيعه، عملية مدروسة بعناية، وتنم عن مقدرة لغوية ممتازة: (حاول، أقدم، ابتسم، اقترب، أشار، ركل، قفل، يوقف، يستعرض، تعصف …إلخ). كذلك استخدام الكاتب الصفات لتوسيع الفكرة: (يده النافرة، عيونه الغائرة، وجهًا تضرمته التجاعيد، …). يمكن الحديث عن التكثيف، والترميز، والدلالات، والإشارات السيميائية.
التكثيف سمة هامة:
من سمات القصة، فالكاتب اكتفى بوصف لحظة المواجهة المبطنة دون أن نعرف أية معلومات عن الشخصيتين الفاعلتين، حتى دون ذكر أسماء؛ في تعميم واضح لنمطية الشخصية واختزالها لطبقة ورمزيتها لموقف فكري، وإنساني معين.
تأتي القفلة لتتوج القصة وتفضح الفكر التخريبي الحاسد الذي تحمله فئة من الأغنياء تستكثر السعادة أو حتى الوهم بالسعادة عند الفقراء.
ركل براد الشاي وقفل راجعًا.. حطم طمأنية العجوز، وعاد إلى عالمه الحجري المصقول البراق.
القصة نموذجية جدًّا في فن القصة القصيرة.
بقلم/ عبير عزاوي
شيئ رائع حقا
قمة في الاداء
جعلت مما كتبته مميز ننتظر جديدكم
ننتظر هذا الإبداع باستمرار
الحس الأدبي لديك وتفوق الصياغة
هذا النص يعبر عن الذوق الفني
مشاعر صادقة ننتظر الجديد
سلمت أناملك وذوقك
ننتظر الجديد منك
القدرة الإبداعية اللغوية الخلاقة تتجاوز حدود التقليدية
أرفع لك قبعتي إعجابًا
مستوى فنّي رائع قد يتفوق على كثير
أبدعت كثيراً
ياسلام على هندسة الكلمات
هذا النص الذي يسلب القلوب والمشاعر
جعلتني اصفق لك بقوة
استمر نحن الفانز و جمهورك
كلماتك أخذت بمجامع القلوب وفعلت الأعاجيب
تنطق بنفسها من جمالها
احاسيس تفوق الوصف
نتمنى نقرأ لك أكثر وأكثر مثل هذا الإبداع
بوركت الأبيات الجميلة الخلابة
ياسلام ياجمال يااحلى كلام
روعه في الأداء
ننتظر المزيد والمزيد
اكثر من رائع حقا
شيء أكثر من رائع ومييز
بركتم في مجد وكرامة
من نجاح الي نجاح
الي الامام علي طول الخط
خطوة نحو القمة والمجد
مزيد من التقدم والرخاء
حياك الله ورعاك
يعطيك العافية اخي
عمل وجهد رايع
دمتم فخرا وعزة
اتفق معك الراي
ابداع وتالق واضح
مزيد من التألق والتقدم
ابداع و كلام جميل
اداء وأسلوب غاية في القمة
صورة إبداعية سلمت قريحتكم الباذخة
يستحق الإشادة والتحية
صورة إبداعية سلمت قريحتكم الباذخة
اداء وأسلوب غاية في القمة
ننتظر منك المزيد والمزيد
ابداع و كلام جميل
مزيد من التألق والتقدم
اداء راقي ومتميز
ممتاز وعظيم
عمل جيد فعلا
الي الامام دائما
حياك الله
كاتب متمكن امتلك ادوات الكتابة وطوعها لخدمت المهتم بالمجال الأدبي .