جيل الغدقصص وأناشيد

قصة ( استراحة بعد تعب )

في غابة كبيرة بها أشجار كبيرة وكثيفة يسكن فيها جميع الحيوانات الأليفة والشرسة، ومن بين تلك الحيوانات، يعيش النمر “مجاهد” مع ابنه “ميسور” في بيت يقطن في وسط الغابة بجانبه بحيرة كبيرة من الماء.
وكل صباح يستيقظ الأب “مجاهد” بكل همة ونشاط ليمارس مهنة الصيد، ثم نادى على ابنه ليوقظه معه، فأخذ “ميسور” يتقلب على الفراش بكسل واستياء واضح، فهو يكره القيام مبكرا مثل والده، ولكن الأب كان مصرًا على إيقاظ “ميسور” وأخذه معه إلى الصيد.
فقام “ميسور” من شدة إلحاح والده له لإيقاظه وقال بغضب:
لما أنت مُصر يا أبي!! وتابع قائلاً في تذمر: كل يوم أخرج معك مبكرًا، وأتعب في الصيد، وأنت نمر قوي تستطيع أن تصطاد بمفردك! أنا أريد أن أشعر بالراحة.
قال أبوه بابتسامة: لأني أحبك، وأريدك أن تكون مثلي، تتحمل عبء الحياة بكل سهولة.
قال “ميسور” في استياء: اذا كنت تحبني فعلاً ستتركني ارتاح ولا تحرمني من النوم، وانا لازلت صغيراً على تحمل مشقة الحياة.
رد أبوه قائلاً: الحياة مليئة بالمغامرات والمتعة والتعب، ويجب عليك أن تعتاد على جوانب الحياة من يوم ولادتك.
ثم تذكر النمر “ميسور” صديقه “سهلان” وقال بغيرة يختلط معها الحزن:
ولكن صديقي النمر “سهلان” لا يتعب ولا يشعر بإرهاق، وينام كثيرًا، ويخرج أبيه ويأتيه بألذ الطعام، ما أسعده، وما أتعسني. وأخذ “ميسور” يبكي بشدة وقال: أرأيت كيف يحبه أبيه “ريحان” ولا يرضى له التعب ولا الشقاء.. !!
نظر “مجاهد” الى ابنه وقال وهو يربت على كتفيه: كفاك يا بني، لا تبكي، أتعلم، غداً سوف تكبر وتصبح نمرًا قوي البنيان، ووقتها ستعتمد على نفسك بكل سهولة، لأنك اعتدت على ذلك منذ الصغر، فيصبح الأمر سهلاً عند الكبر.
لم يعجبه كلام أبيه وأصر على قوله: ولكن ما زلت صغيرًا ولدي وقت كاف لأتعلم ممارسة الصيد.
ابتسم الأب وقال: إن الأيام تمر بسرعة يا ولدي، وستكبر بسرعة، ووقتها ستندم على ما فاتك من أيام غير مفيدة ولم تستغلها في التعرف على جوانب الحياة.
قال “ميسور” في عنادٍ واضح: ولكني أرى أن محبة النمر “ريحان” لابنه “سهلان” أكبر من محبتك لي!!
ابتسم الأب “مجاهد” وقال: مع مرور الأيام ستعرف كم كنت أحبك .. ولازلت .. وسوف أوقظك كل يوم لتتعلم معي الصيد.

في اليوم التالي … بعد عودة “ميسور” من الصيد مع ابيه، أخذ يمشي بمفرده شارد الذهن فيما يفعله أبيه معه كل يوم على عكس صديقه المدلل، وتحدث مع نفسه بحزن:
لماذا يعاملني أبي هكذا، ياليتني كنت مثل “سهلان” لا تعب ولا مشقة.

سمع “ميسور” صوت صديقه “سهلان” وهو يناديه من بعيد، فالتفت له وقطب جبينه بغيره واضحه منه،
فقال “سهلان”: مرحبًا يا ميسور، كيف حالك؟ وكيف كانت جولتك اليوم مع أبيك ؟
نفخ “ميسور” بفمه وقال بنفاذ صبر: بخير .. وكيف حالك أيها المدلل؟
قال “سهلان” : انا بخير.. أخبرني فيما كنت تفكر؟
لا شيء !
بلى أخبرني.. نحن أصدقاء أليس كذلك ؟
قال بغضب : حسناً .. سأخبرك .. كنت أفكر في الشقاء الذي أعيش فيه، كل يوم يوقظني أبي لأذهب معه للصيد تحت أشعة الشمس المحرقة، ويحرمني من الراحة والنوم.
قال “سهلان” بحيرة واضحة: وهل ترى أن هذا شقاء ؟ كنت أظنك سعيداً بعملك مع أبيك !
اندفع “ميسور” في الحديث قائلاً: انا لست سعيد .. أنا أريد أن أكون مدلل مثلك ويأتي أبي بالطعام ويوقظني لآكل فقط وليس لأتعب كل يوم، وأحرم من النوم اللذيذ!
قال “سهلان” بتساؤل: وما فائدة وجودك في الحياة إن لم تتعب وتمارس أنشطة كثيرة وتتعرف على كل شيء حولك ؟!
قال “ميسور” بصدمة من كلام “سهلان”: أأنت تقول هذا ! حسناً لماذا تعتمد على أبيك ؟ ولماذا أراك تنام طويلاً!! أخبرني ألست سعيد بهذه الراحة ؟
قال “سهلان” بحزن: لا ، أنا لست سعيداً بكوني ابن مدلل يستيقظ كل يوم في أي وقت ويأتي إليه الطعام وهو على فراشه.. انا اشتاق الى العمل مثلك.
ثم قال “سهلان” فجأة عندما جاءت فكرة في عقله: لدي فكرة .!
ما هي؟
ما رأيك أن نتبادل الأدوار، انا سآخذ مكانك وأنت ستأخذ مكاني !
قال “ميسور” بفرح: هل ستأتي لتعيش مع أبي وتذهب معه للصيد، بينما أنا سأذهب لأعيش مع أبيك بدون تعب .. هل أنت جاد !!
قال “ميسور” : نعم .. واليوم سنعرض على أبوينا الفكرة.
موافق.

في المساء..
قال النمر “سهلان” لأبيه: أريد أن أخبرك شيئاً يا أبي.
تفضل يا بني.
لقد فكرت كثيرًا واليوم أخذت القرار، بأن أذهب لأعيش مع النمر “مجاهد” والد صديقي، أريد أن أتعلم مهنة الصيد.
غضب الأب وقال: كيف !! أنت لازلت صغيراً، وهذا الأمر صعب عليك، ولأن أتركك تتعلم مع نمر غيري.
قال “سهلان” بحزن: حنانك الزائد يمنعني عن ممارسة أنشطة الحياة، دعني أرى واتعلم واخطأ، فأنا خلقت لهذا، وليس للكسل والنوم.
ودارت بينهما أحاديث كثيرة حول هذا الأمر حتى وافق الأب “ريحان” بصعوبة.
في تلك الأثناء كان الابن “ميسور” يتحدث مع أبيه حول هذا الأمر، فغضب ايضا والده، ولكنه وافق وقال له: حسناً سأتركك للنوم والراحة، وسوف ترى أن هذا ليس مصدر للسعادة، وخير دليل على هذا، صديقك الذي يتلهف ليتعلم مهنة الصيد فهو يعرف قيمة الحياة.

وبالفعل تم تبادل الأدوار…وكلا منهم يستعد ليبدأ صفحة جديدة في حياة جديدة يحبها ويشتاق إليها .. !
في البداية ، كان “ميسور” سعيداً بكل هذا النوم والراحة واللعب والمرح، وكل ما يفعله هو أن ينام كثيراً ويأتي الأب “ريحان” يوقظه ليأكل.. بينما ، كان النمر “سهلان” سعيدا بالنشاط الذي يفعله كل يوم، وأصبح يستيقظ مبكرا على غير عادته، ويذهب مع “مجاهد” ليتعلم مهنة الصيد التي حرم منها سنين كثيرة..
فقال الأب “مجاهد”: أنتي سعيد بنشاطك يا بني.
فقال “سهلان” : كم كنت أتمنى أن أتعلم شيء جديد غير اللعب، ولكن ابي كان يمنعني خوفاً علي !
قال “مجاهد”: والدك مخطأ، هذا حب ضار، وانا سعيد بأن لديك عزيمة قوية، وتعلمت الصيد حتى صرت ماهراً فيه.

بعد عدة أسابيع..
تقابلا الصديقان في طريق الغابة، كان “سهلان” تبدو عليه السعادة، والنشاط والحيوية، فلاحظ ذلك “ميسور” الذي كان يشعر بخمول شديد في جسده،
فقال: أراك نشيطاً يا “سهلان” هل عمل أبي أعجبك لهذه الدرجة؟
قال “سهلان” بفرحة: وأشعر بسعادة بالغة أيضاً، لقد تعلمت حرفة جميلة أكسبتني الاعتماد على نفسي.
قال “ميسور” بكسل وحزن: ولماذا انا لا أشعر بالسعادة التي كنت أظنها؟
قال “سهلان” : هل تعرف لماذا لا تشعر بالسعادة؟
لماذا ؟
لأنك لا تفعل أشياء جديدة، وحياتك روتينية، فقد تلعب وتمرح وتنام ويأتيك الطعام وأنت مكانك لا تتحرك لا تمارس أي فعل جديد.
أومأ برأسه وقال بحزن: أنت محق.
أشار “سهلان” إلى بقعة مياه راكدة تملؤها العفن وقال: انظر بجوارك، الى تلك البقعة الراكدة التي لا تتحرك.وتابع وهو يشير إلى بركة المياه: بينما انظر الى تلك المياه المتحركة التي لا تتوقف لحظة، وان توقفت عن الحركة ملئتها الجراثيم والعفن.
قال “ميسور” بتعجب: وما علاقتي بكل هذا ؟
أجابه “سهلان” : أنا وأنت جزء من هذا الكون، خلقنا لنعمل ونتحرك ونتعلم أشياء كثيرة ونكتسب صفات جميلة، أن الحركة والعمل سنة الحياة، حتى الأرض التي نعيش عليها تتحرك وان توقفت توقف الليل والنهار فلن تشرق الشمس ولن يأتي الليل ويتوقف كل شيء.
قال “ميسور” وهو يتفهم ما يقوله صديقه: معك حق يا “سهلان”.
حسناً، أخبرني ماذا قررت الآن؟
قال “ميسور” بعزيمة: سأعود إلى العمل مع أبي.

وبالفعل عاد “ميسور” للعمل مع أبيه، ففرح الأب بعودته، بينما عاد “سهلان” الى ابيه، وأخبره بمغامراته ففرح هو الآخر وأدرك أن ولده على صواب، واقتنع بأن الحيوية والحركة هي أساس السعادة، ومنذ ذلك الوقت كل يوم يوقظ ابنه “سهلان” للصيد معه، وأيضا الأب “مجاهد” يوقظ ابنه “ميسور” فيقوم بكل نشاط ليذهب للعمل معه بلا جدال أو نقاش.
وهكذا انتهت القصة التي تعلمنا منها أن الحركة والنشاط هما أساس الحياة والسبيل الوحيد للراحة، ونحن قلنا من أجل ذلك.

أطلق العرب هذا اللفظ على عدة معان، أحدها قريب من الفن الذي نعرفه اليوم بهذا الاسم. وكان العرب قديماً يطلقون عليه عدة أسماء، مثل الحديث، والخبر، والسمر، والخرافة. وأقدم قصص عربية مدونة ما أورده القرآن عن الأمم الغابرة، تسرية عن النبي ، وإنذاراً للكفار، وإن كان لعرب الجاهلية قصصهم، كما تبين أخبار النضر بن الحارث وغيره. ولما عني المسلمون بالقصص القرآنية وتفسيرها وتكملتها، نشأ القصص الديني الذي اختلط بالقصص المسيحي واليهودي. وعني الخلفاء الأولون بالقصاص الذين كانت مهمتهم الوعظ في السلم، والتحريض على الاستبسال في الحرب، فعينوا لهم الرواتب، وأباحوا لهم التحدث بالمساجد – وإن كان المتشددون من رجال الدين لم يرضوا عنهم لعدم تحريهم الصدق

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى
Link partner: gaspol168 sky77 koko303 zeus138 luxury111 bos88 bro138 batman138 luxury333 roma77 ligaciputra qqnusa qqmacan gas138 bola88 indobet slot5000 ligaplay88