قصر البديع .. معلمة تاريخية في قلب مراكش
تفوح رائحة التاريخ عبقة في قصر البديع الواقع في مدينة مراكش، الذي يقف شاهداً على عظمة الحضارة المغربية وأمجادها. سمي قصر البديع لأن الكثير من جدران غرفه مزينة بنوع فاخر من الزليج. بناه السلطان السعدي أحمد المنصور الذهبي بعد تولّيه الحكم احتفالاً بانتصاره على البرتغاليين في معركة وادي المخازن عام 1578. وقد تولى حكم دولة السعديين في المملكة المغربية من سنة 1578 م إلى سنة 1603 م، واستمرت أشغال البناء في القصر نحو 16 عاماً. وشارك في عملية البناء والتزيين عمال مهرة تم استقدامهم من مختلف المدن المغربية، كما أشرف عليهم أمهر المعماريين والفنيين والمهندسين من المغرب ومن البلدان المجاورة، ومن بينها إسبانيا والبرتغال.
اقرأ المزيد من صحيفة هتون الدولية
اختار السلطان المنصور الجهة الشمالية الشرقية لتشييد هذا القصر، ويرجع سبب إنشائِه الأساسي أنّ السلطان المنصور كان يريد أن يقيم موقعًا واسعًا بعمارةٍ مميزةٍ رغبةً في أن تُقام الحفلات فيه، وتُنظم المؤتمرات والاستقبالات الرسمية للبلاد. هذا وقد بدأ القصر عمله في يناير 1579 ميلاديًا، وداوم على أشغاله مدة ستة عشر عامًا.
يتواجد قصر البديع بساحة مركزية كبيرة، ويتواجد بها بركة كبيرة مائية آتية من نافورة تتوسطها، وعلى الجوانب هناك روضتان مليئتان بالأشجار والورود، وأحواض مائية أخرى أصغر حجمًا، وهناك جناحان مربعا الشكل، يرتفعان أيضًا وسط ضلعي الساحة، إلّا أنّه لم يبقَ منهما آثارًا إلّا لواحدٍ فقط، وقد كانا مغطيين بقبة بينما يحملهما اثنى عشر عمودًا ضخمًا، وهي مشابهة كثيرًا للعمدان التي ترفع قبة القاعة الكبرى لمقابر السعديين في مراكش.
كما يشير تصميمٌ برتغالي قديم الأثر يعود بتاريخه إلى عام 1585 ميلاديًا إلى أنّ القصر كان محاطًا بسورٍ من زواياه الأربع مدعمًا بأبراجٍ، وأنّ دخول القصر كان يتم من خلال أبوابٍ عديدة، لكن الباب الرئيسي يتواجد في الزاوية الجنوبية الغربية للقصر، وعلى جوانب الساحة الطويلة كانت تمتد أجنحة متعددة ومستطيلة في شكلها، ويُذكر أنّ أهم تلك القاعات قاعة الخمسينية، والتي كانت تستقبل الزوار وتقيم الاحتفالات بشكل رسمي، ولا زالت موجودةً في مكانها بالزاوية الشرقية بالقرب من باب القصر الرئيسي، وأيضًا من أهم القاعات قاعة البلور والخيرزان والذهب.
رغم حالة الخراب التي حلت بقصر البديع الآن بسبب الزمن وعوامله، إلّا أنّه لا زال محتفظًا برونق بعضٍ من أشيائِه القليلة، فلا زال هناك بعض الزخارف التي كانت تزين جدرانه وترتسم على أرضيته وأسقفه، وتقول المصادر التاريخية أنّ المواد البنائية التي استخدمت في تشييد القصر هي من الرخام الذي جُلب من مدينة بيز الإيطالية، وأيضًا الجبس المزخرف المصبوغ، والجزع من مختلف الألوان، وهناك أيضًا آثار للتيجان الذهبية، والسقوف الخشبية. هذا بالإضافة إلى النوافير والبرك المائية الجميلة.
قصر البديع هو قصر بُني في نهاية القرن السادس عشر، ويقع في مراكش بالمغرب. بناه السلطان السعدي أحمد المنصور الذهبي شهورا قليلة بعد تولّيه الحكم احتفالا بانتصاره على البرتغاليين في معركة وادي المخازن عام 1578. مع استمرار البناء والتزيين معظم فترة حكمه، تم تزيين القصر بمواد مستوردة من بلدان عديدة من إيطاليا إلى مالي، واختار أحمد المنصور الزاوية الشمالية-الشرقية لبناء هذا القصر الذي خُصِّصَ لإقامة الحفلات وتنظيم الاستقبالات الرسمية. كان القصر جزءًا من مجمع قصور السعديين الأكبر الذي يحتل منطقة القصبة في مراكش.