أثر الحروب في تدمير البيئة
اقرأ المزيد من صحيفة هتون الدولية
اندلعت الكثير من الحروب على مر الأزمنة والعصور، وتُعرّف الحروب على أنها حالة من الخلاف والنزاع بين طرفين أو أكثر، والتي تنطوي على أعمال عدوانية قد تكون مدتها طويلة وحجمها كبير ونتائجها مدمرة،لذا تندرج تحت مسمى أعمال العنف، وعادةً ما يكون اللجوء إلى الحرب كحل أخير في حال عدم القدرة على التوصل إلى حل سلمي، وغالبًا ما تنتهي عند استنزاف الطرف الأضعف كل ما يملك ويصبح غير قادر على الاستمرار في القتال والمواجهة. ومن أبرز الآثار التي تتركها الحروب على البيئة عامةً هي؛ تلوث المياه والتربة، بسبب المخلفات الكيميائية للأسلحة والصواريخ المستخدمة في الحرب، بالإضافة إلى تلوث المياه الجوفية بسبب تخزين الذخائر بالقرب منها، وتلوث الهواء نتيجة انبعاث الغازات السامة والدفيئة، وتدمير الحياة البرية، نتيجة الصيد الجائر وتدمير مواطن الحيوانات، والجفاف والتصحر، نتيجة القطع الجائر للغابات.
ما زالت الأسلحة النووية منذ بداية نشأتها، وأثناء مراحل تطوّرها، وحتى الآن مَصدراً للخطر والخوف بسبب الآثار التي قد تُخلِّفها في البيئة خلال إنتاجها أو تجريبها، إذ تتضمّن عملية صُنع الأسلحة النووية واختبارها إطلاق نشاط إشعاعي بكميات هائلة في البيئة، بالإضافة للمُخلّفات الناتجة عنها، والتي يتمّ التَّخلّص منها في مصادر المياه والتربة، ممّا يؤدّي إلى تلويثها، كما أنّ انفجار قنبلة نووية قد يُسبّب أضراراً وخيمة للمُدن، والسُّكان، والبيئة، وذلك تِبعاً لبُعد القنبلة عن الهدف، فكلّما زاد القُرب منها زاد الضرر.
ينتج عن انفجار القنبلة النووية موجة حرارة وضغط شديدين، ممّا يؤدّي إلى إشعال الحرائق، كما يتسبّب الانفجار بانهيار المباني، وموت أعداد من السُّكان، بالإضافة إلى إطلاق كمية إشعاع كبيرة تتمثّل بظهور غيوم من جُزيئات مُشعّة من الغبار، إلى جانب حطام القنابل، والتي تنتقل عبر الرياح إلى مسافات شاسعة، فتدخل إلى مصادر المياه مُسبّبةً تلوّثها، كما أنّها قد تؤدّي إلى حجب أشعة الشمس، ممّا يسبّب اختلال في درجات الحرارة، وخفض عملية التمثيل الضوئي في النباتات والبكتيريا، وهذا بدوره يؤدّي إلى إحداث خلل في السلسلة الغذائية، وانقراض في أشكال الحياة.
تترك الحروب آثارًا مدمرة على البيئة، وتوجد الكثير من الدول التي عانت من آثار الحروب، منها:
أفريقيا: عانت أفريقيا من العديد من أنواع الحروب، منها الأهلية والدولية، وأدت هذه الحروب إلى انتشار المجاعات، وفقدان التنوع البيولوجي بالإضافة إلى مشكلات الصرف الصحي.
اليابان: تعرضت اليابان في نهاية الحرب العالمية الثانية لأول هجوم نووي، إذ أُسقطت قنبلتان على منطقة هيروشيما أولًا ثم على منطقة ناغازاكي وكانت القنبلة الأولى مصنوعة من اليورانيوم والثانية من البلوتونيوم، وخلفتا وراءهما الكثير من الآثار المدمرة على البيئة، إذ أدت هذه الانفجارات إلى تلويث الهواء نتيجة اشتعال الحرائق وانتشار الحطام الإشعاعي، وأدت إلى قتل الكثير من الحيوانات والنباتات لحظة الانفجار أو بعد مرور فترة من الوقت بسبب سقوط الأمطار المحملة بالمواد المشعة، بالإضافة إلى أنها لوثت جميع المصادر السطحية للمياه.
روسيا والشيشان: تركت الحرب على منطقة الشيشان آثارًا مدمرة على البيئة نتيجة تسرب النفط إلى الأرض من المصانع التي تعرضت للقصف، كما دفنت روسيا النفايات المشعة في الأراضي الشيشانية مما أدى إلى تلوث التربة وتلوث مصادر المياه، إذ تخلو بعض الأنهار من مصادر الأسماك نتيجة تسرب النفط إليها.
أفغانستان: ما زالت أفغانستان تعاني من أثر الحروب والإرهاب حتى وقتنا الحاضر، إذ ما زالت القنابل الأرضية تسبب الوفاة للسكان، كما دمرت الحروب البنية التحتية للمياه التي أدت إلى التلوث الجرثومي وتلوث المياه الجوفية.
تركز دراسة الأثر البيئي للحرب على تطور الحرب وتأثيراتها المتزايدة على البيئة الطبيعية. استُخدمت سياسة الأرض المحروقة في معظم الحالات التاريخية المسجلة. ومع ذلك، فإن أساليب الحرب الحديثة تسبب دمارًا أكبر بكثير على البيئة الطبيعية، إذ أدى تطور الحرب من الأسلحة الكيميائية إلى الأسلحة النووية إلى زيادة الضغط المُطبق على النظم البيئية والبيئة الطبيعية. تشمل الأمثلة المحددة للأثر البيئي للحرب ما يلي: الحرب العالمية الأولى والحرب العالمية الثانية وحرب فيتنام والحرب الأهلية الرواندية وحرب كوسوفو وحرب الخليج الثانية.