تاروت ..كنز يحتفظ بأسرارخمسة آلاف عام
في جزيرة تاروت الواقعة في الخليج العربي وعلى بعد 6 كيلو مترات شرق مدينة القطيف تقع قلعة قديمة على قمة تل أثري تسمى (قلعة تاروت).
اقرأ المزيد من صحيفة هتون الدولية
وتاروت من المواقع القديمة التي يعتقد انها موطن للفينيقيين الاوائل قبل نزوحهم الى شواطئ البحر المتوسط. عثر في أسفل القلعة على آثار هامة يصل تاريخها الى 5000 سنة لتصبح بذلك أقدم مركز حضاري عرف في المملكة، حيث قامت بعثة دانماركية بالتنقيب عن آثار في هذا التل وكشفت عن أبنية ذات أربع طبقات سكنية شيدت بالحجارة المربعة الشكل وعثرت على بئر عميقة بجانبها حوض من الحجارة كما تم التقاط كسر فخارية على سطح التل وبعد الدراسة تبين انها تعود الى 3000 سنة قبل الميلاد تقريبا وعثرت كذلك على رؤوس وكسر فخارية قامت البعثة بدراستها وتصنيفها الى عصر حضارة العبيد حوالى 4500 سنة قبل الميلاد ومع مرور العصور واختلافها أصبحت المنشآت التي كانت قائمة على التل تتهاوى طبقة طبقة، مكونة بذلك فترات تاريخية متسلسلة وآخر تلك المنشآت القلعة التي وجدت من يساعدها على الصمود كالترميمات المختلفة وقد رممت القلعة من قبل البرتغاليين اثناء احتلالهم للمنطقة خلال بضع سنوات.
وفي بداية القرن السادس عشر، قام البرتغاليون ببناء قلعة تاروت الشهيرة وهي من القلاع العديدة التي بناها البرتغاليون للسيطرة على الخليج العربي ومساندة قلعة هرمز على مدخل الخليج. كما تم بناء عدة قلاع في عمان وخورفكان وجلفار. وفي عام 1551 و1552م هاجمت القوات التركية قلعة القطيف ونجحوا في طرد البرتغاليين. كما قامت القوات التركية بمهاجمة قلعة مسقط ودمروها ثم اتجهت القوات التركية الى البحرين وقامت بمحاصرتها لعدة اشهر ولكنهم لم يتمكنوا من السيطرة عليها فعادوا ادراجهم. ولكن في عام 1602م نجح الشاه عباس من طرد البرتغاليين من البحرين وانحسر المد البرتغالي على منطقة الخليج بتوقيع المعاهدة بين ايران والانجليز في عام 1635م وكذلك بوفاة القائد البرتغالي الذي عجّل بخروج البرتغاليين من منطقة الخليج.
إلا أن بعض الباحثين يرجحون بأن اهالي الجزيرة هم الذين شيدوها لتحميهم من هجمات البرتغاليين، وبعد ذلك اعيد بناؤها من قبل الاتراك عندما سلمت لهم، ولا تزال الى يومنا هذا شامخة في وسط جزيرة تاروت.
تضم جزيرة تاروت خمس قرى منفصلة عن بعضها، وهي تاروت منطقة سنابس الزور الربيعة دارين، وتعتبر الجزيرة من أهم الثغور البحرية لبلاد القطيف فكانت في العهود القديمة ذات ميناء ترسو فيه السفن القادمة من موانئ الخليج ومن بحر العرب ومن موانئ الهند.
وتاروت هي المدينة الأم التي سميت الجزيرة بها، ويحيط بها القرى الصغيرة التي تتبعها، وتعرف اليوم بالديرة، حيث إنها المركز الأساس للقرى التي استحدثت في فترات متفاوتة، وقد كان للديرة سور يحيط بها يصد هجمات المعتدين عنها، ويحد من الغرب حصن تاروت، الذي يعتبر الحصن الحصين في هذه الجزيرة وكان به أربعة أبراج، ويقع على ربوة عالية تعتبر أرفع مكان في الجزيرة، وللشمال منه يوجد عين تاروت الذي يعرف بالحمام وينبوع العين، وتسمى عين العودة، إذ كانت المورد المائي الوحيد سابقاً لجهة الجنوب.
وقد ظلت القلعة طوال هذه السنين صامدة في شموخ وقوة رغم العواصف العديدة التي مرت بها سواء من حيث عوامل التعرية أو من الحروب والصدامات الانسانية في سبيل الظفر بها، وفي صمودها دليل آخر على روعة الصنع ومتانته رغم أنها مبنية من الطين الفخاري وبعض الحجارة، وحاليا تقف القلعة في مقدمة مستقبلي، القادمين إلى تاروت وقد احيطت بعناية تامة من قبل الجهات الحكومية المسؤولة في سبيل المحافظة عليها باعتبارها إرثا إنسانيا يصعب التفريط به رغم حالة القلق الكبيرة التي تعتري أهالي تاروت خوفاً من سقوطها بعد أن بدت عليها مؤخراً عوامل الشيخوخة جراء تسرب المياه الجوفية أسفلها ممتدة الى الحمام البخاري القابع بجوارها الذي يستخدمه أطفال وشباب تاروت في الاستحمام.