«مدائن شعيب» … واحة منحوتة تروي حضارة الأنباط
تقع مدينة تبوك في شمال غرب المملكة العربية السعودية على بعد 225 كيلومترًا شمال غرب المنطقة في مدائن شعيب ، و الاسمان الآخران هما ميدان ومغاير شعيب.
تقع مدائن شعيب في محافظة البدع وإحدى محافظاتها غربي تبوك ، وكانت منطقة زراعية منذ عام 100 قبل الميلاد إلى 550 ميلاديًا ، واضطر سكانها للهجرة شمالًا من الناديين إلى البحر الأبيض المتوسط و تحدث عنها العالم اليوناني بطليموس ووصفها بأنها واحة خضراء وأطلق عليها اسم العيينة.
اقرأ المزيد من صحيفة هتون الدولية
وتتميز مدائن شعيب بالمنازل التي تمتلك شكل كهف منحوت في الجبل بطريقة هندسية رائعة ، ويرمز إلى آلاف السنين من الحضارة القديمة وفي هذه البيوت غرف مصممة بشكل جيد ، وهذه الغرف بناها الناس الذين يعيشون على هذه الأرض.
الزائر لمغاير شعيب يلحظ أن نحت البيوت هو من ناحية سفوح الجبال المائلة بطريقة عكسية تجنبا لدخول الأمطار داخل الغرف، أما موقع البيوت كلها فجاء في منطقة مرتفعة لتجنب مواجهة السيول، خصوصا أن مدين تقع في وادي عفال أحد الأودية الكبيرة في المنطقة نفسها، كما يصف خبير الآثار وائل العيسى.
ويرى خبير الآثار عبد الله العمراني أن الآثار التي تحتضنها مدين أو مغاير شعيب لا تقل أهمية تاريخية عن مدائن صالح في الحجر، بل إن المهتمين بتاريخ الآثار يعدونها توأمها، غير أن ما يميز مدائن صالح هو أنها أكثر صلابة من مدائن شعيب وربما يعود هذا إلى نوع الصخور بين المنطقتين؛ إذ تميل مدائن شعيب إلى نوع الصخور الجيرية.
ويشير أحمد العطوي خبير الإرشاد السياحي إلى أن مدائن شعيب تحدث عنها كثير من المؤرخين بمن فيهم الغربيون، ومما جاء في وصفهم أنها عبارة عن واحة قديمة منحوتة بالصخر لها واجهات تعود للحضارة النبطية، مضيفا أن «علماء التاريخ والحضارة والمهتمين بالآثار يعرفون مدى ما بلغته حضارة الأنباط من ازدهار وتطور في العصر الذي وجدوا فيه».
ويستدل العطوي ببقايا مدينة قديمة في الموقع نفسه وتعود لفترة قديمة قبل الإسلام ودخلت في مطلع الحقبة الإسلامية وتعرف بالملقطة. أما طريقة الحصول على الماء فقد وُجد آثار في الجهة الشرقية للمدائن يطلق عليها بئر موسى أو ماء مدين، رغم أن مدائن شعيب تعود إلى فترة ما قبل النبي موسى.
ويقول أحمد العطوي هنالك عدد من المستكشفين الذين وردت أسماؤهم في الوثائق التي اطلع عليها منهم: الرحالة منهم بوركهارت، وتشارلز دواتي، وأوغست والن، وتشارلز هوبر، ويوليس أويتنج، واليدي آن بلنت، والفرنسيان جوسين وسفنياك، والألماني موترز، ورتشارد بورتن، وألوس موزل، وغيرهم.
ويظل اسم الرحالة والمستشرق الإنجليزي هاري سنت جون فيلبي، الذي عرف في بعض الكتب العربية بالحاج عبد الله فيلبي أحد أبرز الأسماء التي زارت مدائن شعيب وكتب عنها أكثر من مرة بتفاصيل متعددة منها عام 1953، أي بعد زيارة الرحالة موسل بـ30 سنة.