#عمر بن الخطاب .. دولة العدل والفتوحات
اقرأ المزيد من صحيفة هتون الدولية
وحظي عمر (رضي الله عنه) – في طفولته – بما لم يَحْظَ به كثير من أقرانه من أبناء قريش، فقد تعلَّم القراءة والكتابة، ولم يكن يجيدها في قريش كلها غير سبعة عشر رجلاً. ولما شبَّ عُمر (رضي الله عنه) كان يرعى في إبل أبيه، وكان يأخذ نفسه بشيء من الرياضة، وقد آتاه الله بسطة من الجسم، فأجاد المصارعة، وركوب الخيل، كما أتقن الفروسية والرمي.
وكان عمر (رضي الله عنه) – كغيره من شباب “مكة” قبل الإسلام – محبًّا للهو والشراب، وقد ورث عن أبيه ميلاً إلى كثرة الزوجات، فتزوَّج في حياته تسع نساء، وَلَدْن له اثني عشر ولدًا (ثمانية بنين وأربع بنات)، ولم يكن كثير المال، إلا أنه عرف بشدة اعتداده بنفسه حتى إنه ليتعصب لرأيه ولا يقبل فيه جدلاً. وعندما جاء الإسلام وبدأت دعوة التوحيد تنتشر، أخذ المتعصِّبون من أهل مكة يتعرضون للمسلمين ليردوهم عن دينهم، وكان “عمر” من أشدِّ هؤلاء حربًا على الإسلام والمسلمين، ومن أشدهم عداء للنبي (صلى الله عليه وسلم) وأصحابه.
أسلم عُمر بن الخطّاب -رضيَ الله عنه- في السنةِ السادسة من البعثة، وكان عُمُره سبعةً وعشرين سنة، ويُعدُّ إسلامهُ بدايةَ مرحلةٍ جديدةٍ في الدعوة الإسلاميّة، وكان ممَّن هاجر علناً، وتحدّى بذلك جميعَ المُشركين، ويُروى في قصةِ إسلامهِ أنّهُ خرج لِقتل النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام-، فلَقيَهُ رَجُلٌ وأخبره بإسلامِ أُختهِ وزوجُها، فذهب إلى بيتِها، وكانوا يقرؤون سورة طه، فوثبَ على زوج أُخته، ولمَّا جاءت أُختهُ إليه دفعها دفعاً قوياً، فسال الدمُ منها، فرقَّ قلبهُ، وطلبَ أن يقرأ من القُرآن الكريم، فرفضت ذلك؛ لأنَّهُ غير طاهر. فتَطهّر -رضي الله عنه-، وقرأَ فواتح سورة طه، فنزلت في قلبه، وطلبَ مكان النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام- لكي يُعلن إسلامه، فوجدهُ في بيتٍ عند الصفا، فلمَّا دخل عليه، أخذه النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام- بِمجامعِ ثوبِه ووعظهُ وحثَّهُ على الإسلامِ، فتشهّد وأسلم، فكان إسلامهُ فتحاً للإسلامِ والمُسلمين، وفرجاً لهم، قال عبد اللَّه بن مسعود: وما عبدنا اللَّه جهرة حتى أسلمَ عمر.
مَنع عُمر بن الخطّاب -رضيَ الله عنه- غير المُسلمين من دُخولِ المدينة؛ مخافة إساءتِهم، ونيلِهم من المُسلمين، ولكنّّه سمحَ لبعض الأفراد من الفرس الذين خضعوا للحُكم الإسلامي بالدُخولِ إليها، ولكنَّهم كانوا يَحقدون على الإسلامِ، فاتّفق اليهود مع المجوس على ضرب الإسلام، وقتلوا قادة المُسلمين الذين يقدرون عليهم، فدخلَ المدينة رَجُلٌ يُسمّى أبا لؤلؤة بِطلبٍ من المُغيرة بن شُعبة -رضيَ الله عنه- للعملِ فيها بعد أن أخفى مجوسيّته، وأظهرَ خدمته للدّولةِ الإسلاميّة بما يُتقنهُ من صناعاتِ المِهن، وبقيَ يُراقبُ عُمر -رضيَ الله عنه- ويتحيَّن الوقت المُناسب لِقتله.