معك قروش؟
لطالما سألني صاحب البقالة الصغيرة في قريتنا هذا السؤال وأنا أمدّ له أصابعي بفتات النقود لأشتري حلوى البقرة أو بسكويت القشطة، وهما النوعين الموجودين لا غير عند (دغسان)٠
في نهاية كل شهر يحضر تاجر الجملة بسيارة مهترئة نسمع أنينها وهي صاعدة نحونا تغالب عقبة كأضراس وحش، نسأله عن حلوى البقرة أو إن كان قد أحضر أنواعًا جديدة من الحلوى أو البسكويت فلا يجيبنا ويكتفي بالإشارة إلى البقالة المزروعة بين بيوت بنيت من حصى غير منتظمة الأشكال ولم تغط بأي ملاط أو إسمنت، غير أن بعضًا من نسوة القرية يفزعن إليه وقد أوصينه أن يجلب لهن الصابون الممسّك أو مسحوق الحناء والفازلين الذي يرطب جلودًا قرّحها عملهن في المزارع وجلب الحطب من الجبال البعيدة أو رعي الغنم٠
نحن الصغار أطفال قرية جبل السحير كنا نمازح بعضنا فنقول لمن يطلب قطعة حلوى أو (قطمة بسكويت) من أترابنا ما يقوله لنا دغسان دائمًا: “معك قروش”؟.
بعد أن كبرنا وتفرقت بنا مناحي الحياة بقينا على تواصلنا وقد أوصلتنا لزمة دغسان تلك إلى أن نجمع المال ونمتلك المنازل الجميلة الواسعة والسيارات الفارهة، لكننا عجزنا أن ندرّب أبناءنا وبناتنا على استلهام تلك الحكمة أو العمل بها للأسف!.
بقلم/ محمد محسن الغامدي