إسبوعية ومخصصةزوايا وأقلام

ويل للمصلين

وصلني تسجيل صوتي مرئي (فيديو) لشاب يتحدث فيه عن سورة الكوثر، وأن آياتها ثلاث آيات، ومجموع كلماتها 10 كلمات، وكل آية تتكون من 10 حروف، وأن ذلك في المحصلة النهائية يدل على يوم النحر وهو العاشر من ذي الحجة.

وانبهر من أرسلوا لي ذلك الفيديو من المعجزة التي توصل إليها ذلك الشاب في سورة الكوثر، وأن ذلك يدل على عظمة القرآن.

– القرآن ليس بحاجة لمثل هذا وغيره ليثبتوا أنه كتاب عظيم، والشواهد كثيرة على عظمته وتفرده وتميزه لغويًّا وعلميًّا وتشريعيًّا.

– التسجيل الصوتي والمرئي (الفيديو) ليس اجتهادًا من الشاب الذي ظهر في الفيديو، فقد سبقه كثيرون يدّعون نفس الادعاء، وما هو إلا ناقل ببغاوي لما ما قاله من قبله.

– تنتشر مثل هذه التسجيلات القصيرة التي لا تتجاوز الدقيقتين في معظمها، وفي رأيي المتضخم أنها صحوة جديدة بلباس جديد، فالناس لم يعودوا مثل السابق متفرغين للجلوس للمواعظ التي كانت تتجاوز الساعتين في المساجد أو الاستراحات، لكن الآن بالإمكان تقديم جرعات سريعة (بنادولية المفعول) وتنتشر انتشار كوفيد 19 في الصين.

ذكر في بداية التسجيل (فليأتوا بسورة من مثله)، وهنا التحدي من الله سبحانه على الإعجاز اللغوي في القرآن، فنحن نعلم أن القرآن جاء ليغلب/ يتحدى العرب في شيء يتفردون به عن باقي الأمم، ألا وهي اللغة، ولم يأت لإعجاز عددي. والخطاب للعرب آنذاك في مجاراة تراكيب لغة القرآن ومعانيه إن استطاعوا.

– ظهر من زمن ليس بالبعيد ولا القريب ما يسمى (الإعجاز العددي في القرآن)، وبدأ من تبنى هذه الحركة أو التوجه بالبحث عن الأرقام في القرآن، ومحاولة لي عنق الآيات لتتوافق مع مذهبهم ومنهجهم ومقاصدهم ومآربهم، وأذكر أن أحدهم في منتصف الثمانينات ميلادي قدم رسالة ماجستير طُبعت في كتابين بنفس العنوان: (الإعجاز العددي في القرآن الكريم).

– ظهر التكلف فيما سمي متأخرًا بالإعجاز العددي، وبدأ هذا التكلف عند من تزعم هذا الأمر، واتخذته بعض الفرق الباطنية ذريعة وسندًا لآرائهم وضلالاتهم.

– افتقر هذا النوع من الدراسات إلى المنهجية العلمية، ووقع الخلط فيه ظاهرًا بين من يدعون البحث فيه، ولا أدل على ذلك من تخطئة بعضهم بعضًا، في قضايا كثيرة، لعل أشهرها: قضية الحادي عشر من سبتمبر، وعلاقة سورة التوبة بها.

– أعود لسورة الكوثر والادعاء بأن الأحرف غير المكررة هي (10).

– السؤال المنطقي والعقلاني: من الذي خول لهم بشطب أو حذف الأحرف المكررة؟ ألا يعد ذلك تحريفًا، وليًّا لعنق الآية لتتناسب مع مقصدهم وهدفهم. وفي رأيي -غير المتواضع- تحريف الكلم عن مواضعه.

– هل نستطيع قراءة الآية بعد حذف الحروف المكررة؟

– الحروف المكررة (التي حُذفت) هي من أصل الكلمة، ولأن الحرف جزء لا يتجزأ من الكلمة ا لمذكورة في الآية، فلن يستقيم المعنى من دون تلك الأحرف.

لِم لَمْ يفرق بين الهمزة والألف في العد؟

 فعدد حروف الآية الأولى، مع حذف المكرر (11) أحد عشر حرفًا (الهمزة – الألف – ن – ع -ط – ي -ل – ك- و – ث – ر).

– هناك أمثلة كثيرة على هذا التكلف، ومنه من قال أن القرآن ذكر اليوم (365) مرة، وهذا عدد أيام السنة، ولكن نسوا أو تناسوا أن السنة القمرية التي يتعامل بها المسلمون 354 يوما، فكيف يعوضون الأيام الباقية؟!، وزيادة على ذلك فهم لا يذكرون يومهم ويومكم، ولو حسبوا ذلك لاختلف الحساب عليهم، ولوقعوا في حيص بيص..

– ومن ذلك أيضًا ما ذكره بعضهم عن سورة القدر، وأن كلمة (هي) في السورة توافق العدد 27 من عدد آيات السورة والتي تتكون من 30 آية وأن ذلك دلالة على أن ليلة القدر هي ليلة 27.

– ما يغيظني وتهتز له أرنبة وسلحفاة أنفي (أن الغرب عندما يكتشف شيئا ما، يتسابق من يصنفون أنفسهم أنهم (باحثون دينيون/ ربانيون)، ويهاجمون تلك الاكتشافات، وأن القرآن ذكرها منذ 1400 سنة، ولم يكلفوا أنفسهم قراءة القرآن والبحث، حتى يصلوا قبل الغرب لتلك الاكتشافات. نعم اكتشف الغرب وعلماؤه، والسبب جوهري لأنهم يعرفون القرآن، ولم يقرؤوه، لكنهم دخلوا إلى المختبرات، وبدأوا التجارب حتى توصلوا إلى ما توصلوا إليه، وهؤلاء نائمون في العسل، وينتظرون أن تظهر نظرية أو اكتشاف علمي، فيتسارعون إلى الظهور في تسجيلات مسموعة ومرئية ليخبرونا أن الغرب لم يأتِ بشيء جديد.

السؤال: لماذا لم تقوموا بقراءة القرآن بقلوبكم وتتدبروه، وتَصِلوا إلى ما توصل إليه الغرب لتسبقوهم وهذا كتابكم، لا كتابهم، ودينكم لا دينهم.

أظن -وبعض الظن إثم- وبسبب وجود وسائل التواصل الاجتماعي أنهم يريدون الظهور وزيادة عدد المتابعين، فيجنون من ذلك الروبل الروسي.

 عمتم مساءً.

بقلم الكاتب/ علي بن عويض الأزوري 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى
Link partner: gaspol168 sky77 koko303 zeus138 luxury111 bos88 bro138 batman138 luxury333 roma77 ligaciputra qqnusa qqmacan gas138 bola88 indobet slot5000 ligaplay88