#سلمان الفارسي صاحب فكرة حفر الخندق

اقرأ المزيد من صحيفة هتون الدولية
سلمان الفارسي هو أحد صحابة رسول الله الكريم، ويُكنّى بأبي عبد الله، ويُلقّب بسلمان الخير، وهو مولى رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- وكان يُعرّف عن نفسه بسلمان بن الإسلام، وأصله من فارس من رامهرمز وقيل إنّه من أصفهان، وكان اسمه قبل الإسلام: ما به بن بوذخشان بن مورسلان بن بهبوذان بن فيروز بن سهرك، وهو من ولد آب الملك.
تُعتبر قصة إسلام سلمان الفارسي من القصص المليئة بالعبر والسعي الحقيقي وراء فطرة الإنسان، فكما روى رضي الله عنه أنّه خرج في طلب الدين وتنقّل من كنيسة إلى أُخرى بعد أن ترك دين أجداده المجوسية، حتّى وصل عند رجل في عمورية، فأعلمه أنّه سيخرج نبي في أرض العرب وأعطاه ثلاث علامات في النبي، فخرج رضي الله عنه باحثًا حتّى وصل إلى المدينة المنورة بعد بيعه لرجل يهودي، وعندما جاء الرسول صلّى الله عليه وسلّم مهاجرًا من مكة المكرمة راح سلمان الفارسي يتبعه حتّى تأكد من علامات النبوّة والتي علمها في عمورية، حيث إنّ النبي لا يأكل الصدقة ويأكل الهدية وعلى كتفه خاتم النبوّة، فأقبل رضي الله عنه يقبّل الرسول ويبكي وأعلن إسلامه.
باغتت قريش المسلمين في المدينة المنورة بعد أن أقنعهم بعض زُعماء اليهود بأن تقوم قريش وغطفان بالهجوم على المدينة من الخارج ويهود بني قُريضة من الداخل ووضع المسلمين بين جيشين والقضاء عليهم نهائياً، أصبح المسلمون في موقف صعب حتّى جاءهم الصحابي سلمان بتلك الفكرة العبقرية التي كانت عاملاً فاصلاً في غزوة الخندق، حيث نفّذ المسلمون الفكرة بحفر خندق في المناطق المكشوفة حول المدينة المنورة، فعجز المشركون في اقتحام المدينة لمدّة شهر كامل حتّى عادوا من حيث أتوا بعد أن اقتلعت الرياح خيامهم، فكان لسلمان الفارسي رضي الله عنه فضل كبير في حماية المسلمين من تكاتف المشركين وغدر اليهود.
وفضله كان سلمان الفارسيّ يُقال له: ابن الإسلام، وسلمان الخير، وكان من العُلماء الزُّهاد، شهد الخندق وبقية المشاهد، كما شارك في فتح العراق، وتولى المدائن، وخدم النبيّ محمد -عليه الصلاةُ والسلام- وروى عنه العديد من الأحاديث، وأخرج له البُخاريّ أربعة أحاديث، ونزلت في فضله العديد من الآيات، كما أنه كان من الزُّهاد، سواءً في أكله أو إمارته، فكان يأكُل من عمل يده، ويُقسم الأموال بين الرعيّة، فقد جاءه في يومٍ خمسة آلاف درهم وهو أمير، فوزّعها على رعيته كلها، وكان يستظلّ الفيء من الجُدر، فعرض عليه أحدهم أن يبني له بيتاً، فأرشدهُ أن يكون صغيراً؛ بحيث إذا نام فيه مسّت رجلاه الجِدار، وإذا قام مس رأسه السقف.
وكان سلمان الفارسيّ -رضي الله عنه- مُحبّاً للإيمان والدين، ويظهر ذلك من خلال بحثه عن الإسلام، فقد سعى في ذلك بِجدٍّ وإرادة، وفي حفر الخندق قال المُهاجرون: “سلمان منا”، وقال الأنصار: “سلمان منا”، فقال لهم النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام- أنّ سلمان منهم من أهل البيت؛ وذلك لقوّته، وأخبر النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام- أنّه من الصحابة الأربعة الذين يُحبُّهم، وأن الجنة تشتاقُ له،كما أنّه كان واعظاً، وذات يومٍ وعظ الناس وحثهم على الحياء، وقال إن هذا الخُلُق لا يأتي إلا بخير، ومن نُزع منه كان مقيتاً ممقتاً.
وفاة سلمان الفارسي
توفِّي سلمان الفارسي في عهد خلافة عثمان بن عفان -رضي الله عنه-، وكان عنده صرَّة من المسك، فجاء ببعض الماء ووضع المسك فوق الماء ثمَّ أمر زوجته أن تنثره حوله، وطلب منها أن تتركه وحيدًا في الغرفة وتخرج، وعندما عادت إليه كانت روحه قد صعدت إلى بارئها، وتروي زوجته قصة سلمان الفارسي يوم موته فتقول: “لَمَّا حَضَرَهُ المَوْتُ دَعَانِي، وَهُوَ فِي عُلِّيَّةٍ لَهُ لَهَا أَرْبَعَةُ أَبْوَابٍ، فَقَالَ: “افْتَحِي هَذِهِ الأَبْوَابَ، فَإِنَّ لِي اليَوْمَ زُوَّارًا لاَ أَدْرِي مِنْ أَيِّ هَذِهِ الأَبْوَابِ يَدْخُلُوْنَ عَلَيَّ”، ثُمَّ دَعَا بِمِسْكٍ، فَقَالَ: أَدِيْفِيْهِ فِي تَوْرٍ، ثُمَّ انْضَحِيْهِ حَوْلَ فِرَاشِي، فَاطَّلَعْتُ عَلَيْهِ، فَإِذَا هُوَ قَدْ أُخِذَ رُوْحُهُ، فَكَأَنَّهُ نَائِمٌ عَلَى فِرَاشِهِ “.