إسبوعية ومخصصةزوايا وأقلام

طبطاب الجنة

علي عويض الأزوري

كلمة طبطاب في اللهجة الشعبية عند أهل الحجاز (الطائف، ومكة، وجدة، والمدينة): تعني أرضية المنزل عندما تكون من الإسمنت أومغطاة بالبلاط. ومنها طبطب أي ربت على كتفه. وكانت تُستعمل في اللهجة المحكية: “طبطب على كتفه أو على يده”.

كنت أظن أن الكلمة من اللغة الشعبية المحكية، لكنني بحثت هذا اليوم فوجدت في قاموس المعاني أنها كلمة عربية ولها معانٍ كثيرة، منها ما سبق.

ووجدت بيتا لعبد الله بن المعتز:

ما قرّ لي في ليلتي مضجعٌ …. كأنّني في كفّ طَبطابِ

وبيت آخر لبديع الزمان الهمذاني:

كأن مقام الذل طَبطاب لاعب … أنا كُرة في ظهره غير لائق

كنت بين الثالثة والنصف، والرابعة والنصف من العمر، وكنا نسكن في حي الشرقية بالطائف، كان ذلك بين عامي 1383-1385 هجري، وأذكر أن والدتي -يحفظها الله- كانت ترسلني كل صباح مع بعض أبناء الجيران إلى أبلة (فوزية) التي كانت تسكن في الشارع الذي يقع خلف بيتنا. كنا نذهب في الصباح، لا أذكر بالضبط أي ساعة، لكن في تقديري الآن بين الساعة الواحدة والنصف إلى الثانية، كان التوقيت بالغروبي، وبالتوقيت الحالي بين السابعة والنصف إلى الثامنة.

كانت تسكن في شقة متواضعة حال معظم أنواع السكن وقتها، فالبيت الذي كنا نسكنه كان من الطين وغالبية البيوت كذلك، وتتناثر بعض العمائر الإسمنتية هنا وهناك، وكان ذلك النوع من الأبنية الإسمنتية في بدايات انتشاره.

لا أتذكر تفاصيل شقتها، لكنها كانت تستقبلنا في ما يشبه الصالة بها بعض الكراسي التي كان ينام عليها البعض، والبعض الآخر يلعبون في أرجاء الشقة. أحاول جاهدًا أن أتذكرها، فهي في تقديري الآن كانت في الأربعينات من العمر، ذات شعر أسود قصير، ووجهها تظهر عليه بعض التجاعيد، وبشرتها قمحية اللون، ضعيفة البنية وقصيرة.

كانت تعاملنا بلطف، ربما لأننا نملأ عليها حياتها كل صباح، وتستمتع بوجودنا وشقاوتنا وحركاتنا الطفولية. كانت تحاول تعليمنا بعض الأشياء البسبطة، لكن يطغى اللعب على الجو العام.

وقبل أن نغادر تقوم بتوزيع قطع من (طبطاب الجنة/ مكوناتها سكر وطحينة وطحين وهيل وسمسم/ ولها لون بني يميل إلى الذهبي) وكنا نذهب يوميًّا ألى ابلة فوزيه لنحصل عليها.

كانت شقة أبلة فوزية بمثابة play school (دار/ مدرسة لعب) والتي شاهدتها في التسعينات ميلادي في بريطانيا للأطفال من سن الثانية والنصف من العمر إلى الخامسة. وفي ظني أن أبلة فوزية سبقت بريطانيا في ذلك.

سألت والدتي البارحة عن المقابل المالي الذي كانت أبلة فوزية تتقاضاه، فقالت: عشرة ريالات شهريًّا (10 قروش يوميًّا من السبت إلى الأربعاء).

 أفكر في إنشاء (دار ألعاب play school) مثل تلك، لكني أحتاج إلى أبلة فوزية لتصنع لي من يدها طبطاب الجنة.

بقلم/ علي عويض الأزوري

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى
Link partner: gaspol168 sky77 koko303 zeus138 luxury111 bos88 bro138 batman138 luxury333 roma77 ligaciputra qqnusa qqmacan gas138 bola88 indobet slot5000 ligaplay88