استطلاع/تحقيق/ بوليغراف / هستاق

سوء الظن وكيفية التخلص منه

يُطلق سوء الظنّ على اعتقاد الشر بشكلٍ أكبر من الخير، دون أيّ دليلٍ أو برهانٍ على رجّحان الشرّ المُعتقَد به، وذلك في الأمور التي تحتمل الخير والشر، وسوء الظنّ لا يكون إلا بالقلب.
ةلقد نهانا الله تعالى في كتابه العزيز وعلى لسان رسوله -صلى الله عليه وسلم- بأن نجتنب سوء الظن فقال تعالى (يا أيها الذين اجتنبوا كثيرا من الظن إن بعض الظن إثم) وفي االصحيحين (إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث) وحسن الصلة بالله والتوكل عليه هي خير ما يلوذ به المرء ليقي نفسه مصارع السوء، ويصرف عن نفسه كيد الشيطان ومكره.
أنواع سوء الظن وحكمه
– أولًا: سوء الظّن بالله؛ ويُقصد به أن يظّن العبد بالله -تعالى- بأنّه لا ينصر دينه، ولا يعلي كلمته، وأنّ الله ليس بحسب العبد في جميع أموره، وأنّه لا يعطف على عباده، ولا يرحمهم، ولا يعافيهم، وأنّه لا يغفر الذنوب، وحكمه كما جاء في الآية الكريمة؛ حيث قال الله -تعالى- في القرآن الكريم: «وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ الظَّانِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ ۚ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ ۖ وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلَعَنَهُمْ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَهَنَّمَ ۖ وَسَاءَتْ مَصِيرًا»،فقد توعّد الله -تعالى- الظانين بالله ظن السوء؛ بأن يعتقدونه بغير صفاته، بالغضب عليهم، واللعنة، ودخول جهنم يوم القيامة.
ـ ثانيًا: سوء الظّن بالمسلمين؛ ويُقصد به أن يظّن العبد بأهل الخير، وبمن لا يعلم فسقه شرًّا، أي مجرّد تهمة اتهام الغير من أهل الخير بالسوء، وهذا النوع نهى عنه الله- تعالى-، فقال في القرآن الكريم: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ ۖ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا ۚ أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۚ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَّحِيمٌ»، فالآية الكريمة تنهى المسلم عن اجتناب الطريق التي لا تؤدي إلى العلم، وهو الظّن، وطلب تحقيق الظن فيصبح علمًا، أي أنّ التجسس وتتبع عورات الآخرين، وذكر الأخرين بسوء وهو الاغتياب لهم.
أسباب سوء الظن بالناس
الخوف من التعرض للأذى: الخوف من التعرض للأذى بأشكاله المختلفة هو أول أسباب سوء الظن بالآخرين، حيث يحرضنا الخوف من التعرض للاستغلال أو الإساءة أو الابتزاز على توقع الأسوأ من الآخرين والحكم على النوايا بشكل سريع، كذلك الخوف من تكرار التجارب السيئة التي مررنا بها يحفزنا على سوء الظن.
التجارب السابقة: من أهم أسباب سوء الظن بالآخرين هو التعرض لتجارب سيئة مرتبطة بحسن الظن أو الطيبة الزائدة، مثل التعرض للاستغلال العاطفي أو المادي أو التعرض للخيانة والغدر بشكل متكرر، خصوصاً عندما تكون هذه التجارب السلبية مع أشخاص مقرّبين مثل الوالدين أو الأصدقاء أو بين الزوجين، ما يترك شعوراً عميقاً بعدم الأمان.
الشعور الدائم بالاستغلال العاطفي: من أسباب سوء الظن بالآخرين الشعور المستمر أنك ضحية للاستغلال العاطفي، وأنك تقع دائماً في دوامة العطاء بدون مقابل ولا يبادلك الآخرون هذا العطاء، قد يجعلك هذا تتوقع دائماً أن الآخرين يريدون الحصول على كل شيء منك دون مقابل، وأنّهم لا يقدرون عطائك غير المشروط، إن غير مشروط فعلاً!
انخفاض تقدير الذات: قد يكون سبب سوء الظن بالآخرين انخفاض التقدير الذاتي، حيث يشعر الشخص بالحيرة عندما يقوم الآخرون بالمبادرة نحوه أو بتقديم المعونة له أو التعامل معه بطريقة إيجابية، ويفكر “هل أستحق ذلك.. هناك شيء ما خاطئ”، كما يحرض التقدير المنخفض للذات على التفكير بأن الآخرين لن يحسبوا له حساباً وسيكون من السهل عليهم استغلاله أو الاحتيال عليه.
قلة الخبرة الاجتماعية: غالباً ما ينتشر سوء الظن بالناس بين الأشخاص الأقل خبرة في العلاقات الاجتماعية، لأنهم أقل قدرة على قراءة دوافع الآخرين وتحليلها، كما أنّهم أقل خبرة بمدى عبثية بعض المواقف في الحياة، لذلك يستعجلون لإطلاق الأحكام ما يجعلهم يقعون في دوامة سوء الظن.
بعض النصائح للتخلص من سوء الظن:
ـ استشعار العبد عِظم ذنب سوء الظن وقبحه، مع استشعار ما يترتّب عليه من العقوبة، وعدم تحمّله لها، كما أنّ التزام تقوى الله -عزّ وجلّ- يغلق باب سوء الظنّ، والتقوى تعرف بأنّها جعل وقايةٍ وحمايةٍ بين وقوع العبد بالذنب خوفاً من الله تعالى والخشية منه، ومن الجدير بالذكر أنّ استشعار خطورة الذنب تتحقّق بتذكّر الموت وما يكون بعده من الحساب والجزاء.
ـ الإقبال على عيوب النفس، والاشتغال بتقويمها وإصلاحها، فإن من عرف عيوب نفسه تواضع لله وللناس، وظن النقص بنفسه وليس بالناس .
ـ استحضار الآيات والأحاديث التي سبق ذكرها، والتي تبين خطورة هذا الأمر والعقاب الشديد عليه.
ـ توجيه السؤال للمظنون به بما يُظَنّ به، فلا يجوز الحكم على أيّ شخصٍ دون التأكد ممّا صدر عنه من كلامٍ والتأكد من قصده، فيجب على من سمع عن غيره كلاماً خاطئاً أن يصارح من صدر منه الكلام، دون إساءة الظنّ بالشخص الذي صدر عنه الكلام.
ـ النظر في جوانب الخير في الناس كلهم، فالغالب أن الإنسان فيه من الخير كما فيه من السوء والشر، فلا يجوز إلغاء الحسنات التي قد تكون أكثر وأعظم من السيئات التي في ذلك الشخص، وقد أمر الله تعالى بالعدل والقسط، فمن الظلم الحكم على الشخص من غير موازنة عادلة بين حسناته وسيئاته.
يقول الإمام أبو حامد الغزالي رحمه الله:
“إذا وقع في قلبك ظن السوء، فهو من وسوسة الشيطان يلقيه إليك، فينبغي أن تكذبه فإنه أفسق الفساق ، وقد قال الله تعالى: ( إن جاءكم فاسق بنبإ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين )، فلا يجوز تصديق إبليس، فإن كان هناك قرينة تدل على فساد، واحتمل خلافه، لم تجز إساءة الظن.

اقرأ المزيد من صحيفة هتون الدولية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى
Link partner: gaspol168 sky77 koko303 zeus138 luxury111 bos88 bro138 batman138 luxury333 roma77 ligaciputra qqnusa qqmacan gas138 bola88 indobet slot5000 ligaplay88