التاريخ يتحدثتاريخ ومعــالم

الإمام البخاري أشهر من وثق الأحاديث

الإمام البخاري هو أبو عبد الله محمد بن اسماعيل بن إبراهيم بردزبة، كان أبوه من رواة الحديث، ولد بتاريخ 13 شوال عام 194 هجري في مدينة بخارى، وكان يحفظ الحديث في سن 10 سنوات أثناء دراسته بالكُتّاب، وسافر إلى بلاد الشام، ومصر، والجزيرة العربية، والعراق؛ لطلب العلم.
اقرأ المزيد من صحيفة هتون الدولية


في مدينة “بخارى” وُلد “محمد بن إسماعيل البخاري” بعد صلاة الجمعة في (13 من شوال 194هـ = 4 من أغسطس 810م)، وكانت بخارى آنذاك مركزًا من مراكز العلم تمتلئ بحلقات المحدِّثين والفقهاء، واستقبل حياته في وسط أسرة كريمة ذات دين ومال؛ فكان أبوه عالمًا محدِّثًا، عُرِف بين الناس بحسن الخلق وسعة العلم، وكانت أمه امرأة صالحة، لا تقل ورعًا وصلاحًا عن أبيه.والبخاري ليس من أرومة عربية، بل كان فارسيَّ الأصل، وأول من أسلم من أجداده هو “المغيرة بن برد زبة”، وكان إسلامه على يد “اليمان الجعفي” والي بخارى؛ فنُسب إلى قبيلته، وانتمى إليها بالولاء، وأصبح “الجعفي” نسبًا له ولأسرته من بعده.نشأ البخاري يتيمًا؛ فقد تُوفِّيَ أبوه مبكرًا، فلم يهنأ بمولوده الصغير، لكن زوجته تعهدت وليدها بالرعاية والتعليم، تدفعه إلى العلم وتحببه فيه، وتزين له الطاعات؛ فشب مستقيم النفس، عفَّ اللسان، كريم الخلق، مقبلا على الطاعة، وما كاد يتم حفظ القرآن حتى بدأ يتردد على حلقات المحدثين.وفي هذه السنِّ المبكرة مالت نفسه إلى الحديث، ووجد حلاوته في قلبه؛ فأقبل عليه محبًا، حتى إنه ليقول عن هذه الفترة: “ألهمت حفظ الحديث وأنا في المكتب (الكُتّاب)، ولي عشر سنوات أو أقل”. كانت حافظته قوية، وذاكرته لاقطة لا تُضيّع شيئًا مما يُسمع أو يُقرأ، وما كاد يبلغ السادسة عشرة من عمره حتى حفظ كتب ابن المبارك، ووكيع، وغيرها من كتب الأئمة المحدثين.

الرحلة في طلب الحديث ثم بدأت مرحلة جديدة في حياة البخاري؛ فشدَّ الرحال إلى طلب العلم، وخرج إلى الحج وفي صحبته أمه وأخوه حتى إذا أدوا جميعًا مناسك الحج؛ تخلف البخاري لطلب الحديث والأخذ عن الشيوخ، ورجعت أمه وأخوه إلى بخارى، وكان البخاري آنذاك شابًّا صغيرًا في السادسة عشرة من عمره.وآثر البخاري أن يجعل من الحرمين الشريفين طليعة لرحلاته؛ فظل بهما ستة أعوام ينهل من شيوخهما، ثم انطلق بعدها ينتقل بين حواضر العالم الإسلامي؛ يجالس العلماء ويحاور المحدِّثين، ويجمع الحديث، ويعقد مجالس للتحديث، ويتكبد مشاق السفر والانتقال، ولم يترك حاضرة من حواضر العلم إلا نزل بها وروى عن شيوخها، وربما حل بها مرات عديدة، يغادرها ثم يعود إليها مرة أخرى؛ فنزل في مكة والمدينة وبغداد وواسط والبصرة والكوفة، ودمشق وقيسارية وعسقلان، وخراسان ونيسابور ومرو، وهراة ومصر وغيرها…ويقول البخاري عن ترحاله: “دخلت إلى الشام ومصر والجزيرة مرتين، وإلى البصرة أربع مرات، وأقمت بالحجاز ستة أعوام، ولا أحصي كم دخلت إلى الكوفة وبغداد”.

صفات الإمام البخاري

كان يتصف الإمام الجليل بالورع والصدق وكان متواضعاً سمحاً ومخلص، ويتمتغ بالكرم وكان ذو خلق حسن يقيم المناسك والعبادات فكان كثير الصلاة، ويقيمها خاشعاً، وكان قارئاً للقرآن الكريم، وكان دائم الحرص على إقامة العدل حتى لا يجرح الرواة وكان ينتقي مصطلحاته حتى لا يجرح المجروح بكلماته، ومن أشهرها: تركوه، وأنكره الناس، ومنكر الحديث.

مؤلفات الإمام البخاري

رأى الإمام البخاري أن تصنيف الأحاديث تبعاً لموضوعاتها هي الطريقة الأفضل لتسهيل الوصول إليها، وقد تبعه الكثير من المصنفين في الحديث النبوي، فقام بإصدار مؤلفاته على أساس هذا التصنيف ومنهم:

– كتاب جامع الصحيح المسند من أحاديث رسول الله وسنته ومعروف بكتاب الجامع الصحيح.

– كتاب الأدب المفرد ويتحدث عن تقويم سلوك الأفراد وحثهم على الأخلاق الحسنة.

– كتاب التاريخ الكبير وهو كتاب متخصص في ترجمة رواة الحديث.

– كتاب التاريخ الصغير ويتحدث عن تاريخ مختصر للنبي محمد صل الله عليه وسلم والصحابة ومن جاء بعدهم.

– كتاب خلق أفعال العباد.

– كتاب رفع اليدين في الصلاة.

– كتاب صحيح البخاري وهو الكتاب الأشهر في كتب الحديث النبوي، وبلغ عددهم 7275 حديث قام بتجميعهم وترتيبهم وتبويبهم وتحري شروط صحة الأحاديث في كل رواية منهم، لمدة ستة عشر عاماً، واختارهم من بين ستمائة ألف حديث، وكان الإمام البخاري يصلي ركعتين قبل أن يضع الحديث ويقوم باستخارة الله كزيادة في التثبيت.

وفاة الإمام البخاري


شهد العلماء والمعاصرون للبخاري بالسبق في الحديث، ولقّبوه بأمير المؤمنين في الحديث، وهي أعظم درجة ينالها عالم في الحديث النبوي، وأثنوا عليه ثناءً عاطرًا.. فيقول عنه ابن خزيمة: “ما تحت أديم السماء أعلم بالحديث من محمد بن إسماعيل البخاري”.وقال قتيبة بن سعيد: “جالست الفقهاء والعباد والزهاد؛ فما رأيت -منذ عقلت- مثل محمد بن إسماعيل، وهو في زمانه كعمر في الصحابة”.وقبَّله تلميذه النجيب “مسلم بن الحجاج” -صاحب صحيح مسلم- بين عينيه، وقال له: “دعني أقبل رجليك يا أستاذ الأستاذِين، وسيد المحدِّثين، وطبيب الحديث في علله”.وعلى الرغم من مكانة البخاري وعِظَم قدره في الحديث فإن ذلك لم يشفع له عند والي بخارى؛ فأساء إليه، ونفاه إلى “خرتنك”؛ فظل بها صابرًا على البلاء، بعيدًا عن وطنه، حتى لقي الله في (30 رمضان 256هـ = 31 أغسطس 869م)، ليلة عيد الفطر المبارك.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى
Link partner: gaspol168 sky77 koko303 zeus138 luxury111 bos88 bro138 batman138 luxury333 roma77 ligaciputra qqnusa qqmacan gas138 bola88 indobet slot5000 ligaplay88