تشكيل وتصويرفن و ثقافة

الفنانة رجاء زربوط تستكشف في لوحاتها أسرار البحر

الفن رحلة القلب حيث الذات في طفولتها المقيمة بين الناس والكائنات والعوالم رصدا للتفاصيل وقولا بالدواخل وما ينطبع فيها من جمال وحنين.. هكذا هي فكرة الكائن وهو يبحث عن عناوين لقول إبداعه حفرا وتأصيلا وانفتاحا وفق رؤية وحلم لتكون الرحلة الفنية إقامة بين الوردة وظلالها.. بين الحلم والخيبات الجميلة المولدة للعبارة تشكيلا ولغة وهواجس هي عين الذهاب إلى جواهر الأشياء والعناصر والتفاصيل…

من هنا نمضي مع عوالم التجربة الفنية لفنانة هامت بالرسم منذ طفولتها لتكون فيما بعد أسيرة وبحب لهذا العالم المحفوف بالدأب والمغامرة والإقدام ليصبح الفن عنوانا مهما من عناوين تفاصيلها.. هكذا هو الأمر مع الفنانة في مجالات الحفر الفني ومنه الحفر على الخشب ونعني رجاء زربوط التي تعددت مشاركاتها الفنية في العديد من المناسبات الفنية الجمالية بين المعارض والندوات والورشات وصولا إلى معرضها مؤخرا بفضاء “فن وثقافة الهادي التركي” والذي امتد على كامل شهر أبريل/نيسان الماضي وضم حوالي 41 عملا فنيا حيث برزت الفنانة رجاء في هذه التجربة بما فيها من تنوع جمالي.

في هذا المعرض ونحن نتجول بين أعماله تأخذنا رجاء إلى حيز من حلمها وشغفها الملونين بالفن وتحديدا الحفر وفنياته لتكون الفسحة في ضيافة البحر بشؤونه وشجونه وما يعتمل فيه بين كائناته وفق نظرة جمالية لتبرز على اللوحات قناديل البحر والأخطبوط وسمكات وأحوال بحرية في الأعماق وفق الموجود والأسطوري..

في هذه اللوحات للفنانة التشكيلية رجاء زربوط مجال للقول بهذه العلاقة المتجددة مع البحر الهادئ المزمجر الشاعري بما يوحي به للكتاب والشعراء الذين نذكر منهم خاصة الروائي العربي الكبير الراحل حنا مينا الذي طفحت كتاباته بالبحر.. رجاء تذهب بنا إلى تلك المناطق تستنطق كائناتها في تلوينات وحركات بها الكثير من الجمال ونستشعر ذلك في تلقينا لأعمال المعرض التي تفتتحها بعرض لأدوات ومراحل العمل الفني في الحفر بالنسبة إلى عملها المعروض في رسالة جمالية للمتقبل والزائر ليتعرف إلى حيز من تقنيات عمل الحفر عند رجاء وهذا مهم للمتلقي.

كائنات برموزها وحركاتها وجمال التعاطي الفني تجاهها كانت تجربة الفنانة الحفارة رجاء زربوط التي تخيرت البحر حلما وترميزا وعالما فيه الأسرار لتذهب إليه تحاوره وتحاوله وفق رغبات دفينة هي عين الفن في سؤاله المفتوح على البهجة والدهشة والسحر..

عوالم تجريدية وواقعية حالمة تشبه البحر في هيجانه الرجيم وفي هدأته وفي تخير لوني مميز يتماهى مع الأعمال الفنية في هدوئها وصخبها لتتعدد القراءات والتأويل.. إنها لعبة الفن تجاه البحر وتقلبات أمزجته.

في لوحات نلمس هذا الصراع الإنساني عند كائنات البحر لتبرز الحيتان بعنف انفتاح الأفواه في إشارات للعدوان وللغرائز وللبراءة في الدفاع عن الذات.. عناوين شتى للقراءات.. ومن عناوين الأعمال نجد “نظرة” و”مائي” و”العمق” و”الأخطبوط” و”مشهد” و”نبل” و”نظام بحري” و”ولادة” و”حلم 1″ و”حلم 2″.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى