التاريخ يتحدثتاريخ ومعــالم

الأمير عبد القادر الجزائري الذي قاد الحرب ضد الاحتلال الفرنسي

عُرف الأمير عبدالقادر بن محيي الدين الحسني “عبدالقادر الجزائري“، بإخلاصه الشديد وحبه لبلاده، فهو العلم المجاهد، والشاعر المقاوم، بايعه الجزائريون في 20 نوفمبر عام 1832 أميرا على الجزائر، لمقاومة المستعمر الفرنسي خلفًا لوالده الشريف محيي الدين الحسني الذي كان يحظى باحترام ووقار وهيبة متميزة، وكلمة مسموعة بين القبائل، ولكن تقدمه في السن جعله يتنازل عن القيادة لصالح ابنه الأمير عبدالقادر، الذي اشتهر بالشجاعة والذكاء والعلم والحزم، وتمت بيعته من قِبل قبائل الجزائر، وكان اختيارًا شعبيًا موفقًا.
اقرأ المزيد من صحيفة هتون الدولية


الأمير عبد القادر هو عبد القادر بن محيي الدين بن مصطفى بن محمد يرجع في نسبه إلى إدريس الأكبر بن عبد الله المحصن بن حسن المثنى بن حسن السبط بن علي بن أبي طالب، وأمه فاطمة الزهراء بنت سيد الخلق محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم.

مولده ونشأته:

ولد في (25 سبتمبر 1807م) في قرية القيطنة، وأمه السيدة بنت عبد القادر ابن خدة، وهي تنحدر من بيت علم وتقوى، من أولاد سيدي عمر بن دوحة، تلقى دروسه الابتدائية في مسقط رأسه تحت إشراف والده؛ وختم القرآن الكريم قبل أن يبلغ الحادية عشرة، وتعلم مبادئ شتى العلوم اللغوية والشرعية، ونال درجة الطالب، وكلف بتحفيظ القرآن للأطفال، وإلقاء الدروس والتفسير في الزاوية. ومن أجل إتمام دراسته سافر عام (1821م) إلى مدينة أرزيو الساحلية؛ التي تقع شمال مدينة معسكر، على بعد حوالي سبعين كيلو متراً، وذلك على يد القاضي الشيخ أحمد بن الطاهر البطيوي؛ الذي كان مشهوراً بغزارة العلم وسعة الاطلاع، وبعدها رحل إلى مدينة وهران إلى مدرسة العالم الفقيه أحمد بن خوجة، صاحب رائعة در الأعيان في أخبار وهران، وتوسع في المعارف اللغوية والفقهية والنحو والبيان والفلسفة والمنطق وصقل ملكاته الأدبية والشعرية، واجتهد في حضور حلقات العلم لعلماء وهران، مثل الشيخ مصطفى الهاشمي والشيخ بن نقريد، وقضى عامين كاملين في هذه الرحلة العلمية، وعاد إلى مسقط رأسه وتزوج بابنة عمه الآنسة خيرة بنت أبي طالب عام (1823م) وأقام في القيطنة معلمًا.

الغزو الفرنسي

سبق الغزو الفرنسي للجزائر عودة الأمير عبدالقادر من الأراضي المقدسة، وكان رد فعل القطينة تجاه الاحتلال كمثيله في كافة أرجاء البلاد، وظن الناس في البداية أن الاحتلال لن يكون إلا مؤقتًا لأنه سبقت حالات أخرى مماثلة له ولم تدم بل مرت كسحابة صيف، غير أن القلق قد بلغ معظم الجزائريين عندما ظهر جليًا أن فرنسا كانت تنوي البقاء نهائيًا في الجزائر ومد غزوهم إلى كافة البلاد، وقد أدى ذهاب الأتراك إلى فوضى واضطراب في الأرجاء الداخلية للبلاد، وحاول الشيخ محيي الدين وابنه عبدالقادر أن يعيدا إقرار السلام.

مبايعته

بعد الجهود العظيمة التي بذلها الشريف محيي الدين والد الأمير عبدالقادر في التصدي للغزاة وقيادة القبائل للجهاد في سبيل الله ضد المعتدي الفرنسي، رأى الناس أهمية مبايعته، ولكنه اعتذر لكبر سنه، وهو ما دفع المواطنين للتفكير في مبايعة ابنه عبدالقادر لقناعتهم بقدرته على قيادة المقاومة ضد المحتل الفرنسي، وبالفعل اتفق الشريف محيي الدين مع أهل الجزائر لمبايعة ابنه الأمير عبدالقادر صبيحة مثل هذا اليوم، وهو يوم الإثنين الثالث من شهر عام 1248ه، 20 نوفمبر 1832م، وتمت مبايعة الأمير عبدالقادر من زعماء القبائل وأعيان المدن والأشراف والعلماء وزعماء القبائل الشرقية والغربية، عطاف، وسنجاس، وبنو القصير، ومرابطو بجاية، وجميع بنو خديد، وبنو العباس، وعكرمة، وفلتية، والمطاملية، ومجاهر، والبرجية، والدوائر، والزمالة، والغرابة، واليعقوبية، في مناطق أريحة من مناطق غريس حول شجرة الدردارة.

وفاة الأمير عبد القادر الجزائري

توفي الأمير عبد القادر الجزائري عام 1883م في دمشق، وكان عمره آنذاك 76 عامًا، ودفن في حي الصالحية، ثُم تم نقل جثمانه بعدها إلى الجزائر عام 1965م، ودفنه في المقبرة العليا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى