
توقفت كثيراً عند مقولة كرواتية لا أعلم هل إعجابًا بها أم تأملا في معناها، وإن كنت أعتقد أن ذلك لا يُغير في الأمر شيئًا، تقول “هل قلبك إسفنجة أم قبضة؟” ومن منَّا جمعهما معًا وهل لدينا القدرة على ذلك؟ وكيف لقلبك الأسفنج امتصاص الصدمات أو امتصاص كل ما يحلو له “وشفط” كل ما حوله “شفط” بحجة أسفنجيته وقدرته الخارقة على “التنشيف” بكل اقتدار، أم بتحويله إلى قبضة خارق يصد كل ما حوله وينفيه تشفيا بنكران حال هؤلاء “الزنادقة” وبتر أيديهم بقبضته الفولاذية التي لا ترحم.
سيدي ليس كما تظن.. ولن يكون كما فهمت، فاحمله على محمله ولا تجاوز به شفتيك فيغلبك الواقع وتجافيك حقيقة القبضة الإسفنجية حينما تترنح أفكارك وتنحدر نحو الطريق الجافة؛ فثم من يسلكها دون خيار منه، حتى تستقر به في مستنقع أحلام لن يفلت منها وإن أفاق أتاه واستوطن رحاه وعاث بمرعاه وسقاه مر مرارته.
حين يستنجد بعفوية تخبو خلف خطأ لم يقصده، فيجمع له غضب سنوات تقصي أجمل أيامه، ويحلف لك بأنها كانت جزءًا من جهنم، لم يرى فيك غير شيطان يتلبسه ثوب إنسي، يلوك الكذب، ويحرق نفحات الصدق إن مرت به ساعة صفاء.
من ظن بك الغدر فما عليه من وزر، دعه يشفى غليل ألمه، الأعمى لا يبصر ما تحت قدميه، فقد قرر أنه نتيجة ولم يكن بحث.
دعها تنضج لتنال الرضا، فلم القطاف في غير أوانه؟ نظرة المُنى تُفقِدك العقل، وتسابق الخطى فإن عثرت قدميك فمنهم، وإن ساح بك الظرف، فثمن صنيعك يأتي، وحكمة ضال في أوانها.
قوتك في نذر قطعته سأصرخ بصمت، وابتسم بألم وأحدق بحب خالص، بين طياته نكران ذات وعشق آت تقطر منه “فحوى” كلمات لم تُسمع من قبل ولن تُقال في حضرته، حينما سَلَّمت لها القِبلة وأرخيت لها السِّبحة، وطُفت بها طواف وداع المذنب، شربت ماء الرحمة حتى غرغرت، وربطت قدميك بسلاسلها، ثم تمنيت أن تفقد ذاكرتك فعاد كل شيء وفقدتها.
بائس القبضة وبئس حاملها، سقوط الذلة لن تمحوه كرامة مختزلة مختلة ذات قطب واحد، ينفصل متى أراد، ويعود متى تريد، يهجع في طي كتمانه ويصحو على صراخ قدومها، ويندب تلك النشوة، التي غرق فيها منذ أربعين عاما، فلم يستطع الفراق ولم يغنه القرب.
تحرقه تبدد أوصاله وتجعل من كله أجزاء على رؤوس الأشهاد، فيبتسم مثقلا بحبها، وكأن أسطورة البحر والشمس والظلام حقيقة.
وهج الكلمة: يقول أحد حكماء الهند “الخطوط في راحة يدك لن تحدد مصيرك، فأنت من تصبغها بأفعالك”.
شيء من ذاته: دعاء السماء بأن أموت مثقلًا بما يكنه قلبي لك.
خاتمة: لن تشقى وفي محيطك سعاد.
بقلم الكاتب/ عائض الأحمد