
أصبح علم الاقتصاد في الزمن الحاضر مختلفًا تمامًا عنه قبل عدة سنوات: الأسس اختلفت، الخطط الإستراتيجية اختلفت، الإمكانيات اختلفت، المحركات اختلفت، والطموحات اختلفت. كان الاقتصاد في أي دولة يعتمد على مواردها وقدرتها على الاستفادة منها. بينما في العصر الحاضر، أصبح بإمكان أي دولة بناء اقتصاد قوي معتمدًا على استثماراتها الخارجية وجلب المواد الأولية من الخارج حتى وإن لم تملك مقومات داخلية. قد تكون (اليابان) خير مثال لديها القدرة المادية والمعرفية والسياسية الاقتصادية الذكية.
في الماضي، إذا لم تكن لدى دولة ما موارد اقتصادية، فإنها كانت تقوم بغزو الدول المجاورة للاستفادة من ثرواتها. الآن، الدول المتقدمة صناعيًا أصبحت تستفيد من الدول النامية عن طريق استثماراتها في الخارج واستغلال عدم قدرة تلك الدول على الاستفادة من مقدراتها الطبيعية، مثل استخراج النفط والغاز والثروات المعدنية، واستخدام الطرق والمعدات الحديثة في الزراعة، وتطوير قدرات مواطنيها علميًا. ولكن الدول الغربية تستخدم قانون الغاب (البقاء للأقوى والأقدر) ولذلك فهي لا تسعى لكي تكون شريكًا أستراتيجيًا مع تلك الدول من أجل التطوير والاستغلال الاقتصادي الأمثل لكلا الجانبين، بل في بعض الأحيان تسعى جاهدة لإبقاء هذه الدول متخلفة لكي تستمر سيطرتها.
ولكن ما تقوم به قيادة المملكة العربية السعودية من عمل جبار في أن تقود العالم إلى فكر اقتصادي وسياسي واقتصادي جديد تعتمد اعتمادًا كليًّا على سياسة الجميع رابح، وتقوم بمد جسور هذه السياسة في إطارها السياسي الصحيح، وذلك ببناء علاقات سياسية واقتصادية مع تلك الدول، ثم عقد اتفاقيات منظمة للاستشارات والحفاظ على الحقوق. فهذا يعني أننا على أبواب فكر مثالي قد يجعل العالم ينهض في وجه الاستعمار الغربي الخفي خلف الاستثمارات غير المنصفة. قامت المملكة العربية السعودية بعمل أنظمة وتشريعات جديدة تحفظ حقوق من يريد الاستثمار لدينا ويكون شريكًا في بناء نهضتنا بما يحفظ له حقه ويحفظ لنا حقوقنا، ولكي لا نكون ضحية تلك الاستثمارات الأجنبية المباشرة الغير عادلة.
ما تقوم به دول مجلس التعاون الخليجي مجتمعة، أو ما تقوم به قيادة المملكة العربية السعودية من مد جسور التعاون الاقتصادي والسياسي مع دول وسط آسيا وأفريقيا وأمريكا الجنوبية وجنوب آسيا له دليل أننا مقبلون على فجر جديد من التحديات الاقتصادية والسياسية التي تثبت للعالم أننا نمد أيدينا بالخير للجميع.
من هذا المنطلق، أحيي قائد نهضتنا وباني سياسة دولتنا الاقتصادية، صاحب السمو الملكي ولي العهد، على ما يقوم به شخصيًا من عمل القائد الاقتصادي وما تقوم به حكومته من عمل جبار لبناء اقتصاد قوي.
بقلم/ د. محمد عبد الله الأصلعي