إسبوعية ومخصصةزوايا وأقلام

ليس بالإمكان أبدع مما كان

سالم سعيد الغامدي

 لو نظرنا نظرةً شاملةً من جميع الجهات لحال هذه الحياة الدنيا وتهيئتها بكل المتضادات والمفارقات، وأعني هنا مِن حيث خيرُها وشرُّها، وطيبُها وخبثُها، وما خلق اللهُ فيها من مُسخرات للإنسان نافعة وضارة، وراحة ومكابدة، وأعداء وأصدقاء، وتناقضات ظاهرة للعيان، وبناءً على هذه المتضادات والتناقضات وما سبق ذِكرُه، فإن السؤال يُبرز نفسه قائلًا: وهل خلق الله الإنسان في خِضَمّ هذا المعترك المتضاد، ليعذبه أم ماذا؟.

لعل الجواب لا يأخذ منا الكثير من الجهد، لأنه ظاهر وواضح وضوح الشمس في رابعة النهار، وهو: قد خلقنا الله بين هذه المتضادات وفي هذا المعترك غير المتوازن ولم يقهرنا على فعل الخير فقط مثلما سَيَّر وقهر الملائكة على فعله فقط، بل شرّفنا بالاختيار، وذلك لأننا نفخة مُكرَّمة من روحه، وذلك ليبيّن الصالح منا من الطالح، ومَن يستحق الثواب ومَن يستحق العقاب، فالدنيا هي للاختبار وليست جنة للتنعُّم، فالجنة والنار تكون بعد الحساب، فلو استوى المجرم والمؤمن في جنة الله، لكان هذا غير عادل من الله -سبحانه وتعالى- وحاشاه أن يفعل ذلك، ولكن سيكون هناك فرز للغث من السمين يوم الحساب.

ولكن الله تعالى بلطفه وكرمه جعل في بطون هذه الشرور والمتضادات -سالفة الذكر أعلاه، خيرًا علِمَه مَن عَلِمَه وجهِلَه مَن جَهِلَه، وسأضرب لكم مثالًا واحدًا للطف الله بعباده، حيثُ جعل أخذ جزءٍ صغيرٍ من المرض لقاحًا لدرء الأمراض الكبيرة، وجعل من سموم الزواحف علاجات لكثير من الأمراض، وقِسْ على هذا مع كل المتضادات، وجعل أيضًا السلامة هي السائدة في حياة البشر، أما الأمراض فهي ظواهر تأتي وتذهب، وهذا من لُطف الله تعالى المُرفَق في ثنايا خلقِه من متضادات هذه الحياة الدنيا، وجعلنا نعيش في معتركها حتى نفوز أو نخسر يوم القيامة، ولكنه قد أوضح لنا الصواب من الخطأ عبر إرسال الرسل إلينا بالوحي منه.

جعلنا اللهُ وإياكم من الفائزين بالفردوس الأعلى من الجنة.

بقلم/ سالم سعيد الغامدي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى