
للصَّمتِ لغاتُ.
منْ يفهمُها غيرَ المتعمِّقِ بالأرواحِ،
تُردِّدُها الذَّاتُ.
للصَّمتِ صفاتُ.
يبدو بملامحِنا أسماءْ.
يقتاتُ على سمةٍ إيحاءْ.
فيهِ الأشياءُ تغيبُ عنِ الأشياءْ.
فيهِ الأصواتُ تنادي بالإصغاءْ.
وعيونٌ من قامتْ في دورِ الإرواءْ.
منْ أوصلتِ الإحساسَ منَ الإيماءْ.
يا ملهمةَ الكلماتِ تهاوتْ كلماتُ.
وتبعثرَ فوقَ الخوفِ نداءٌ
حتَّى ضلَّتْ نبراتُ.
للصَّمتِ حكاياتُ.
للصَّمتُ رواةُ.
والعشقُ دفاترُها والحبرُ هوَ النَّظراتُ.
في صمتٍ فلسفةٌ أغانٍ
إحساسٌ إشراقٌ أزهارٌ إعصارٌ
أوطانٌ ألوانٌ إيمانٌ إذعانٌ
أرجاءٌ أجواءٌ أصداءٌ أنواءٌ
ملَّتْ أغنيةٌ شقَّتْ قمصانَ الصَّبرِ
وباحتها الضَّحكاتُ.
تتجاذبُها الأرواحُ وتتقنُها اللمساتُ.
وتُفسِّرُها منْ دونِ ضجيجٍ فالمعنى همساتُ.
للبوحِ رسولٌ يحملُ أشواقْ.
وتفاسيرَ الأعماقْ.
وحفيفَ الأوراقْ.
وبراءاتِ العشَّاقْ.
خلفَ الكينونةِ تنساقْ.
كانتْ لغةً ما، في وطنٍ ما، في لمحٍ ما،
في وجعٍ ما، في وجهٍ ما،
في إخفاءٍ سكراتُ.
للفهمِ مصادرُهُ. أنثى تحلبُ غيما.
أنثى ترسمُ نجما.
أنثى تركبُ ضوءاً أنثى تلتحفُ الحلما.
أنثى تنفثُ عطراً أنثى تتجاهلُ فهما.
أنثى تُرضعُ حرفاً أنثى تعشقُ وهما.
أنثى تنجبُ شعراً أنثى ترهنُ لوما.
أنثى أنثاكَ تُعانقُها النَّبضاتُ.
لا يمكنُكَ التَّفسيرَ لأكثرَ من أملِ.
فالمعنى مولودٌ من مقلِ.
والأسمى يستوطنُ أفئدةَ الخصلِ.
والأنقى ما قالتهُ في القبلِ.
والأحلى باحتْ آهاتُ.
فاسألْ جبلاً كمْ مرَّ عليهِ أناسٌ،
كمْ داستهُ الخطواتُ.
هلْ أنَّ؟! هلِ اعترضَ الجبلُ.
هلْ قالَ بأنِّي وجلُ.
هلْ شعرتْ بمعاناةِ الجبلِ النُّزلُ.
هل يشكو من بردٍ من حرٍّ
من زوَّارٍ قد نزلوا.
هلْ عابَ النَّارَ؟! وهلْ ملَّ الصَّمتَ؟!
وكمْ أعطى لو بخلوا.
هو يعرفُ صمتاً، لا لنْ ينطقَ هذا الجبلُ.
للصَّمتِ طقوسٌ وصلاةُ.
للصَّمتِ حياةُ.
فاغرفْ من أوجاعِكَ ما شئتَ.
واحفرْ منفاكَ الأوحدَ إنْ رحتَ.
واعبرْ شكواكَ إذا عدتَ.
وتعلَّمْ أسرارَ الأكوانِ
فلا فرقَ كتمتَ السِّرَّ وإنْ بحتَ.
في الصَّمتِ نجاةُ.
الشاعر/ أحمد جنيدو