
لا أبالغ لو قُلت أن دهشتي وصدمتي من تصرفات صديق لي تجاهي، وقد قضينا معًا خمسةَ عشرَ عامًا في صداقة أخوية منقطعة النظير، لا تقل دهشةً عن مستوى مسافر على متن طائرة متجهه من مطار القاهرة الدولي إلى مطار دبي الدولي وصولاً، وعند نزول المسافرين من الطائرة أكتشفوا أن قائد الطائرة كان قردًا، وهذه ليست مبالغة إلا لِمَن لم يَمُر بتجربة كهذه.
لقد طاف زمن الصدمة على عقلي وقلبي كأحدِ النائمين الذي أخذ يصارع كابوسًا مُزعجًا يتردد عليه طيلة ليلته حتى الصباح، فقد قضيتُ هذه المدة مع هذا الصديق وأنا مؤمنٌ أنه لن يُفرقنا إلا الموت المحتوم، فقد أحاط علمًا بكل أحوالي، ولم أعلم أن هذه المعلومات التي بُحتُ بها له طيلة هذه السنين، سوف يوظفها في مصالحه الشخصية الدنيوية، رغم أن تلك المعلومات ليس فيها شيء غير مألوف أو خارجة عن المعروف بين الناس، لكن هكذا ذئابُ البشر تسرح متسللةً بين الأغنام، وهي مختبأةٌ بين أصوافها التي تُخفي أقواس ظهورها بين زحام الماشية، حتى يحين موعد غفلة من راعي الغنم، ثم تنقض وتُبهكِل عددًا كبيرًا منها، ليس للأكل في الحال، ولكن لأخذ ما يَسُد رمق جوعِها في ذلك الحين، ثم الرجوع بعد حين لبقية جثث تلك الماشية، لتلتهم ما تبقى منها في أمنٍ وطمأنينة من بندقية راعي الغنم.
فاللهَ اللهَ في الحذر من إفشاء الأسرار لكل مَن تظاهر لكم بأنه صديق مخلص، حتى تتم وتكتمل تجربتُك المعرفزمنية نضوجًا منه وينكشف أمرُه إما بالسلب أو الإيجاب.
بقلم/ سالم سعيد الغامدي