إسبوعية ومخصصةالإفتراضيزوايا وأقلام

محطة انتظار

مروة الأماسي

هل وجدت نفسك يومًا تسير في حلقة مُفرغة، أو متاهة مُتشعّبة؟، تلك التي تتنفس في أبعادها دُخانًا مُشبّعًا بالتوتر والقلق، فتشعر بالضيق والانقباض. أو ربما شعرت بارتباك عميق متجذّر من عُقدٍ وتراكماتٍ سيطرت على أفكارك فرسمت صورًا قاتمةً كقطع الليل المظلم، ثُمّ اذا ما لاح لك وميض الأمل مُشعًّا من وسط العتمة تمسّكت به تمسّك الغريق بالقشة، راجيًا بأن يكون طوق النجاة ؟!.

 هكذا هو تقلُّب أحوالنا ما دمنا أحياءً نتنفس، تقلُّبًا يشبه إلى حدٍ كبير تبدّل أحوال الطقس وتغيرات المُناخ، فتارّة تهب علينا نسائم اللطف والسكينة الباردة، وتارة تعصف بنا الحياة وتزجّ بنا بلا استئذان في منتصف الزوبعة المُلتهبة.

لن ننتقل حتمًا إلى دار الخلود خِفافًا دون أن نُصاب بشيءٍ من الكدر أو الهمّ أو الخسارة، فالحياة لن تعزف لنا لحنًا ثابتًا ذي نغمة واحدة، ولا تُصفق لنا دومًا مبشّرة بالهناء والرفاهية، ولم تُشرق صباحاتنا جميعها بأشعة شمس دافئة تحتضن وجوهنا فتترك أثرًا ورديًّا على الوجنات وكأنّنا خُلقنا ملائكة، ولكنّها حتمًا ستتقلب بين بهجةٍ وألم، واستقرارٍ وسقم. هذا هو الحال شئنا أم أبينا، رضينا أم جزعنا، فلا رادّ لقضاء الله وقدره، وما خُطَّ في اللوح المحفوظ.

وبين ذاك وتلك يبقى المؤمن الموقن حق اليقين بالعوض الجميل، والأجر الجزيل، مستبشرًا بعاقبة تليق بالمحسن المُحتسب، فتمسح على قلبه، وتُطمئنه اذا ما صبر وسَجَد، وشكر خالقه وحَمَد، وترك الجَزَع والهلع، وبقضاء الله اقتنع.

لنتخيّل معًا بأنّ علينا الجلوس على دكة الانتظار في محطة من محطات الحياة، وقد لاح في الأفق القطار -قطار العودة لدار القرار- وللحصول على التذكرة وجب علينا النظر إلى ما سبق من أقوالنا وأفعالنا، وبحُسن السيرة نُكمل المسير، وإلا كان لزامًا علينا أن نتوب ونتراجع، ونُغير ونحسّن، حتى ما اذا وصلت المركبة انطلقنا فيها مُطمئنين بلا ندم أو انهيار، ومستحضرين قول الله تعالى: ﴿ مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً ۖ وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ [سورة النحل .. الآية ٩٧].

وبذلك أُنهي جولتي القصيرة في دهاليز النفس وخباياها.. راجية أن يجد فيها القاريء ما ينفعه، متجنبة هذه المرة الإطالة، ومُتخفّفة من ثقل المعلومات والمصادر.

دمتم أعزائي جميعًا في رغد وسرور ما طلعت الشمس وأشرق نور النهار.

بقلم/ مروة الأماسي

مقالات ذات صلة

‫7 تعليقات

  1. 🌹🌹🌹
    اللهم إني أسالك موجبات رحمتك، وعزائم مغفرتك، والغنيمة من كل بر، والسلامة من كل إثم، والفوز بالجنة والنجاة من النار، اللهم لا تدع لي ذنباً إلا غفرته، ولا هماً إلا فرجته، ولا حاجة من حوائج الدنيا هي لك رضى إلا قضيتها برحمتك يا أرحم الراحمين.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى