التاريخ يتحدثتاريخ ومعــالم

أبو ذر الغفاري الزاهد العابد

المشهور أنّ اسم أبي ذَرٍّ الغفاري هو جندب بن جنادة بن قيس بن عمرو بن مليل بن صعير بن حرام من بني غفار، وهو أصحّ ما قِيل فيه، وقد وردت العديد من الأسماء الأخرى لأبي ذَرٍّ؛ فقد قِيل إنّ اسمه هو: برير بن عبدالله، وقِيل: برير بن جنادة، وقِيل: بريرة بن عشرقة، وقِيل: جندب بن عبدالله، وقِيل: جندب بن سكن، وقد قِيل أيضاً إنّه: جندب بن جنادة بن سفيان بن عُبيد بن حرام بن غفار بن مليل بن ضمرة بن بكر بن عبد مناة بن كنانة بن خزيمة بن مدركة الغفاري، وأمّه هي رملة بنت الوقيعة الغفاري، وكلاهما من بني غفار؛ وغفار هي إحدى قبائل بني كنانة.
اقرأ المزيد من صحيفة هتون الدولية

نشأ أبو ذر الغفاري في مضارب قبيلته غفار أحد بطون بني بكر بن عبد مناة بن كنانة والتي كانت مضاربها على طريق القوافل بين اليمن والشام واشتهرت بالسطو على القوافل، أما اسمه فهو جندب بن جنادة بن سفيان بن عبيد بن حرام بن غفار بن مليل بن ضمرة بن بكر بن عبد مناة بن كنانة أما أمه فهي رملة بنت الوقيعة الغفارية، وهو أخو عمرو بن عبسة السُلمي لأمه.

رحلته إلى الحقيقة

تزود أبو ذر الغفاري لنفسه، وحمل معه قربة ماء، واتجه إلى مكة، فبلغها وهو متوجس خيفة من أهلها؛ فقد بلغته غضبة قريش لآلهتهم؛ لذا كره أن يسأل أحدًا عن محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ ولما أقبل الليل اضطجع في مكان، فمر به علي بن أبي طالب فعرف أنه غريب، فقال: هلم إلينا أيها الرجل، فمضى معه وبات ليلته عنده، وفي الصباح عاد للتجول دون أن يسأل أحدهما الآخر عن شيء!! ـ ثم في المساء مر به عليّ فقال له: أما آن للرجل أن يعرف منزله؟ ثم اصطحبه معه فبات عنده ليلته الثانية، ولم يسأل أحدهما صاحبه عن شيء، فلما كانت الليلة الثالثة قال له علي: ألا تحدثني عما أقدمك إلى مكة؟ فقال أبو ذر الغفاري :

إن أعطيتني ميثاقًا أن ترشدني إلى ما أطلب فعلت، فأعطاه عليّ ما أراد من ميثاق. فقال أبو ذر الغفاري: لقد قصدت مكة من أماكن بعيدة أبتغي لقاء النبي الجديد؛ فتهلل وجه عليّ رضي الله عنه، وقال: والله إنه لرسول الله حقًا. فإذا أصبحنا فاتبعني حيثما سرت، فإذا رأيت شيئًا أخافه عليك وقفت كأني أريق الماء، فإن مضيت فاتبعني حتى تدخل مدخلي. وفي الصباح مضى علي بضيفه إلى النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فقال أبو ذر: السلام عليك يا رسول الله. فقال: عليه الصلاة والسلام، “السلام عليك ورحمة الله وبركاته”. فكان أبو ذر أول من حيا الرسول بتحية الإسلام ثم شاعت وعمت بعد ذلك. فقرأ عليه النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ القرآن ودعاه للإسلام، فما إن سمع حتى أعلن كلمة الحق، ودخل في الدين الجديد، فكان رابع ثلاثة أسلموا أو خامس أربعة.

ثم أقام مع النبي عليه الصلاة والسلام في مكة، فتعلم الإسلام، وقرأ القرآن، وقال له النبي عليه الصلاة والسلام: ” لا تخبر بإسلامك أحدًا في مكة إني أخاف أن يقتلوك”. فقال: والذي نفسي بيده لا أبرح مكة حتى آتي البيت الحرام، وأصرح بدعوة الحق بين ظهراني قريش. ففعل حتى كادت كلماته تلامس آذان القوم؛ فزعروا جميعًا، وهبوا عليه ضربًا، فأدركه العباس بن عبد المطلب، وأكبّ عليه ليحميه، وقال: ويلكم أتقتلون رجلا من غفّار وممر قوافلكم عليهم، فأقلعوا عنه، فلما رأى النبي عليه الصلاة والسلام ما به قال: ألم أنهك عن إعلان إسلامك؟ فقال: يا رسول الله، كانت حاجة في نفسي قضيتها. فقال: الحق قومك وخبرهم بما رأيت وما سمعت وادعهم إلى الإسلام، لعل الله ينفعهم بك ويؤجرك فيهم.. فإذا بلغك أني ظهرت فتعالَ إلي.

من مواقف أبي ذَرٍّ الغفاريّ

تعدّدت تضحيات أبي ذَرٍّ الغفاري -رضي الله عنه- في سبيل الله -تعالى-؛ فكان من أوائل الصحابة الذين جهروا بالقرآن الكريم في مكّة المُكرَّمة، كما أنّه شَهِد العديد من المشاهد مع الرسول -عليه الصلاة والسلام-، وكان من حَمَلة الراية يوم حُنين، وهو أوّل من ألقى على الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- تحيّةَ الإسلام؛ قال أبو ذرّ: (فَكُنْتُ أَنَا أَوَّلَ مَن حَيَّاهُ بتَحِيَّةِ الإسْلَامِ، قالَ: فَقُلتُ: السَّلَامُ عَلَيْكَ يا رَسولَ اللهِ، فَقالَ: وَعَلَيْكَ وَرَحْمَةُ اللهِ)، إضافة إلى أنَّه كان من الأحرار الذين خدموا الرسول -عليه الصلاة والسلام-.

وفاته

توفي أبو ذر الغفاري في ذي الحجة سنة 32 هـ في الربذة وكان أبو ذر لما حضرته الوفاة قد أوصى امرأته وغلامه فقال إذا مت فاغسلاني وكفناني وضعاني على الطريق فأول ركب يمرون بكم فقولا هذا أبو ذر فلما مات فعلا به ذلك فإذا ركب من أهل الكوفة فيهم عبد الله بن مسعود فسأل: ما هذا قيل جنازة أبي ذر فبكى ابن مسعود وتذكر قول النبي عليه الصلاة والسلام : «يرحم الله أبا ذر، يمشي وحده، ويموت وحده، ويبعث وحده» فصلى عليه وألحده بنفسه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى