القوة القاهرة في القانون الجنائي
القوة القاهرة في القانون الجنائي تُعتبر من الأسباب التي تجعل الفعل غير مختار، وبالتالي، قد يعفى الجاني من المسؤولية الجنائية أو يُخفف عقوبته في حالة وجودها.
اقرأ المزيد من صحيفة هتون الدولية
تعريف القوة القاهرة: هي القوة أو الضغط الذي يمارس على شخص بحيث يُجبره على ارتكاب فعل جنائي، دون أن يكون له الرغبة أو الاختيار في ذلك. هذه القوة قد تكون جسدية كالتهديد بالقتل أو الإيذاء، أو نفسية كالتهديد بالصور بفضح أسرار شخصية.
الهدف من الاعتراف بالقوة القاهرة في القانون هو الاعتراف بأن الإنسان، في بعض الحالات، قد يكون غير قادر على مقاومة الضغوط الخارجية، وبالتالي لا يمكن تحميله المسؤولية الكاملة عن أفعاله.
شروط القوة القاهرة
شروط القوة القاهرة تختلف من نظام قانوني لآخر، ولكن هناك بعض المبادئ الأساسية المشتركة في معظم التشريعات. القوة القاهرة تُعتبر مبررًا للسلوك الجنائي في حالات معينة، وتُستخدم لتقليل العقوبة أو إسقاط المسؤولية الجنائية.
الشروط الأساسية التي يجب توافرها لاعتبار أن هناك قوة قاهرة هي:
الخطر الوشيك: يجب أن يكون هناك خطر ملح ووشيك على الشخص إذا لم يقم بارتكاب الفعل الجنائي.
الإكراه غير المقاوم: يجب أن يكون الإكراه الذي تعرض له الشخص قويًا بما يكفي لدرجة أنه لا يمكن مقاومته، وأنه كان في ظروف لا يمكنه فيها تجنب الإكراه.
عدم المساهمة في الإكراه: لا يجب أن يكون الشخص قد ساهم في إحداث الظروف التي أدت إلى الإكراه، أو قد وضع نفسه بإرادته في موقف يعرضه للإكراه.
عدم وجود بديل: في الوقت الذي وقع فيه الإكراه، لا يجب أن يكون هناك أي وسيلة بديلة متاحة للشخص لتجنب ارتكاب الفعل الجنائي دون التعرض للخطر.
النسبية: في بعض التشريعات، يُعتبر أن الفعل الذي تم ارتكابه بسبب القوة القاهرة يجب أن يكون نسبيًا أقل ضررًا مقارنة بالضرر الذي كان سيحدث لو لم يتم ارتكابه.
من الجدير بالذكر أن القوة القاهرة تعتبر استثناءً وليست قاعدة في القانون الجنائي، ولذا يجب النظر في كل حالة على حدة وفقًا لظروفها المحيطة.
دور الأدلة والشهادات في إثبات حالة القوة القاهرة
حالة القوة القاهرة، كما هو الحال مع العديد من النظريات الدفاعية في القانون الجنائي، يعتمد إثباتها بشكل كبير على الأدلة والشهادات. وفيما يلي دور الأدلة والشهادات في إثبات حالة القوة القاهرة:
الأدلة المادية: في بعض الحالات، قد تكون هناك أدلة مادية تدعم وجود حالة القوة القاهرة، مثل رسائل التهديد، التسجيلات الصوتية أو المرئية، أو الأدلة على الإكراه الجسدي مثل الكدمات أو آثار العنف.
شهادات الشهود: شهادة شخص آخر يمكن أن تكون حاسمة في إثبات حالة القوة القاهرة، خاصة إذا كان هذا الشخص شاهدًا على الإكراه أو التهديد الذي تعرض له المتهم.
شهادة الخبراء: في بعض الحالات، قد يكون من الضروري استدعاء خبير نفسي لتقييم حالة المتهم والأثر النفسي للإكراه الذي تعرض له. الخبراء قد يقدمون رؤيتهم حول مدى تأثير القوة القاهرة على قدرة الشخص على اتخاذ قرارات حرة.
الأدلة الدورية: تشمل الأدلة التي تكشف عن الأوضاع والسلوكيات المتكررة، مثل السوابق التي تظهر نمطًا من الإكراه أو التهديد من قبل طرف ثالث.
شهادة المتهم: في بعض الحالات، قد يقدم المتهم شهادته بنفسه ليوضح ظروف القوة القاهرة التي تعرض لها. ولكن، يجب أن يكون المتهم حذرًا في هذه الحالة لأن شهادته قد تُستخدم ضده في المحكمة.
الأدلة الثانوية: مثل سجلات الاتصالات أو المراسلات الإلكترونية التي قد تكشف عن وجود تهديدات أو إكراه.
تحديد وجود حالة القوة القاهرة يعتبر من بين التحديات الكبيرة التي تواجه القضاء. لذلك، تحتاج القضية إلى تقديم مجموعة قوية من الأدلة والشهادات التي تدعم الادعاءات. في النهاية، يعتمد القرار على المحكمة بناءً على التقييم الشامل لجميع الأدلة المُقدمة.