إسبوعية ومخصصةزوايا وأقلام

جُنُونُ المَنفَى

أحمد جنيدو

مَـجـنُـونٌ فِي المَنفَى يَـسـكَرْ.

يَـجـتَـرُّ الـذِّكـرَى مِنْ خنجَرْ.

وَيُـعِـيـدُ فُـصُـولاً غَـارِبَةً

والمَـسـرَحُ يَمـلَـؤُهُ العَـسـكرْ.

وَيُـمَـثّـلُ أَدوَارَ الـمَـعـنَـى

وَالـفِـكـرَةُ بِالـدَّورِ الأَصـغَـرْ.

وَيُـكَـابِـرُ فِـي مـوتٍ أَبـقَى

صُـوَرَ الأَمـواتِ بِـهَا يَـكـبُرْ.

مَـفـتُـوناً بِالمَـاضِـي أَضـحَى

يَخـتَـالُ عَـلى وَجـهِ الـدَّفـتَـرْ.

شِــعـراً مَجـرُوحاً مِنْ قَـلبٍ

سَطراً في الصَّفحَةِ لو أَشعَرْ.

وَالـكُـلُّ يُـدَافِـعُ عَـنْ وَجَـعٍ،

وَالـكُـلُّ يُـعَـادِي مَـن يَـشـعُـرْ.

والـكُـلُّ مَـجَـانِـيـنُ الـمَـنـفَى

والكُـلُّ بِـمَـنـفَـاهُ يَـســــــكَـرْ.

فَحُـدُودُ اللهِ مُـوَثَّـقَـةٌ،

وَبِغَـيـرِ الـتَّـقـوى لنْ يَـعـبُرْ.

الـكُـلُّ بِـغُـربَـتِـهِ جُـرحٌ،

وَقَـلِـيـلٌ مِـنْ دَمِـهِ يَـجـهَـرْ.

يَـسـتَـحضِرُ ذكرى تُرعِـبُهُ

فِي اللَحظَـةِ يَجـفَـلُهُ المنظرْ.

أَشــلاءُ صِـغَارٍ فِي حَـربٍ،

والقَـلـبُ يُـصَـدِّقُ مَا أَنـكَـرْ.

ويُـرِيـدُ خَـلاصـاً في زَمَـنٍ،

يتَـقَـهـقَـرُ حَـدَّ المُـســتَـنـكَـرْ.

مَـنْ كَـانَ هُـنَـاكَ يُـلاحِـقُــهُ،

مَنْ كَـانَ هُـنَـاكَ بِـهِ يَـبـطرْ.

يَـرمِـي الأَورَاقَ مُـبَـعـثَـرَةً،

يَـقِـفُ المَجنُونُ عَلَى المِنبَرْ.

يَـسـتَـصـرِخُ فِي أُمَـمٍ تَغـفو،

وَالـصَّـوتُ يُـرَدِّدُهُ المُـعـقَـرْ.

مَـا بَـيـنَ صَـلاةٍ أَو أُخـرَى

كَـأْسٌ مَـقـرُومٌ فِي المَـهـجَرْ.

فِي الغُربَةِ يَا وَلَـدِي مـوتٌ،

يَنـثَالُ عَلَى تَـركِ المَـعـبَرْ.

يُـبـقِـيـنَـا نَـحـلُـبُ آمَـالاً،

مِنْ ذَاكِـرَةٍ تَهـوَى الـمُقـفَـرْ.

فِي الغُـربَـةِ تُصـبِحُ أَوطَانٌ

أَســرَابَ هُـراءٍ كالمُـنـكَـرْ.

فِي الغُـربَـةِ دَمـعَـتُنَا وَطَـنٌ،

كَـيـفَ العَـيـنَانٍ بِهَا تَـجـهـرْ.

ننـسَـى كي نَـحـيَـا لَا نَحـيا

فِـي هَـرطَـقَـةٍ حُـلـمٌ يُـحـفَرْ.

صَوتٌ في العَـقلِ يُـنَاجِينَا،

مَازَالَ عَـلَـى رُوحٍ يَـنـقــرْ.

لَا يَــســـــلُـو ثَـانِـيَـةً عَـنَّـا،

لَا يَـسـهُـو حَـتَّـى لُـو نَـكـفُـرْ.

الـصَّـورَةُ أَكـبَـرُ مِنْ أَلَــمٍ،

كَمْ مِـنْ أَلَـمٍ لَـمْ يَـسـتَـحـضَرْ.

فَـاقَـتْ أَوجـاعُـكَ راسـمَها،

وَالمِلـحُ عَـلَى جُـرحٍ يُـغـفَـرْ.

الشاعر/ أحمد جنيدو

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى