التاريخ يتحدثتاريخ ومعــالم

الكندي فيلسوف العرب الأول

عالم عربي مسلم كبير، برع في الفلك والفلسفة والكيمياء والفيزياء والطب والرياضيات وعلم النفس والموسيقى والمنطق. يعرف عند العرب باسم “الكندي” ويعد أول الفلاسفة المسلمين، اشتهر بجهوده في تعريف العرب والمسلمين بالفلسفة اليونانية القديمة، صاحب كتب ونظريات عديدة في مجالات مختلفة، ساهم في إدخال الأرقام الهندية إلى العالم الإسلامي والمسيحي، وكان رائدا في تحليل الشفرات، واستنباط أساليب جديدة لاختراقها باستخدام خبرته الرياضية والطبية، وضع مقياسا يسمح للأطباء بقياس فاعلية الدواء، كما أجرى تجارب حول العلاج بالموسيقى، وهو أول من أدخل كلمة “موسيقى” للغة العربية.
اقرأ المزيد من صحيفة هتون الدولية

الكندي هو أبو يوسف يعقوب بن إسحق بن الصباح بن عُمران بن إسماعيل بن محمد بن الأشعث بن قيس الكندي، من أبناء قبيلة كندة، ولد في الكوفة بمدينة العراق في القرن 19 الميلادي.وهو علّامة عربي مُسلم يُقلب بفيلسوف العرب، ويُعدّ أول فيلسوف عربي مسلم ظهر في التاريخ، لذلك يعتبر موسوعة عربية عريقة، حيث اشتهر بفراسته في الفلك والفلسفة والفيزياء والرياضيات بالإضافة إلى أنه برع في الموسيقى وغيرها الكثير.

عاش الكندي في البصرة في مطلع حياته ثم انتقل منها إلى بغداد حيث أقبل على العلوم والمعارف في فترة الإنارة العربية على عهد المأمون والمعتصم، في جو مشحون بالتوتر العقائدي بسبب مشكلة خلق القرآن وسيطرة مذهب الاعتزال وذيوع التشيع.

إسهامات الكندي العلمية

كان الكندي عالما بجوانب مختلفة من الفكر، وعلى الرغم أن أعماله عارضتها أعمال الفارابي وابن سينا، إلا أنه يعد أحد أعظم فلاسفة المسلمين في عصره. وقد قال عنه المؤرخ ابن النديم في الفهرست: “فاضل دهره وواحد عصره في معرفة العلوم القديمة بأسرها، ويسمى فيلسوف العرب. ضمت كتبه مختلف العلوم كالمنطق والفلسفة والهندسة والحساب والفلك وغيرها، فهو متصل بالفلاسفة الطبيعيين لشهرته في مجال العلوم”. كما اعتبره باحث عصر النهضة الإيطالي جيرولامو كاردانو واحدا من أعظم العقول الاثنى عشر في العصور الوسطى.

الفلسفة :

كان جهد الكندي الأكبر في تطوير الفلسفة الإسلامية، هو محاولته لتقريب الفكر الفلسفي اليوناني، وجعله مقبولا عند جمهور المسلمين، من خلال عمله في بيت الحكمة في بغداد، ومن خلال ترجمته للعديد من النصوص الفلسفية الهامة، أدخل الكندي الكثير من المفردات الفلسفية إلى اللغة العربية. ولولا أعمال الكندي الفلسفية، لما تمكن الفلاسفة مثل الفارابي وابن سينا والغزالي من التوصل إلى ما توصلوا إليه.

يعتبر الكندي الفيلسوف الأول الذي يكتب بالعربية، وقد تمكن بنجاح من إدخال الفكر الأرسطي والأفلاطوني المحدث إلى الفكر الفلسفي الإسلامي، فكان ذلك عاملاً مهمًا في إدخال تعميم الفلسفة اليونانية إلى الفكر الفلسفي الإسلامي.

الفلك: اتبع الكندي نظرية بطليموس حول النظام الشمسي، والتي تقول بأن الأرض هي المركز لسلسلة من المجالات متحدة المركز، التي تدور فيها الكواكب والنجوم المعروفة وساق الكندي إثباتات تجاربية حول تلك الفرضية، قائلاً بأنه اختلاف الفصول ينتج عن اختلاف وضعيات الكواكب والنجوم وأبرزها الشمس؛ وأن أحوال الناس تختلف وفقا لترتيب الأجرام السماوية فوق بلدانهم.

البصريات :كان الكندي أول كاتب رئيسي في علم البصريات منذ العصور القديمة حيث وضعه روجر بيكون فى المرتبة الثانية بعد بطليموس ككاتب في هذا الموضوع . طور الكندي نظرية إقليدس وأيدها والتى تقول أن كل شيء في العالم يصدر أشعة في كل اتجاه تملأ العالم كله ، وكان لهذه النظرية تأثيرا كبيرا على العلماء فيما بعد مثل ابن الهيثم .

الطب: للكندي أكثر من ثلاثين أطروحة في الطب، والتي تأثرت فيها بأفكار جالينوس. أهم أعماله في هذا المجال هو كتاب رسالة في قدر منفعة صناعة الطب، والذي أوضح فيه كيفية استخدام الرياضيات في الطب، ولا سيما في مجال الصيدلة.

على سبيل المثال، وضع الكندي مقياس رياضي لتحديد فعالية الدواء، إضافة إلى نظام يعتمد على أطوار القمر، يسمح للطبيب بتحديد الأيام الحرجة لمرض المريض.

الكيمياء: عارض الكندي أفكار الخيمياء، القائلة بإمكانية استخراج المعادن الكريمة أو الثمينة كالذهب من المعادن الخسيسة، كما أسس الكندي وجابر بن حيان صناعة العطور، وأجرى أبحاثًا واسعة وتجارب في الجمع بين روائح النباتات عن طريق تحويلها إلى زيوت.

الرياضيات

ألف الكندي أعمالا في عدد من الموضوعات الرياضية الهامة، بما فيها الهندسة والحساب والأرقام الهندية وتوافق الأرقام والخطوط وضرب الأعداد والأعداد النسبية وحساب الوقت. كما كتب أربعة مجلدات، بعنوان “كتاب في استعمال الأعداد الهندية”، الذي ساهم بشكل كبير في نشر النظام الهندي للترقيم في منطقة الشرق الأوسط وأوروبا.

الهندسة: كتب الكندي عن مسلمة التوازي، وفي أحد أعماله الرياضية حاول إثبات بفكر الفيلسوف دحض فكرة خلود العالم، بإثبات أن اللانهاية فكرة سخيفة رياضيا ومنطقيا. التشفير: كان الكندي رائدا في تحليل الشفرات وعلم التعمية، كما كان له الفضل في تطوير طريقة يمكن بواسطتها تحليل الاختلافات في وتيرة حدوث الحروف واستغلالها لفك الشفرات، اكتشف ذلك في مخطوطة وجدت مؤخرا في الأرشيف العثماني في إسطنبول، بعنوان “مخطوط في فك رسائل التشفير”، والتي أوضح فيها أساليب تحليل الشفرات، والتشفير والتحليل الإحصائي للرسائل باللغة العربية.

الموسيقى: كان الكندي أول من وضع قواعد للموسيقى في العالم العربي والإسلامي. فاقترح إضافة الوتر الخامس إلى العود، وقد وضع الكندي سلما موسيقيا ما زال يستخدم في الموسيقى العربية من أثنتي عشرة نغمة، وتفوق على الموسيقيين اليونانيين في استخدام الثمن. كما أدرك أيضًا على التأثير العلاجي للموسيقى، وحاول علاج صبي مشلول شللاً رباعيًا بالموسيقى. للكندي خمسة عشر أطروحة في نظرية الموسيقى، لم يبق منها سوى خمسة فقط، وهو أول من أدخل كلمة “موسيقى” للغة العربية، ومنها انتقلت إلى الفارسية والتركية، وعدة لغات أخرى في العالم الإسلامي.

وفاة الكندي

توفي العلّامة العظيم في بغداد وحيدًا في عهد الخليفة العباسي المعتمد بن عباد، بسبب داءٍ شديد أصاب ركبتيه وانتشر في جسمه ليصل إلى رأسه، ومات عن عمر يناهز 68 عامًا، وكان تاريخ وفاته سنة 259 هـ/873 م.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى