هارون الرشيد أقوى الخلفاء العباسيين

يعد من أشهر الخلفاء العباسيين، وبتوليه الحكم بدأ عصر ازدهارهم، الخليفة هارون الرشيد الذي تسلّم الخلافة في بغداد يوم 14 سبتمبر/أيلول 786م.
اقرأ المزيد من صحيفة هتون الدولية
في ذلك اليوم دخلت الدولة العباسية عصرا جديدا شهد الكثير من الإنجازات. وازدهرت المنطقة الممتدة من وسط آسيا وحتى المحيط الأطلسي، ولمع نجمها في زمن خلافة الرشيد، حيث عرف باهتمامه بالعلماء والتزامه الديني، فضلا عن إنجازاته التي أسهمت في نماء المنطقة بأكملها، وازدهرت النشاطات الثقافية والإسلامية، ليطلق على ذلك “العصر الإسلامي الذهبي”.
هارون الرشيد هو هارون بن محمد المهدي بن عبد الله المنصور بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس بن عبد المطلب. ولد في الريّ عام 145هـ، أبوه هو محمد المهدي، وأمه أم الهادي اليمنية الجرشية الملقبة بالخيزران. وأخوه الأكبر موسى الهادي الذي تولى الخلافة قبله.
لم تكن الأوضاع السياسيّة خلال فترة هارون الرشيد مُستقِرّة؛ فقد كانَت هناك بعض النزاعات الداخليّة، والخارجيّة، والتي حاوَل هارون الرشيد أن يُخمِدها، أو يَحلّها خلال فترة خلافته، ومن أهمّ الأمور السياسيّة التي واجهَت الخليفة: ثورة الخوارج: قادَ الوليدُ بن طريف الشاري الخوارجَ القادمينَ من شمال الجزيرة عَبْرَ دجلة، وصولاً إلى العراق؛ للتمرُّد على الخلافة، إلّا أنّ هارون الرشيد تصدّى لهم، وقتلَ قائدهم، وفَرّقَ جَمْعَهم.
ثورة الديلم: قادَ يحيى بن عبدالله العلويّ ثورة الديلم، فواجهَها الخليفة هارون باللِّين، إلّا أنّهم لم يستجيبوا له، فردَّ عليهم بالعنف حتى قضى عليهم.
حروب الرّوم: خاضَ الخليفة العديد من الحروب ضدّ الروم، حيث كانت تحصل واحدة من هذه الحروب في كلّ سنة تقريباً، ولتحقيق النصر في هذه الحروب، سعى الخليفة إلى تقوية الأسطول الإسلاميّ، وإقامة دارٍ لصناعة السُّفُن، وتأمين الثغور التي قد يهاجم الروم الدولة من خلالها، وبعد العديد من المعارك، فتحَ المسلمونَ بعض الجُزُر، واضطرَّ الروم إلى طَلَب الهُدنة والمُصالَحة، فوقَّعَت ملكة الروم آنذاك (إيريني) مُصالَحة، مقابل دَفْع جِزية للمسلمين، وقد استمرّت هذه الهدنة حتى تولّى الإمبراطوريّة ملك يُدعَى (نقفور)، حيث نَقَضَ المُصالَحة، وهدّدَ الخليفة بالحرب، فخرجَ هارون إلى هرقلة قُرب القسطنطينيّة، إلّا أنّ نقفور وَعَدَه بالرجوع إلى المُصالَحة، فتَرَكه الخليفة، وبعد فترة عادَ نقفور إلى نَقْض العَهْد، فقاتلَه الخليفة، وقَتَل 40 ألفاً من جيشه، وانتصرَ عليهم.
وفاته
لم يكمل الرشيد عقده الخامس من العمر حتى وافته المنية، ويذكر المؤرخون أن سبب وفاته علة في بطنه كان يخفيها عن الجميع حتى أقرب الناس إليه، وهم ولداه المأمون والأمين، وقد اضطر للخروج إلى خراسان للقضاء على تمرد رافع بن الليث، وفي طريقه شعر بقرب أجله واشتد به المرض، فكشف الأمر لأحد أصدقائه المقربين، فتوفي بمدينة طوس في بلاد فارس عام 193هـ/ 808م عن عمر 45 عاما.