
سأل أحد المُبصرون أعمى لماذا تحمل قنديلًا؟
فأجابه الأعمى: كي يراني المُبصرون.
من أرقى وأروع ما اقتُبس من روايات:
دُعي أعمى إلى تناول وجبة عشاء عند صديقه مع جمع من الأصدقاء من سكان قريته.. فلما انتهوا من تناول العشاء، بدأوا يتبادلون أطراف الحديث حتى ساعة متأخرة من الليل؛ عندها استأذن ذلك الأعمى ليعود أدراجه.. وعندما جلب له صديقه مصباحًا كي ينير له الطريق أثناء عودته؛ ضحك الأعمى، وقال لصديقه: ألا ترى يا صديقي أني أعمى، وأعيش في الظلام ومصباحك هذا لن أستفيد منه، لأني لن أرى أبدًا نوره، وفوق ذلك أنا معتاد على السير وحدي بلا مصباح، وما أصابني مكروه؟
ولكن صديقه أصر على أن يحمل معه المصباح وقال له : أعلم يا صديقي بأنك لن ترى نور المصباح ولكنه على الأقل سيجعل الآخرين يرونك فلا يصطدمون بك في ظلمة الليل.
وعندها قبل الأعمى أن يحمل المصباح.. وفي طريقه إلى بيته إذا بشخص يصطدم به بقوة فسقط الأعمى وهو ساخط ويقول له:
يا لك من أعمى.. ألم تر نور المصباح؟
فرد الرجل: ولكن يا سيدي مصباحك مطفأ!
قال الله تعالى في سورة الأعراف {… وَتَرَاهُمْ يَنظُرُونَ إِلَيْكَ وَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ}
من هذه الآية نؤكد الفرق بين (النظر) و (البصر).
فالنظر هو: رؤية الأشياء بدون استخدام العقل. وبالتالي عدم الإحاطة بالشيء المرئي، وهذا ما يحدث كثيرًا.. وهذا هو النّظر..
أمّا البصر فهو: رؤية الأشياء مع استخدام العقل والتركيز، للإحاطة الكاملة بالشيء المرئي.
فالبصر أقوى وأشمل من النظر، واللهُ بصيرٌ ويُحيطُ بكلّ شؤون عِبادِه مِن الداخل والخارج.
فعندما يأمرُنا الله تعالى بالتدبُّرِ في خَلقه، فهو حقًّا يأمرنا بالنظر لا بالبصر.
اللهم أكرمنا بالنظر، وبالبصر والبصيرة.
بقلم/ أ. خالد بركات