التشكيلية بدرية المطيري مابين نسج الواقعية واستلهام التراث
حين تتجه أبصارنا نحو بداية القرن العشرين الذي شهد النهضة الحقيقية للفن التشكيلي السعودي ، نرى بكل وضوح الفنانة الأستاذة بدرية عبدالهادي المطيري التي لم يولد فنها وإبداعها من العدم؛ بل جاء نتيجة جهود مضنية بذلتها في صراعها المستمر لتهيئة فكر المجتمع الفني السعودي و لتقبل ثقافة فنية تتسم بالمزاوجة بين موروث عربي ذي روحية سعودية وفكر حداثوي ذي نزعة علمية تجريبية ، فكانت مواضيعها معتمدة بشكل أساسي على تصوير الطبيعة والمشاهد اليومية بإسلوب واقعي تقليدي ، أي أنّ رسومها ومنحوتاتها كانت منطلقة من فكرة مجاراة ما هو ظاهر للعيان، وبمعنى أدق محاكاة الطبيعة بعيدًا عن إظهار ذات الفنان
وهنا سوف نجد أنه تكمن العلاقة بين الفن وتطور الحياة في لوحات الفنانة التشكيلية المطيري وفق إحساسها وتفاعلها مع سحر الطبيعة الدافئة، والرحبة التي كانت تأخذ منها ملكاتها وقدراتها الخاصة حين تكونها عبر لوحات تشكيلية أو لوحات من فن الريزون أو الأعمال الحرفية وغيرها .
كما تعد الفنانة المتقدمة في سلوك إنتاج عملها الفني الأستاذة بدرية المطيري ،من ابرز الفنانات السعوديات من ذوات الشهرة الإلكترونية الهامة، حيث نرى صور اعمالها،كلما دلفنا مواقع التواصل، راسمة مسار سر جمال ابداعها الفني المرتكز على إنتاج اللوحة الفنية الواقعية في تجديدها لتفاصيل ماترسم، حيث اغلب مفرداتها ترتكز على الرسم الواقعي ،للعادات والتقاليد، وجمال التراث السعودي ، ومن حياة الرجال والنساء والاطفال وطقوس عاداتها وتراها المرئي واللامادي،حتى تستلهم جل ايقاعاتها إبداعاتها في الرسم المتين،والتلوين المدهش .
إضافة إلى تعامل الفنانة المطيري مع الألوان حية وحركية متحركة التي حولت بها سطح اللوحة لفضاء مشتعل من التلوينات والإضاءة عبر إيقاعات معبرة عن عواطف وأحاسيس
فحاكت في لوحة ( تراث ) سحر الألوان والتاويل بدون تهويل،وفي منتهى البساطة وبدون تعقيد،،والابنية القديمة في نقوشها الجصية، وطرازها، المعماري.
وانتقلت إلى خصوصية اللوحات حيث رسمت في لوحة (ملائكة الرحمة ) وصف لمهنة التمريض ومن يعملون فيه بدقة متناهية، وجذابة ورائعة ، عبر ملامح وجوههم في توهج كبير،ولمسات انفعالية كلها حركة دؤوبة، تضع في التفاعل البصري، والواقعية والديناميكية والاحساس،والتلوين المبطن،للتركيز على دورهم في المحتمع ،
وعلى غرار اسلوبيتها وتقنياتها،خرجت جماليات محببة في خصوصية فنيةووفق رؤية فنانة تعرف كيف تنجز لوحتها القريبة من الجميع، الواضحة السهلة الصعبة فجاءت لوحة ( البيعة ) أو لوحاتها عن الوطن لتشكل تفاعلات في مسيرة تداولية لتؤكد على رؤيتها التاريخية لمسيرة الوطن .
وفي لوحة (دخان الشمع ) خرجت بلوحتها إلى نهاية المطاف بسطح محمل بهمسات الروح، مع القدرة على وضع المؤثرات الجمالية في أعمالها الفنية الابداعية التي تجعل المتلقي يتمعن بالنظر ولم تهمل الشكل بوصفه وحدة ضرورية عضوية لعمل اللوحة فالاشتغال البصري يرى الألوان والامتدادات مهمة لتكوين الشكل ويرى تجسد الجمال الأخاذ الذي يؤثث العمل.
كما نجد الفنانة بدرية المطيري من أشد الفنانات واقعية من تنميط ابعاد لوحاتها في فن الريزون وفق الزمان والمكان، بكل تجلياته كإمتداد لمشاهد مجسدة تأخذنا إلى رمزية الفن كطموح ووسيلة.فاستطاعت أن تخلق في لوحاتها نوعًا من الاختلاف ما بين الذات المرسومة ونسق ألوان وتشكيلات اللوحة مشكلة علاقة ارتباطية مشحونة بمواضيع نفسية وشحنات سايكولوجية، جعلت من اللوحة تأخذ اتجاه متعدد القراءات، تتوالد فيها المعاني والدلالات، لوحة تعطيك الانطباع بأن هناك حالة تناص في حياة كل كائن حي وامتداد يبدأ بالضعف المقرون بالتطلع للأفضل وينتهي بالضعف الممزوج بالحنين للماضي ونظرة للمستقبل، لتبقى في كلتا الحالتين نفس الدلالة والرمزية، إن ما نشاهده في لوحاتها الفنية هو كشف عوالم ومرجعيات متعددة.
أخبرًا الفنانة بدرية المطيري تعد من أكثر الرسامات واقعية لالتصاقها بالواقع والبيئة السعودية والمناسبات الوطنية لذا سوف نجد أن مناسبة حلول اليوم الوطني ٩٣ قريبًا سوف يحظى بلوحة ، تمثل حبها وتمنياتها كقصيدة عشق نشم فيها رائحة الوطن .