أميركا ترفض منْح الأعمال الفنية المنفذة بالذكاء الاصطناعي حقوقَ الطبع والنشر

كثر الجدل بشأن تدخل الذكاء الاصطناعي في جميع المجالات حتى اعتبر البعض أنه يساهم في قتل الإنسان بطرده من أغلب الوظائف التي كانت تقوم بها البشرية. كما يزداد الجدل حدة مع تدخل الخوارزميات التوليدية في الفن والإبداع، لذلك تحاول الدول ضبطه بقوانين ورقابة مشددة وهو ما أثار سخط الشركات الكبرى.
وفي هذا الصدد رفض مجلس مراجعة مكتب حقوق الطبع والنشر الأميركي منح الصورة التي تم إنشاؤها بواسطة الذكاء الاصطناعي التي فازت بمسابقة للصور في معرض ولاية كولورادو العام الماضي، حماية بموجب حقوق الطبع والنشر، وذلك بسبب الطريقة التي تمَّ بها إنتاجها.
وفي قرار صدر عن المكتب أوضح أنَّ القرار اعتمد إلى حد كبير على مدى مشاركة ميدجورني (Midjourney) في إنشاء الصورة، وميدجورني هو معمل أبحاث مستقل ينتج برنامج ذكاء اصطناعي خاصا ومفتوح المصدر ينشئ صورًا من الأوصاف النصية.
وقال المكتب إنَّه لو كان صانع الصورة جيسون إم ألين قد اعتمد على ميدجورني بطرق بسيطة أو غير ملحوظة، فسيكون من الممكن القول إنَّه مؤلفها البشري. ولكن نظرًا لاستخدام ميدجورني على نطاق واسع، لم يستوف معايير الحصول على حقوق الطبع والنشر. وجاء في القرار “إذا تمَّ إنتاج جميع عناصر التأليف التقليدية للعمل بواسطة آلة، فإن العمل يفتقر إلى التأليف البشري، ولن يقوم المكتب بتسجيله”.
ومع ذلك، إذا كان العمل الذي يحتوي على مواد تم إنشاؤها بواسطة الذكاء الاصطناعي يحتوي أيضًا على ما يكفي من التأليف البشري لدعم المطالبة بحقوق الطبع والنشر، فسيقوم المكتب بتسجيل مساهمات الإنسان. والصورة الفنية المشار إليها التي تحمل عنوان “مسرح أوبرا الفضاء” (Théâtre D’opéra Spatial) يصور منظرًا للعديد من الفنانين على خشبة المسرح، يؤدون عروضهم أمام فتحة عملاقة يمكن من خلالها رؤية تلميحات مدينة خيالية.
وفاز هذا العمل الذي نفذه جيسون إم ألين بالجائزة الأولى في الفئة الرقمية للفنون في معرض ولاية كولورادو في عام 2022. وقال الكثيرون إنَّهم قلقون بشأن الوقت الذي يمكن أن يحصل فيه فن الذكاء الاصطناعي على مثل هذا التكريم، ودافع ألين عن العمل قائلًا “أردت أن أعبر عن موهبتي الفنية باستخدام أعمال الذكاء الاصطناعي، أشعر وكأنني أنجزت ذلك”.
ومنذ ذلك الحين حاول الكثير من النقاد الإشارة إلى التناقضات المتأصلة في الفن الناتج عن الذكاء الاصطناعي بالمقارنة مع الأعمال الفنية التي ينتجها الإنسان. وحاول ألين إثبات أنَّه لعب دورا رئيسيا في إنشاء عمله الفني، وقال إنَّه بعد إنشاء الصورة في ميدجورني أجرى تغييرات عليها في فوتوشوب (Photoshop)، ثم قام بتوسيع نطاقها باستخدام “Gigapixel AI”.
لكن مكتب حقوق الطبع والنشر الأميركي قال “من وجهة نظر مجلس الإدارة تدخلات ألين في العمل الفني -كما تم وصفها- لا تجعله مؤلف الصورة؛ لأن مساهمته الوحيدة في صورة ميدجورني كانت عبارة عن إدخال النص المطالب لإنتاج ذلك”.
وفي الوقت نفسه واصل الفنان جذب الاهتمام إلى العمل الفني، ويخطط لبيع نسخ محدودة من الصورة عبر موقعه على الإنترنت ابتداءً من هذا الأسبوع بعد أن قام بتسعيرها بمبلغ 500 دولار. يُشار إلى أنَّ أحد الفنانين قدَّم عملًا فنيًّا تم إنشاؤه بواسطة الذكاء الاصطناعي لجائزة التصوير الفوتوغرافي التي ترعاها شركة سوني، ثم خسر جائزته بمجرد فوزه.
وعلى غرار أميركا تواجه أوروبا تقنيات الذكاء الاصطناعي بمجموعة قوانين تنظيمية، إذ بدأت التحرك من أجل تنظيم الذكاء الاصطناعي، ويتضمن القانون المقترح أحكاماً محددة لأنظمة الذكاء الاصطناعي التوليدية، مثل “تشات جي بي تي” و”دال – إي”، القادرة على إنتاج النصوص والصور والوسائط الأخرى.
وتنصّ القواعد على وجوب الإعلان صراحة عن أيّ محتوى تم إنشاؤه بواسطة الذكاء الاصطناعي، كما تفرض حظراً على بعض أنظمة الذكاء الاصطناعي، بينها تلك المرتبطة بالتعرف على الوجه في الوقت الفعلي. بينما تبقى مسألة الملكية الفكرية أهم نقطة يسلط عليها الضوء لمواجهة المخاطر المحتملة على الملكية الفكرية لفنانين آخرين.