
أحيانا نجد مشاعرنا تكتبها قصيدة أو خاطرة عابرة، أو عبارة خُطّت بقلم شخص آخر، هل نحن حقًّا متشابهون في المشاعر؟ أم أننا نعجز عن التعبير عما يختلج في دواخلنا؟ أم أن غيرنا يستطيع ترجمة مشاعرنا بصورة أفضل مما لو كتبناها نحن؟.
لو سألت شخصًا الآن: بماذا تشعر مثلا؟ سأجده يبحث في عقله عن عبارة تليق بوصف مشاعره، قد يستغرق وقتًا طويلًا وهو يحاول أن يحدد شعوره الراهن بأدق عبارة وأصدق كلمة، وسيجد صعوبةً بالغةً في وصف مشاعره، ولكن لو قلت لذات الشخص أن ينظر إلى أشخاص حوله في أوضاع مختلفة ثم طلبت منه أن يصف مشاعرهم وأحوالهم بعبارة أو قصيدة أو خاطرة سأجده فورًا يتناول القلم ويسهب في تفصيل عميق ودقيق ومعبر بصورة كبيرة، ولو أعطيت تلك العبارات لهؤلاء الأشخاص لقالوا فعلًا هكذا كانت حالنا وهكذا كنا نشعر؛ لقد لامس مشاعرنا بصورة كبيرة وقد قال بالفعل ما كنا نريد قوله.
إذًا السؤال المطروح:
هل مشاعرنا متشابهة حقًّا؟
هل للمشاعر أربعين شبيهًا.. كما هو الحال مع أشكالنا وصورنا؟
هل فعلًا تتمازج مشاعرنا وتتحد أحاسيسنا لتصنع عبارة موحدة نُجمع على كونها عبارة الوصف الحقيقي لنا ولو كانت بأقلام أخرى؟
كم قلنا يا له من كاتبٍ مميز؛ كتب ما كنت أريد قوله حقًّا؟
وكم قلنا يا له من شاعرٍ مفوه ذلك الشاعر الذي عانق مشاعرنا بعبير أبياته؟
وكم قلنا يا له من روائي رائع ذلك الذي سطر مشاعرنا في ملحمة المشاعر؟
هل معنى ذلك أن الإنسان يتوه في بحر مشاعره ويغرق في محيط غموضها حين يحاول الوصول إلى أعماقها؟ أم أن الإنسان جُبِلَ على أن يُمَحِّص غيره ويتفحص غيره حتى في أعماق المشاعر والأحاسيس؟
هل نعتبر وصف المشاعر بدقة وملامسة القلوب بشفافية من خلال ما يقوله أو يكتبه الآخرون نوع من التخاطر؟ أم هو تآلف أرواح نتج عنه كلمة أو عبارة تصف لسان الحال وكأن الشخصين شخص واحد؟ أم أن الشاعر والكاتب والروائي ملك حاسة سادسة تجعله يقرأ ما في قلوب الآخرين ويترجم مشاعرهم؟ أم أن ذلك ملكة وهِبَةً ربانية مُنِحت لأولئك الكتاب والمثقفين أصحاب الأقلام المميزة والقصائد المؤثرة.
ربما تكون كل ذلك وربما نكون جميعًا مجموعة إنسان تتآلف أرواحنا وتهمس بفرحها وألمها وسعادتها وحزنها، ربما لأننا كما أشار نبي الإسلام -صلى الله عليه وسلم- (جسد واحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى)، أو لأننا كما قال تعالى (كالبنيان المرصوص) فيشد بعضنا بعضا، وربما لأننا من أصل واحد ولبنة واحدة
فتوحد شعورنا وتلاصقت مشاعرنا وتشابهت؛ ألسنا من آدم وآدم من تراب.
حقًّا لا أدري ماذا أقول.. ولكن فعلا كم لامست مشاعري قصائد شعرت أنها تصف ما بداخلي، وأحسست أنني أنا من كتب ذلك، وكم أبكتني رواية بقلم ماهر استطاع أن يخرج مشاعري عبر حروفه؟ وكم وقفت على عبارة وجملة لكاتب مبدع؟؛ قلت حينها لقد قال ما اختزن في جعبتي.
وفي الختام: شكرًا بلا عدد لكل كاتب وشاعر وروائي لامس قلوبنا وعانق مشاعرنا بجمال طرحه وصدق عبارته وصادق إحساسه.
بقلم/ موضي المطيري – القيصومة