إسبوعية ومخصصةزوايا وأقلام

‏لا تنخدعْ

أحمد جنيدو

لا تنخدعْ فالملحُ يـشـبهُ سـكَّرا.

والماءُ يأسـنُ بالرُّكودِ ولو جرى.

تلكَ الوجوهُ محملقاتٌ تعتري

نظراتِنا حتَّى نفـسِّـرَ ما ترى.

فنخونُ بعضَ صوابِنا لكرامةٍ،

صُفعَ اللبيبُ بجهلِهمْ متسـتِّرا.

لا تنجرفْ خلفَ المتاهةِ جاهلًا،

صارَ الوقوفُ على التَّأمُّلِ أمهرا.

خذلانُنا المعهودُ ينبتُ غرسَـهُ،

كالوردِ في شـوكِ الفروعِ تخمَّرا.

لا تعترفْ بالضّعفِ مهما أذنبتْ

قسـماتُنا فلربَّما لنْ يظهرا.

خذْ منْ مدادِ الرُّوحِ زغبَ فسيلةٍ،

قدْ يَنبُتُ الحلمُ الدَّفينُ منَ الورى.

بعضُ الخسائرِ في الحقيقةِ مكسبٌ،

نتعلَّمُ الأســبابَ حتَّى نخـسـرا.

العابرونَ على جراحِ أحبَّتي

يتنافـسـونَ ضغائنًا كي نُكـسـرا.

ويـشـرِّعونَ مصائبًا لمْ يفهموا

إنَّ الصَّبورَ يعودُ صلبًا أقدرا.

الرِّيحُ في سـيناءَ عكـسُ طريقِنا،

وعيونُكِ السَّـمراءُ توهمُ منْ سـرى.

وغبارُ فهمي في الوصولِ مخافةٌ،

مُدِّي الملامحَ طفلتي حتَّى أرى.

يا بنتُ يغريني اللقاءُ بتوهةٍ،

فرجاؤكِ المجهولُ أضحى معبرا.

خلفَ المسافاتِ الطَّويلةِ رغبةٌ،

تشتاقُ مطرودَ الهوى كي يثأرا.

أقسمتُ بالشَّامِ العتيقةِ إنَّني

مازلتُ أمضي في الغياهبِ مقفرا.

وأقودُ وهمي كي أعاودَ وصلَها،

ونبوءتي هزُلتْ قدومًا مغبرا.

الليلُ في عينيكِ يلبسُ حلَّهُ

قلبي إلى ليلِ اللواحظِ ثرثرا.

ترمي وشاحَ النورِ عمقَ لواعجٍ،

فتضيءُ أوردةَ الظَّلامِ لأبصرا.

الليلُ في عينيكِ يسرقُ صبحَنا

والوجهُ من نورِ الحبيبِ تنوَّرا.

قالَ: الفراتُ يصبُّ في أعماقِنا

والسَّلسبيلُ يدٌ أردَّتْ كوثرا.!؟

ما أشبهَ الغدَ بالسَّوابقِ لحظتي،

أمضيتُ عمري باحثًا لن أظفرا.

وخلعتُ جلبابَ الأبوَّةِ نافرًا،

جسدي عريٌّ لنْ يراكِ لينفرا.

بينَ المساماتِ العشيقةِ تختفي

قطراتُ لهثي كي أعودَ لأزأرا.

حالُ الغرامِ نكونُ قبلَ ولادةٍ،

الزَّهرُ في الأنفاسِ كي يتعطَّرا.

يا غايةَ المـسـعى ركنتُ قصيدتي

فوقَ الطَّهارةِ كربةً كي تثمرا.

لأعانقَ السِّرَّ القديمَ تنبُّؤًا

حيثُ الغريزةُ عشترتْ متجذِّرا.

التِّيهُ مركبتي أصارعُ بعضَهُ،

يتقمَّصُ التِّيهُ المخدِّرُ مُنكرا.

لا أفتحُ النِّسيانَ أشرعُ حجَّتي،

فالقلبُ أصبحَ آسرًا متجبِّرا.

فأراكِ في كلِّ العيونِ غريبةً،

يا بوحَها تلكَ العيونِ لأعذرا.

هيهاتَ يا حزنَ الثَّواني هُزَّني

لأكاملَ الهتفَ الخفيَّ وأكبرا.

إيَّاكَ عنِّي قدْ كسرتُ عبارتي

بصلاةِ فجرٍ قدْ تنفَّسَ مُسكرا.

وعجنتُ طيني بالمجازِ مصلصلًا

لحمَ الحروفِ لكي أراكَ مخدَّرا.

هذا الممرُّ يضيقُ بي أو أرتمي

ظلًّا وإثْرًا حافرًا متأخِّرا.

يا بنتُ في حمصَ العديَّةِ وجهُها

صبحٌ فريدٌ قدْ تسامى أخضرا.

وشوراعُ العشَّاقِ تذكرُ عشقَها

منْ طافَ في فلكِ الضَّياعِ ليبهرا.

وعشقتُ سلمى في الرَّسائلِ فكرةً،

وصفعتُ وجهَ الشِّعرِ حتَّى أشعرا.

لمْ أنتبهْ ما خلفَ كفِّ دعائها،

إلَّا التَّجلِّي قدْ أذابَ تحجُّرا.

يا بنتُ لي في الذِّكرياتِ نبوَّةً،

تحيي المدانَ بلعنةٍ لنْ تغفرا.

ذاكَ العتيقُ منِ اجترارِ بيانِهِ

يتلمَّسُ الإنسانَ حتَّى يكفرا.

صورٌ يقلِّبُها الزَّمانُ بدمعةٍ،

دمعُ الوسائدِ قدْ يصيرُ مُدمِّرا.

الشاعر/ أحمد جنيدو

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى