إسبوعية ومخصصةزوايا وأقلام

والذكريات (3)

علي عويض الأزوري

وصلنا إلى مطار بيتسبيرغ مساءً. كان يوم السابع عشر من نوفمبر، واستقبلنا بعض أصدقاء أخي خالد الذي يكبرني بأربع سنوات وكان يدرس في أمريكا وسبقني بسنتين. كان الطقس باردا والظلام يخيم على المدينة إلا من بضعة أضواء هنا وهناك لبيوت أو شوارع. أخذونا إلى مقهى في وسط المدينة أو ما يسمونه الداون تاون downtown. طلبوا لي كأس شاي وكنت أتلفت يمنة ويسرة لأرى ما حولي وأكتشف ما يجري في هذي المدينة التي سأعيش فيها. ذهبنا بعد ذلك إلى السكن الذي يقيمون فيه وهو عبارة عن بيت في منتصف تل أو ما يسمى تاون هاوس، وكان هناك العديد من البيوت على نفس النمط فطبيعة المدينة في غالبها جبلية ويتخللها ثلاثة أنهار.

كان الإخوة يتمتعون بإجازة عيد الميلاد (الكريسماس) ورأس السنة، وبعد نقاشات ومداولات تم الاتفاق على السفر بالسيارة لاكتشاف بعض الولايات؛ انطلقت الرحلة من بيتسبيرغ مرورًا بويست فرجينيا. كان المغني الأمريكي جون دنفر يغني:

Country roads

Take me home

To the place I belong

West Virginia

أيتها الطرق الريفية

خذيني لموطني

للمكان الذي أنتمي

ويست فيرجينيا

 وعرّجنا على أوهايو، وأنديانا، وإلينوي، وميزوري، وكانساس، وكولورادو، وأوكلاهوما، واركانسا، وميسيسبي، وألاباما، وفلوريدا، ولويزيانا، وتكساس، ونيومكسيكو، وأريزونا، ونيفادا، وكاليفورنيا، والمكسيك، ثم عدنا إلى بنسلفانيا.

استغرقت الرحلة حوالي 34 يومًا، وكنا نقضي يومًا أو يومين في كل ولاية؛ نتعرف على أبرز معالمها، واستمتعنا بالقيادة عبر جبال الروكي المشهورة في كولورادو والمغني جون دنفر يغني أثناء قيادتنا صعودًا عبر تلك الجبال، ونزولا حتى وصلنا إلى دنفر أغنيته المشهورة:

Rocky Mountain High

مرتفعات جبال الروكي

وقضينا بعضًا من الوقت في فلوريدا حيث كان الطقس معتدلا.

كان خط سيرنا في فلوريدا من جاكسونفيل نزولا إلى شاطيء ديتونا حيث قضينا فيه يومين ثم توجهنا إلى ميامي واستمتعنا بالإقامة فيها لثلاثة أيام. وكان عالم ديزني في مدينة أورلاندو Disney World عالما بذاته.

في الطريق إلى نيفادا مررنا في ولاية نيومكسيكو بمحل للزواحف ورأيت الثعابين الكبيرة (الأصلة والأناكوندا) في أقفاص كبيرة من الزجاج، وكانت تلتف في دائرة يصل قطرها ربما إلى عشرين سنتيمترا، وارتفاعها حوالي 40 سنتيمترا. كانت في فترة حضانة للبيض، وقرأت المكتوب على القفص أنها تحتاج إلى 90 درجة مئوية ليفقس البيض.

قضينا رأس السنة في لاس فيغاس المدينة الأشهر في عالم القمار، تلك المدينة التي تصحو ليلا وتغفو بعضا من النهار، أو تقل الحركة بها نهارا. ثم توجهنا إلى كاليفورنيا.

زرنا هوليود ورأينا كيف تصنع الأفلام بشتى أنواعها من أفلام رعاة البقر إلى الفك المفترس، وأفلام الحركة وشيئا من الخيال العلمي. قضينا يومين في تغطية أرض ديزني Disney Land وما زلت أحتفظ ببعض من المصنوعات التي اشتريتها من هناك. ولا أنسى مرورنا بالجولدن جيت (البوابة الذهبية) Golden Gate الجسر المعلق فوق خليج سان فرانسيسكو، يربط الجسر بين مدينة سان فرانسيسكو الواقعة في الطرف الجنوبي من شبه جزيرة سان فرانسيسكو إلى مدينة سوساليتو الواقعة في الطرف الشمالي من شبه الجزيرة في مقاطعة مارين.

مررنا بسانتا باربرا تلك المدينة الحالمة، وسانت هوزيه، ولوس انجلوس، وسان دييغو. ولا أنسى ذلك المنظر المهيب والجميل والمخيف عندما زرنا عالم البحار Sea World، حيث كانت أنثى حوت أبيض في حوض كبير من الزجاج تتلوى وهي تضع مولودها. كان منظرًا يدعو للتفكر والتأمل والانبهار.

ومن سان دييغو دخلنا إلى مدينة صغيرة في المكسيك تسمى Tijuana تايوانا قضينا بها بضع سويعات وقفلنا راجعين إلى سانت هوزيه حيث استضافنا أحد الإخوة السعوديين؛ صديق لبعض من رفقاء الرحلة.

لعل أبرز حدث شاهدته وأنا في الولايات المتحدة توقيع اتفاقية السلام بين مصر وإسرائيل المعروفة بمعاهدة كامب ديفيد التي تبنتها الولايات المتحدة، وتم التوقيع بحضور الرئيس جيمي كارتر ورئيس الوزراء الإسرائيلي مناحيم بيغن بحضور جيمي كارتر. شاهدت أيضًا مقابلة تاريخية للرئيس السادات مع المذيعة الأمريكية الأشهر آنذاك باربرا والترز.

والذكريات تتزاحم.

بقلم/ علي عويض الأزوري 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى