
يوجد نوعان من المناضلين:
– مناضلون في الفنادق
– مناضلون في الخنادق
وشتان بين النضالين والمناضلون.
يذكر التاريخ الحديث بعضا من رموز النضال ومنهم: نيلسون مانديلا، وعمر المختار، وغاندي
ولأبدأ بالأحدث:
1- نيلسون مانديلا
حُكم عليه بالسجن المؤبد؛ قضى مانديلا 27 عامًا في السجن، معظمها في جزيرة روبن في المحيط الأطلسي. أثناء سجنه، أصبح مانديلا شخصية عالمية بارزة في النضال ضد الفصل العنصري. أطلقت زوجته ويني ماديكيزيلا مانديلا حملة لإطلاق سراحه، ونظمت احتجاجات دولية ضد نظام الفصل العنصري. في عام 1990، أطلق سراح مانديلا من السجن. قاد مانديلا مفاوضات بين حزب المؤتمر الوطني الأفريقي والحكومة البيضاء، مما أدى إلى إنهاء نظام الفصل العنصري في عام 1994.في نفس العام، أصبح مانديلا أول رئيس أسود لجنوب أفريقيا؛ وعمل مانديلا على بناء مجتمع ديمقراطي متعدد الأعراق، كما سعى إلى المصالحة بين السود والبيض، وعمل على معالجة التفاوتات الاقتصادية والاجتماعية التي خلقها نظام الفصل العنصري.
غادر مانديلا منصبه في عام 1999، لكنه ظل ناشطًا في مجال حقوق الإنسان والعدالة الاجتماعية. توفي مانديلا في 5 ديسمبر 2013 عن عمر يناهز 95 عامًا.
2- عمر المختار:
قائد عسكري وسياسي ليبي، اشتهر بقيادة المقاومة الليبية ضد الاحتلال الإيطالي لبلاده في الفترة من 1911 إلى 1931. وكان لقبه “أسد الصحراء” لدوره في قيادة المقاومة الليبية ضد الغزو الإيطالي. قاد عمر المختار العديد من المعارك ضد الإيطاليين، وحقق العديد من الانتصارات. وقد استخدم أساليب حرب العصابات التي كانت فعالة للغاية ضد الإيطاليين. استمرت المقاومة الليبية ضد الإيطاليين لمدة عشرين عامًا، حتى تم القبض على عمر المختار وإعدامه شنقًا في عام 1931.
3- المهاتما غاندي
درس القانون في لندن، وعمل كمحامي في جنوب إفريقيا، حيث بدأ نشاطه السياسي ضد التمييز العنصري ضد الهنود.
عاد غاندي إلى الهند عام 1915، وبدأ في تنظيم حركة استقلال الهند؛ قاد العديد من المظاهرات والاحتجاجات السلمية ضد الحكم البريطاني، ودعا إلى مقاطعة المنتجات البريطانية.
في عام 1930، قاد غاندي مسيرة ملحوظة إلى داندي، وهي بلدة على ساحل البحر العربي، للاحتجاج على ضريبة الملح المفروضة على الهنود من قبل البريطانيين.
في عام 1942، أطلق غاندي حركة عدم التعاون، وهي حركة وطنية واسعة النطاق للمطالبة باستقلال الهند؛ أدت هذه الحركة إلى اعتقال غاندي وآلاف من الهنود الآخرين.
في عام 1947، حصلت الهند على استقلالها من الحكم البريطاني، ومع ذلك أدى استقلال الهند إلى تقسيم البلاد إلى دولتين، الهند وباكستان، مما أدى إلى أعمال عنف واسعة النطاق بين الهندوس والمسلمين.
عمل غاندي على تعزيز السلام بين الهندوس والمسلمين، لكنه اغتيل في عام 1948 على يد متطرف هندوسي.
العامل المشترك بين المناضلين السابقين: الإيمان بقضيتهم على أنها قضية عادلة ستؤتي أُكلها إن طال الزمان أو قصر. ضحى كل واحد منهم بنفسه في سبيل قضيته مع اختلاف أسلوب كل واحد في التعاطي مع قضيته، قضى مانديلا ما يقرب من ثلث حياته وراء القضبان، وعمر وغاندي دفعا حياتهما ثمنا في سبيل قضيتهما؛ وما زال العالم يذكرهم بكل فخر واعتزاز واحترام.
أما مناضلو الفنادق، فهم وأبنائهم ونسائهم وأقربائهم يعيشون في قصور قطوفها دانية، ويتبعون أجندات خارجية تملي عليهم أفعالهم وأقوالهم، ويطلبون من أبناء جلدتهم التضحية بأنفسهم وكل غالٍ ونفيس في سبيل (قضيتهم) التي تبينت خيوط عنكبوتها الواهن، ولا زالوا ينعقون صباح مساء ويدفعون بالضعفاء للتهجير والتشريد والقتل والمعاناة في كل الأوقات. يرفعون أصابعهم عاليا إشارة النصر في كل مناسبة يحدث فيها انتصار شكلي، وتُـسلّط الأضواء التي لا أشك أنها مستأجرة عليهم، ويذهب المناضلون الحقيقيون في كتب التاريخ الصفراء ولا عزاء للشرفاء.
ولو افترضت أنه حدث نصر شامل للقضية التي يمضغونها في كل المحافل، ووجدتهم يصلون إلى البلد المنكوبة على طائرات خاصة، ويقفون على قبور الشهداء وهم يبتسمون فالنصر (عن بعد) تحقق.
هناك ملايين يدفعون الثمن، وثـُـلّةٌ يقبضون الثمن.
بقلم/ علي عويض الأزوري