إسبوعية ومخصصةزوايا وأقلام

النوايا في الأعمال

خالد بركات

فلنعلم أن تقوى الله نجاة، وحب الوطن أمانة..

والنقاء في العمل لأجله، والخُلق الرفيع كرامة..

قصة وعبرة: تشبه حال الوطن والمجتمع..

يحكى أنه حدثت مجاعة بقرية، فطلب الوالي من أهل القرية طلبًا غريبًا، في محاولة منه لمواجهة خطر القحط والجوع؛ أخبرهم بأنه سيضع قِدرًا كبيرًا في وسط القرية، وأن على كل رجل وامرأة أن يضع في القِدر كوبًا من اللبن، بشرط أن يضع كل واحد الكوب بمفرده دون أن يشاهده أحد.

هرع الناس لتلبية طلب الوالي، وكل منهم تخفى بالليل وذهب وسكب ما في الكوب الذي يخصه.

في الصباح فتح الوالي القدر.. لكن ماذا شاهد؟

شاهد القدر وقد امتلأ بالماء.

أين اللبن؟!

ولماذا وضع كل واحد الماء بدلاً من اللبن؟

لأن كل واحد من الرعية قال في نفسه :”إن وضعي لكوب واحد من الماء لن يؤثر على كمية اللبن الكبيرة التي سيضعها أهل القرية”.

وللأسف.. كل منهم اعتمد على غيره، وكل منهم فكر بالطريقة نفسها التي فكر بها أخوه، وظن أنه هو الوحيد الذي سكب ماءً بدلًا من اللبن.

والنتيجة حدثت: أن الجوع عم القرية ومات الكثيرون، ولم يجدوا ما يعينهم وقت الأزمة.

ويبقى السؤال:

هل تصدق أنك تملأ الأكواب بالماء، في أشد الأوقات التي نحتاج منك أن تملأها باللبن؟!.

عندما لا تققن عملك بحجة أنه لن يظهر وسط الأعمال الكثيرة التي سيقوم بها غيرك من الناس، فأنت تملأ الأكواب بالماء.

عندما لا تخلص نيتك في عمل تعمله، ظنًّا منك أن الآخرين قد أخصلوا نيتهم، وأن ذلك لن يؤثر، فأنت تملأ الأكواب بالماء.

عندما تحرم المحتاجين من مالك، ظنًّا منك أن غيرك سيتكفل بهم، فأنت تملأ الأكواب بالماء.

عندما تضيع وقتك، ولا تستفيد منه بالدراسة والتعلم والتجارب، فأنت تملأ الأكواب بالماء.

عندما تقصر بأي عمل يوكل إليك ضمن مجموعة، وتظن أن تقصيرك لن يظهر لأن غيرك سيتمم النقص، حتمًا.. فأنت تملأ الأكواب بالماء.

عندما تسكت عن الظلم والظالم وحق المظلوم، ومساندة أهل الباطل فأنت تملأ الأكواب بالماء.

وعندما يكون الوطن على حافة الانهيار، فإنه يحتاج إلى التعاون والوحدة والعقلانية، أكثر من حاجته إلى النصائح والعتاب والتنظير، والتعالي والتكابر، وليس ملء الأكواب بالماء.

العبرة من القصة:

أن لا تنتظر أن يبدأ غيرك التغيير، واجعل البداية تكون منك أنت.

اللهم اعطنا القوة لقول الحق، والعمل بقناعة كل ما يتطلب منا ضمن قيم وثوابت لنجاح مبادرات اجتماعية إنسانية وطنية، وملء الأكواب بمحبة الوطن ومصالح، والبعد عن الأنانية والأنا.

بقلم/ أ. خالد بركات

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى