إسبوعية ومخصصةزوايا وأقلام

حسن الخلق.. نعمة لا يقدرها إلا من فقدها

موضي المطيري

كثيرًا نحمد الله على تربيتنا وأخلاقنا وتفكيرنا الراقي. عندما نرى بعض البشر المحروم من نعمة حسن الخلق ومعدوم التربية والذوق؛ لا نقول أن والداه لم يحسنا تربيته، ولن نقول أن الله لم يهدهِ لمحاسن الأخلاق، بل نقول هؤلاء الناس بمثابة أرض صماء وصخرة صفوان صلده لا تنبت بالخير مهما سقاها الساقي، ولنا في رسول الله صلى الله عليه وسلم. نوح أسوة حسنة؛ ألم يقم بدعوة ابنه وتوجيهه وإرشاده، كونه أبا وكونه رسولا، ومع ذلك لم يثمر فيه التوجيه ولم ينفعه بيت النبوة، لأنه مرد على المعصية، وتجرد من حسن الخلق مع أبيه، فلم يطعه بل عقه بالهروب لجبل يعصمه من الماء. ربما ابن نوح هو قصة أراد الله بها إنارة عقول البشر؛ بأنك لن تهدي من أحببت، أو بيان حكمة بأن الرسل ليس بمقدورهم جمع الناس على كلمة التوحيد ولو كانوا آباؤهم أو أبناؤهم.

وعلى خلاف ابن نوح، نجد محمد عليه السلام، الذي نشأن يتيمًا فقيرًا ليس لديه الأب الذي يحيطه بحنان الأبوة، وليست لديه الأم التي ترعاه بدلال الأم، ومع ذلك شهد الله له بأنه على خلق عظيم، حقًّا فقد الأب والأم لكن لم تذهب جهود جده سُدى، بل أثمرت بإخراج شخصية الصادق الأمين.

إذًا المربون والتربويون  يسعون جاهدين لغرس القيم والمبادئ السامية، والخلق القويم  في صغارهم وتلاميذهم، لكن ما يدمي قلوبهم هو أن يجد تلك الجهود في التربية والتوجيه قد ذهبت أدراج الرياح؛ ليخرج له ابن أو تلميذ لا يحمل من ملامح تربيته شيئًا؛ حينها سنجد الحسرة تلتهم قلبه، والألم يعتصر روحه لأنه خسر الاستثمار في أرض قاحلة وصخرة صماء لا تنبت الزرع ولا تخرج أكلها.

لله در تلك القلوب التي ستتحطم على سواحل سوء أخلاق من أنجبت، ولله در تلك القامات التي انحنت من سوء أخلاق من ربت، ولله در معلم شامخ أخرج للمجتمع تلميذًا متجردًا من حسن الخلق متعجرفًا لا يعرف للتقدير والاحترام طريقًا.

والحمد لله حمدًا كثيرًا.. الذي فضلنا على كثير من عباده تفضيلًا وأحسن خلقنا وأخلاقنا.

وأخيرًا.. مهما بلغت من مناصب الدنيا ومهما حملت من شهادات العلم، إن لم تحمل شهادة حسن الخلق فأنت فاشل بكل المقاييس ووضيع في أعين البشرية جمعاء.

بقلم/ موضي المطيري – القيصومة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى