إسبوعية ومخصصةزوايا وأقلام

كَانَتْ دِمَشْقُ

أحمد جنيدو

كانَتْ دِمشْقُ، وكُـنـتِ القـلْبَ والأمـلا.

عَادتْ دِمشْـقُ، وعُدتِ الـحُبَّ والغَـزَلا.

تلْكَ الحَبيـبةُ في الآهَـاتِ تُـؤْنِـسَـنـي،

أنْـتِ الـبـلادُ الـتـي تَـبْـكـي لِمنْ خَذَلا.

أرضُ الـقِـيـامـةِ كيفَ اليومَ نُنشِــدُها،

وقدْ عُمِـيْـنـا، وتُـهْـنـا فـي غَـدٍ سُــبِـلا.

وحَـيـن كـنَّـا، وكَـانَ الـحُـبُّ موعِـدَنـا،

عَـلـى أَزِيـفِ جِـراحٍ، أيْـنـعـتْ أَجَـــلا.

تَمَـايلَ الحُـلْـمُ، والصَّـفْـصَـافُ رَقْصَتُهُ،

تَـرَاقَـصَ الغُـصْـنُ رَقْـصـاً مُوْلَـعاً ثَمِلا.

أنْـتِ الأصَـالةُ في التَّـعْـريفِ نَعْـرِفُـها،

أنْـتِ الـوَصِـيَّـةُ للإيْـمـانِ إنْ وَصَــــلا.

أُدَاعـبُ الخَدَّ، والأحسـاسُ في شَـغَفٍ،

أُطَـــوِّقُ الأرْضَ والـودْيـانَ والـجَـبَـلا.

أنْتِ الجمَـالُ، ونَـبْـضُ القَـلْـبِ مَرْتَعُهُ،

تُـسَــامِـريـنَ ضِـيـاءَ الـرُّوْحِ والأَمَــلا.

فَـيَـنْـقِــشُ الـسِّحرُ في عينيـكِ قُبْلتَهُ،

صًـبْـحـاً تَـكوَّرَ في الأعْـمـاقِ وارْتَحَلا.

تُجـيـدُ فِيـكِ وِصَــالَ الـبُـعْـدِ ذَاكِـرةٌ،

تُرَصِّـعِـيـنَ جَـمـادَ الـنَّـفْــسِ والـمَـلَلا.

وتَحْـمِلينَ هُـمـومَ الـعَـهْـدِ مـا ثَـقُـلَـتْ،

وتَضْـحَـكينَ منَ المَـحْـمـولِ إنْ ثَـقُلا.

أتَـصْـهَـلـيـنَ؟! جِـيـادُ النَّـصْرِ رابضةٌ،

وتَمْـسَـحينَ دُمـوعَ الحُـزْنِ منْ ثَكَـلا.

وتَعْـشَـقـينَ تُرابَ الوَجْـدِ في حِـمَـمٍ،

تُلامِـسِـينَ غِـيـابَ الطَّـلِّ والخَـجَـلا.

إنِّي أُحُـبُّـكِ، في الـنِّـسْـيـانِ فِـكْرتُنـا،

مِثلَ العَقِيقِ لِصَـدْرِ الموتِ ما بَخَـلا.

تُعَانِقينَ صَـلاةَ الطُّـهْـرِ في جَسـَـــدٍ،

وتَمْرحينَ، تَغُـوصِينَ الصَّدَى رُسُــلا.

وتَشْــربـيـنَ كُـؤوسَ النَّـدْبِ في أَلـَمٍ،

وتَبْصُـقـيـنَ سِـيـولاً في العَنَا عَـسَـلا.

أنْتِ القَـريـبـةُ فـي الوجْـدانِ رَاقِـدةٌ،

وفي حَـنـيـنٍ نِـداءُ الـشـوقِ قـدْ نَـزَلا.

أنا الـفـصـولُ التي أَرْخَـتْ جَـدَائـلَـها

على شُموسِ الهوى كي تُدْهشَ النُزُلا.

أنْتِ الـمَدَائـنُ في كـفِّـيـكِ مَـسْـرَحُها،

بِوِجْـنَتـيـكِ شُـعـاعٌ يُـبـدعُ الـفَـشَـــلا.

الـسِّـرْجُ فـي دِعَـةٍ يَـسْـهـو بِـسَـاهِمَةٍ،

يَمِـسُّـها الوَحْيُ في إشْــراقِها وَغِـلا.

والعيـنُ وَاجِـمَـةٌ تَـرْنـو إلى سُـرَرٍ،

تُحِـيـقُ بالدَّمْـعِ سِـرّاً يَعْـزفُ المُثُلا.

يَرُومُــهـا كَـلَـــفٌ أفْــنَــانُــهٌ حَــجَـرٌ،

والجورُ في عَطَشِ الأرْواحِ إنْ سُأِلا.

مَخْـنـوقــــةٌ بيـن أمْـلـودٍ يُـكَـبِّـلُـهـا،

سـِراجُهـا العِتْمَةُ الـسـّوْداءُ لو هَـزَلا.

سَــيَنـْبـعُ الفَـجْـرُ منْ أصْلابِها وطناً،

ذَاكَ المُحِـبُّ على الأكْـتـافِ مُرْتَجِلا.

تَحْـتَ الـضَّـريـحِ نِـداءُ الحُـرِّ يُـرجعُهُ،

نَحْـو الحَـقِـيـقـةِ إنْ تَاهَـتْ، وإنْ جَـهِلا.

في الـشَّـامِ تَبْـقـى حُـدودُ اللهِ بَـاصِـمَةً،

والدِّينُ في سَـطوةٍ، والسّيفُ لنْ يَصِلا.

في القَلـبِ حُـبُّـكِ يَجْـري عُمْـقَ أوْرِدَةٍ،

والمَوتُ صَـارَ بِـلادَ الـشــامِ، واشْـتَعَلا.

الشاعر/ أحمد جنيدو

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى