إسبوعية ومخصصةزوايا وأقلام

الشَّاعرُ

أحمد جنيدو

يا كاتبَ الشِّعرِ خذْ أسماءَنا شددا.

في كلِّ حرفٍ غدتْ أسماؤنا بلدا.

واحفرْ على أسطرِ المعنى حكايتَنا

في معولِ الحرفِ معنانا روى أبدا.

إيَّاكَ أنْ تُكثرَ الأحلامَ في ألمٍ،

إيَّاكَ أنْ تُقنعَ الإحساسَ منفردا.

فالحرفُ صومعةٌ كمْ آمنتْ كتبٌ،

وكمْ يشوِّهُ بالأشعارِ منْ بُردا!.

كنْ والدًا، كنْ وجودًا آخرًا نضحًا

كنْ أمَّةً، كنْ عطاءً، كنْ لنا ولدا.

كنْ حارقًا، كنْ ملاكًا حالمًا دمثًا،

كنْ عالمًا، كنْ سلامًا كنْ بنا عضدا.

واربطْ إزارَكَ حولَ البطنِ جائعةً،

جوعُ الحروفِ تمطَّى صبرَنا أمدا.

للشِّعرِ خاصرةٌ قدْ تنثني وجعًا،

وقدْ تكونُ دروعًا، أو تكونُ يدا.

للشِّعرِ ملحمةٌ صاغتْ حضارتَنا،

أصيغُها في صراعٍ جائرًا غَرِدا.

يا كاتبَ الشِّعرِ قفْ فوقَ الضَّريحِ غدًا

ما أبشعَ الشِّعرَ إنْ لمْ يستعدْكَ غدا.

أضعتَ نفسَكَ في الإغواءِ توهمُها،

فالشِّعرُ لا ينجبُ الأرماسَ، إنْ ولدا.

فجملةُ الثِّقةِ العمياءِ فارغةٌ،

بُخسُ الكلامِ منَ التَّأويلِ لنْ يلدا.

ولو تظنَّ سطورَ الحبِّ عابرةً،

فاعلمْ بأنَّ حروف الحبِّ لنْ تقدا.

إنَّ الحقيقةَ عندَ الظُّلمِ قاتلةٌ،

و صوتُها قدْ يهزُّ الظُّلمَ ما ارتعدا.

في الشِّعرِ أنتَ أنا ربطُ الأنا بأنا

وحالةٌ مَنْ على الفوضى بها انفردا.

في الشِّعرِ بعضُ جنونٍ كلُّهُ خبلٌ،

في الشِّعرِ تاريخُنا حيثُ الرواةُ صدى.

يا كاتبَ الشِّعرِ غيَّرْ نزعةً ملكتْ

أحلامَنا وثنايا الرُّوحِ والخُلُدا.

غيَّرْ بدايتَنا أو دورةً خدعتْ

عقولَنا شكلَنا أفكارَنا ومدى

وارفعْ حِرابَكَ للباغينَ توقفَهُمْ

لا شعرَ يبقى إذا الباغي بهِ وجدا.

اكتبْ مشاعرَنا أطوارَنا رُسلًا،

اكتبْ رسائلَنا فالصَّوتُ لن يردا.

في عالمِ الجهلِ ينمو الجَورُ مبتكرًا

فاصرخْ بحقِّكَ، كنْ للغاصبينَ ردى

أحرِّرُ الحرفَ منْ قيدٍ يكبِّلُهُ،

ما أعظمَ البوحَ إنْ في الذَّرياتِ بدا.

سَيفًا يصولُ بساحاتِ الوغى أملًا،

و يُعجزُ الخوفَ في أعماقِنا أبدا.

سطِّرْ جوارحَنا ثكلى الوجوهِ بدتْ

منْ متنِكَ الحرُّ نحو المجدِ قد صعدا.

يا سيِّدي الشِّعرِ إنِّي شاعرٌ نزقٌ،

شعري رسولٌ إلى الغاوينَ ما وردا.

بلْ صاحَ في ساحةِ الأحرارِ يلهمُهُمْ

في نزفِهِ جَرَحَ التَّاريخَ والبلدا.

في جُرحِهِ شُعلةُ الإيمانِ طارحةٌ،

ولمْ أكنْ فارغًا حتَّى الفراغُ هُدى.

أنا الحروفُ أنا الأسماءُ كلُّهُمُ،

منْ مثلِنا في سجونِ الحرفِ قدْ وجدا.

أنا المؤرِّخُ للثَّوراتِ يا قلمي،

كلُّ الكلامِ إلى الثَّوراتِ قدْ سجدا.

اكتبْ، ودعْ خلفَكَ الأجيالَ شاهدةً،

يأتي زمانُكَ، لو في الظِّلِّ متَّقدا.

الشاعر/ أحمد جنيدو

من ديوان: “سقطتِ النقطةُ عن السطرِ”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى