تشكيل وتصويرفن و ثقافة

هند القثامي: الفنان العربي أصبح أكثر قدرة على نشر إنتاجه عالميا

تعمل الفنانة التشكيلية السعودية هند القثامي على الكثير من المهام التي تختص بالفن التشكيلي، فهي ناقدة فنية ومنظمة معارف فريق “سكتش آرت”، ومكنها اطلاعها على أعمال محلية وعربية ودولية.

وترى الفنانة السعودية أن الفنون التشكيلية صارت أكثر انتشاراً اليوم بالعالم العربي، وأنه بات بمقدور الفنان الوصول إلى المتذوق والجمهور ومن يقتنون الأعمال التشكيلية بسهولة بفضل شبكة الإنترنت وانتشار مواقع التواصل الاجتماعي.

وأضافت القثامي أن الفنان التشكيلي أصبح أكثر قدرة على نشر محتواه، وتطوير أدواته واكتساب المزيد من المهارات في ظل انتشار المعارض والملتقيات الفنية التي حققت المزيد من التعارف بين الفنانين وأتاحت الفرصة أمام الكل لتبادل الرؤى والأفكار والتجارب مع أقرانهم ببلدان العالم العربي والعالم أجمع.

وحول رؤيتها لحضور الفنانين العرب في الحركة التشكيلية العالمية، قالت القثامي إن الفنانين العرب لهم حضور قوي عالمياً، وإن الفنون التشكيلية العربية لها بصمة فنية خاصة، وتتفرّد بهويتها الثقافية والدينية، حيث أصبحت الفنون لغة للتواصل بين الشعوب وجسراً يربط بين الثقافات.

وأشارت القثامي إلى وصول العديد من الفنانين التشكيليين العرب إلى العالمية “وتحقيق حضور كبير في المحافل الفنية الدولية”، وأن كثيرا من فناني وطنها المملكة العربية السعودية صاروا فنانين عالميين من أمثال عبدالله المغلوث، وطه الصبان، وضياء عزيز وغيرهم ممن وصلت أعمالهم التشكيلية إلى أكبر الملتقيات والمعارض العالمية.

وحول رؤيتها لمكانة المرأة في المشهد التشكيلي السعودي والعربي، وزعم البعض بوجود فن ذكوري وآخر نسوي، قالت إن الفن لا يعرف الجنس، وإن الفرق بين عمل فني وآخر يتجلّى في اللوحة ويتضح من خلال الفكرة وطريقة التعبير واختيار الألوان، حيث نجد أن كلاً من الجنسين له بصمته الخاصة في أفكاره وإبراز أعماله.

واعتبرت القثامي أن “الفن رسالة ومن خلاله يمكن التعبير عن قضايا المجتمع، وبه استطاعت المرأة أن تصور تلك القضايا وتسلط الضوء عليها كونها جزءاً من المجتمع”. كما أكدت أن الأعمال النسائية حاضرة في كافة المحافل على المستويين المحلي والعالمي معبرة عن رؤيتها للمجتمع وللعالم، من خلال ضربات الفُرش واندماج الألوان. وأشارت إلى أن المرأة “ربما تفوقت على الرجل في دقة التعبير وجرأة الطرح الفني لما تطرحه من موضوعات”.

وحول مدى قدرة الفنان التشكيلي العربي على أن يجعل من الفن مصدر رزقه وأن يعيش من نتاج ممارسته له، اعتبرت القثامي أن ذلك ليس بالأمر اليسير وأن “متطلبات ممارسة الفنون التشكيلية باتت تفوق عائدات تلك الممارسة”، منوهة إلى أنه بالرغم من وجود دعم من قبل بعض المؤسسات المعنية برعاية الفنون، فإن الفن التشكيلي لا يُعد مصدر رزق دائما للفنان، وأنه برغم ذلك، يستمر تدفق الأفكار من مخيلة الفنان، وتبقى الحاجة إلى رأس المال وسوق فنية رائجة مطلبا لكل فنان.

ورأت بأن معاناة المرأة في مجال الفنون التشكيلية تختلف عن معاناة الرجل في الكثير من الأحيان، حيث يُعوقها غالباً عدم قدرتها على السفر والمشاركة في الفعاليات والمعارض الفنية، فتفقد بذلك فرصة التعرف على تجارب فنية جديدة.

وأضافت أن ذلك لا يمكن المرأة من إثراء حصيلتها الفنية مع قريناتها من الفنانات في ما يقام من معارض فنية، وعدم استماعها لنقدهن وآرائهن، لافتة إلى أنه عندما تلتقي كل فنانة بقريناتها من الفنانات التشكيليات، وتستمع لنقدهن وآرائهن فإن ذلك يعزز جانب الثقة ويوسع مداركها ويزيد معرفتها وحسها الفني.

وحول تجربتها مع الفنون التشكيلية والمدارس الفنية التي تنتمي إليها، قالت الفنانة القثامي إن علاقتها بالفن بدأت في سن مبكرة، حيث لاحظ موهبتها في مرحلة الطفولة أهلها وكذلك معلماتها في المدرسة، وأنها حين رأت الإعجاب في أعينهم بما تقوم برسمه أحبت ما ترسمه واهتمت به.

وتابعت بالقول “من الطبيعي أن كل رسام في أول تجربة له يتجه للرسم الواقعي، ومن خلاله وبالاستمرارية والخبرة يستطيع أن يسلك طريقاً آخر غير المدرسة الواقعية يناسب إحساسه ويعبر عن مكنوناته ويصف شعوره”، مشيرة إلى أنها توجهت إلى السريالية التي تتضح في أغلب لوحاتها باعتبارها مدرسة استطاعت التعبير عن أفكارها ورسم مشاعرها

وحول علاقتها باللوحة والفرشاة والألوان وعوالمها الفنية الخاصة حين ترسم، قالت القثامي إنها بمجرد إمساكها بالفرشاة فإن روحها تبحر في فضاء لا حدود له، وتغيب عن الواقع وترحل خارج أسوار الوقت، وتطبق رأسها أمام اللوحة في صمت والضجيج يعلو وتتدفق الأفكار من مخيلتها مع آلاف العبارات والمشاهد التي تملأ فراغ اللوحة.

وأوضحت أن الوضع يختلف إن كان العمل مطلوباً من جهة معينة ويتناول موضوعا محددا مسبقاً، حيث يتطلب ذلك استحضاراً لكافة خبراتها ومخزونها البصري والمعرفي لذلك الموضوع لتجسيدها بما يتناسب وأساسيات الرسم مع الفكرة لتتكون لوحة فنية ذات هدف وفن ورسالة، بخلاف لوحاتها التي تولد لإفراغ طاقاتها الشعورية والتي تأتي كفضفضة لونية لم يستطع اللسان الحديث عنها ولا القلم وصفها.

وحول مفرداتها وموضوعاتها الفنية، قالت إنها تتناول كافة الموضوعات سواءً كانت دينية أم وطنية وكل ما يهم المجتمع، وأنها تقوم بتوثيق إرث الماضي ليخلد في اللوحة، وتستخدم الفن في تجسيد الأمنيات وتقديم رؤيةً للمستقبل.

أما حول حضور الرجل والمرأة في أعمالها الفنية، فقالت القثامي إنه لأن الرجل هو الشريك في الحياة، فمن الطبيعي أن تتطرق إليه في أعمالها التشكيلية، حيث تتناول الرجل في صورة الأب الحنون، والرجل المحب لزوجته والبار بأبنائه ووطنه، ومن خلال ذلك وصفت الزي الحجازي القديم والفروسية والكرم وحب الوطن، وأنها رسمت المرأة باعتبارها رمزا للأمومة وللاستمرارية والعطاء والحب والتي تتجسد فيها القيم والأخلاق والحافظة للتقاليد والعادات المتوارثة من الأجداد والآباء وهي جميعها صفات ومشاعر جميلة تسردها في لوحاتها.

يُذكر أن هند القثامي تتمتع بعضوية عدد من المؤسسات المحلية والعربية، ومتخصصة في تنظيم المعارض الفنية، وهي بجانب ممارستها للكتابة في مجالات الفنون التشكيلية، لها الكثير من المشاركات الفنية في معارض وملتقيات سعودية ودولية، وتشتهر بإبرازها للتراث الحجازي في لوحاتها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى