
هذه القصة حدثت قبل عشرة أيام وكنت شاهدًاعليها؛ بمعنى أنني أنا المصدر الأول والوحيد لهذه المعلومات التي سوف أسردها عليكم:
كان كل شيء هاديء في القرية يوم 8 أغسطس 2023، وكان يومًا عاديا مثل كل الأيام، صحوت قبل الفجر ومارست عاداتي اليومية من (دينية، ونفسية، وطعامية). وبعد أن شاهدت بعض الأخبار على التلفاز ركبت سيارتي وهبطت إلى البندر(السوق)؛ اشتريت بعض احتياجات المنزل وأمضيت ما يقارب الساعة والنصف وقفلت راجعًا، فقد رضيت من السوبرماركت ببضع أكياس وبضع مئات صرفتها على تلك المقاضي التي كان عددها أقل بكثير من ثمنها.
كانت الساعة الحادية عشر تماما حيث موعدي مع القطط/ البساس، لأعطيها البرنش (باللغة الإنجليزية كلمة برنش تعني Breakfast+lunch وتستعمل هذه الكلمة عندما يكون الأكل في وقت بين الإفطار والغداء). نزلت وفي يدي كيس مليء بقوانص وكبد وقلوب دجاج، وكانت القطط/ البساس/ الهررة تنتظرني عند الباب وقد تعالى مواؤها؛ فقد تعودت على هذا الموعد كل يوم، وأصبحت ساعتها البيولوجية الفطرية تنبئها بموعد البرنش.
ما إن فتحت الباب حتى تزايد مواؤها، وبدأت تتنطط يمنة ويسرة، وتضرب بعضها (فالجوع كافر)، والوجبة شهية ودسمة، ولا تتمتع بها قطط/ بساس/ هررة القرية التي عادة ما تكون في حاويات النفايات بحثًا عن بقايا طعام تسد به جوعها الفطري.
شبعت القطط/ البساس/ الهررة، وأخذت تلعق أياديها دلالة على استمتاعها بتلك الوجبة الهاي كلاس (5 نجوم في تصنيف المأكولات القططية/ البسسية/ الهررية)، ولما قفلت راجعًا إذا بي أسمع صراخًا وتأوهات تنم عن ألم مبرح، فأخذت أجري نحو مصدر الصوت وهالني وراعني ما رأيت؛ كان الأب في زاوية وأحد أبنائه يقوم بضربه بلا رحمة ولا هوادة، والأب محتجز في زاوية لا يقوى على الحركة، والابن يكيل له الضربات الواحدة تلو الأخرى حتى كسر يده، وعندما حاولت مساعدته تدخل إخوانه وحالوا بيني وبينه.
سقط الأب على الأرض وهو يعاني من كسر مضاعف في يده اليمنى، والأعظم فقدان هيبته واحترامه ومكانته بين عائلته.
كان منظرًا تتقطع له نياط القلب والعين وكل الجوارح، وتساقطت من عينيّ الدموع لرؤية الأب مكسور الخاطر واليد، ونظرات الهزيمة والألم في عينيه؛ وكأني به يسترجع الأيام التي كان يعامل أباه بالمثل لما كبر وخارت قواه؛ ويحدث نفسه: كما تدين تدان.
استرجعت شريط الذكريات وما كان يفعله هذا الأب/ الابن آنذاك قبل عقد من الزمن بأبيه، وكما يقول المثل الشعبي: سلف ودين، ومن قـدّم السبت يلقى الأحد.
هذه القصة المؤثرة المحزنة المبكية كانت لشمشون وابنه العاق كنكون الذي (تفرعن) واستلم زمام القيادة في الحظيرة، وأصبح شمشمون نسيًا منسيًّا.
عمتم صباحًا.
بقلم/ علي عويض الأزوري