السينما الهندية تدمج الروبوتات في القصص الرومانسية
تظهر السينما العالمية ومنها بوليوود اهتماما بمناقشة حضور الروبوت والتكنولوجيا في حياة الإنسان ومدى التحديات والفرضيات الممكنة التي قد تحدث في حال خضعت هذه الآلات للمزيد من التطوير والبرمجة. وفي هذا السياق يأتي فيلم “قلبي تعلق بأفكارك” ليناقش موضوعا مهما هو احتمالية دخول الإنسان في علاقة حب وزواج مع روبوت.
الفيلم الهندي للمخرج الهندي آميت جوشي، وتدور أحداثه حول شخص يدعى أريان يواجه صعوبة في العثور على شريكة حياته، وفجأة يصادف فتاة تُدعى سيفرا أثناء تواجدهما في الولايات المتحدة، وتبدو له مناسبة ومثالية لمتطلباته كشريكة حياة. يقع أريان في غرامها، لكنه يكتشف لاحقًا أن الأقدار تحمل له مفاجآت لم يكن يتوقعها في أرض الواقع.
الفيلم سيناريو آميت جوشي وآرادهانا ساه، وبطولة كل من شاهيد كابور، وكريتي سانون، ودارمندرا، وديمبل كاباديا، وراكيش بيدي، وأنوبها فاتحبوريا.
تبدأ افتتاحية الفيلم بمشهد تجسسي لزوج وزوجته وهما يخدعان ابنهما النائم كي يبصم على أوراق معينة، وعندما يخرجان من الغرفة، يفهم المشاهد من خلال كلامهما مع أفراد عائلتهما أن الأوراق التي وقع عليها الابن هي عقد زواج، إذ يتبيّن أنهما فعلا ذلك لأنه كلما تحدثا معه في موضوع زواجه يتجاهلهما، وعندما يستيقظ أريان (شاهد كابور) ويذهب إلى الصالة يستغرب أن الجميع يرتدون ملابس جديدة خاصة بالخطوبة، وعندما يسأل عن السبب، يُشاورونه حول فتاة ترتدي ملابس الزفاف ويخبرونه أنها زوجته، فيظن أريان في البداية أنهم يمزحون، لكن والده يظهر له شهادة الزواج التي وقع عليها ويخبره أنه لم يكن لديهم خيار آخر.
تكشف هذه الافتتاحية من المشاهد الخيوط الأولى لبداية الأحداث حيث يسأل أريان الفتاة التي كان من المفترض أن يتزوجها إذا كانت لا تزال صغيرة وهو أكبر سنا منها بكثير فتتركه وتدخل الغرفة هربا، وعندما يذهب وراءها ويحاول رفع الحجاب عن وجهها، يكتشف أنها روبوت فيصدم. في هذه اللحظة نفسها، يستيقظ من نومه ويطمئن عندما يعلم أنه مجرد كابوس. عندما يستيقظ صباحا ويذهب إلى عمله، يلتقي مع زميلته التي تقترح عليه حضور مباراة الكريكيت، في لقطة توحي بأنها تحاول التقرب منه، لكنه يرفض عرضها ويخبرها أنه مشغول.
تتوالى الأحداث ليكتشف الجمهور في المشاهد اللاحقة أن الشركة التي يعمل فيها البطل متخصصة في الذكاء الاصطناعي والبرمجيات، وأنهم يسعون لتمكين الروبوتات من فعل أي شيء يمكن للبشر القيام به. ويظهر هذا في اللقطة التي تبين حقن أحد الروبوتات التي صنعوها على المقاس البشري لرجل مريض، وبالفعل ينجحون دون أي ضرر.
يعاني السيناريو في بداية هذه المشاهد من حوارات مكثفة وغير مرتبة، تفتقر إلى ترتيب للأفكار من جهة، وتسلسل الأحداث من جهة أخرى، وهذا هو ما أفرز تداخلا في الحوارات، خاصة في المشهد الذي نشاهد فيه أريان داخل اجتماع الشركة التي دخلها متأخرا، فتسأله المديرة التي توجد في الولايات المتحدة وتتواصل معهم بتقنية الهولوغرام (ثلاثية الأبعاد)، إذا كان لديه أي مشاريع يعمل عليها فيبدأ بتقديم فكرة في ذهنه، ثم يُطلب منه تنفيذها على أرض الواقع بعد الاجتماع، بعد انتهاء الاجتماع يتحدث مع المديرة بشكل خاص فنعرف أنها عمته (ديميل كاباديا).
وعلى الجانب الآخر من تداخل الحوارات وتشويش الأفكار يزداد فقدان التركيز عندما يسأل أريان عمته عن سبب الأمر الهام الذي استدعته بسببه، تقول له إن والدته عملت ضغطا عليها لإقناعه بالزواج، فيوافق على عرضها قضاء بعض الأيام معها في الولايات المتحدة وتأخذه في جولة حول الشركة حيث يكتشف أن جميع موظفيها روبوتات، وهي لقطات تخبرنا أن الروبوتات الآن قادرة على فعل ما يفعله البشر ويعملون بأجور منخفضة التكلفة، وبعد ذلك تعرض عليه أن يصبح أفضل مبرمج في الشركة وتخطط له كي يصبح الرئيس التنفيذي لها لكن بمهاراته وليس لأنها عمته.
يعود بمفرده إلى المنزل، وهناك يتعرف على فتاة تدعى سيفرا (كريتي سانون) كمساعدة تساعده في كل شيء، تستقبله سيفرا فيندهش من جمالها وعندما ينزل إلى الطابق السفلي، يجدها تعرف سابقا تقديم قهوته المفضلة والطعام الذي يحبه، فيستغرب ويسألها كيف عرفت هذه الأشياء عنه، كنوع من التشويق في آخر هذه الحوارات المتداخلة.
يتصاعد التشويق في تكوين اللقطات اللاحقة خاصة في المشهد الذي يقترح فيه أريان على سيفرا الخروج معه فتوافق ويمضيان وقتا ممتعا، ويبدأ يتحدث لها عن ثقافته ويسألها عن مواصفات رجل أحلامها فتخبره بعفوية وبسهولة أنه هو فتى أحلامها، وتعترف له بإعجابها به، ليكتشف بعد قضاء ليلة ممتعة معها في منزل عمته أنها روبوت وليست إنسانا، يدخل في حالة من الصدمة ويغضب من عمته لأنها هي من صممت الروبوت على ما يعجبه وما لا يعجبه، لكنه لا يستطيع أن يخرج سيفرا من عقله لأنه أحبها ولم يشعر بأنها روبوت، حتى قرر الزواج منها.
تتشابك الأحداث عندما يصل أريان وسيفرا إلى منزل والديه خاصة بدءا من المشهد الذي يبرز أريان وهو مندهش من نظرات سيفرا الغريبة والتي فجأة تسأله من هو، وكأنها فقدت ذاكرتها، فيحاول أن يبعدها عن العائلة لكي لا يكتشفوا أنها روبوت، وعندما يتصل بعمته ويشرح لها الوضع، تقول له إنها ربما حملت تطبيقا لمسح الذاكرة ولديها نسخة من ذاكرتها التي سترسلها له ومهمته هي تحميلها. بعد ذلك تتطور سيفرا حيث نراها تشحن نفسها، ويلاحظ في نفس الوقت وجود شخص يدعى رافا وهو ابن عم أريان، يسألها عما تفعل فتجيبه بأنها تقوم بإعادة تشغيل نفسها فيقترب منها ويحضنها، وعندما يراه أريان يضربه، فيهدده رافا بالكشف عن الأمر لأفراد العائلة، لكنه لا يهتم بتهديده ويطلب من سيفرا أن تعلقه من رجله، وفعلا تقوم بذلك.
يستمر تكوين اللقطات في إبراز أحداث عرقلة البداية الهادئة للفيلم حيث تختلط الصور وتتشتت الأفكار خاصة في المشهد الذي يبدأ فيه أفراد عائلة أريان في البحث عن طماطم سيفرا المفقودة في كل مكان، لكن من دون فائدة. في تلك الأثناء تقدم سيفرا بلاغًا للشرطة بأن أريان قد سرق طماطمها، لكن الضابط يعتبرها مجنونة، ويتعاملون معها بناءً على ذلك، وعندما تترك لهم رقم أريان قبل أن تغادر، يتصلون به ويتفاجؤون بالوضع، فيعتذر منهم أريان ويشك في أن سيفرا مبرمجة من أحدهم لتنفذ المهام التي طلبت منها بعفوية.
يبرز الإخراج ارتجالية وفقدانا لتسلسل الأحداث في ترتيب اللقطات والمشاهد منذ مرور العشر دقائق الأولى إلى المشد الذي تدخل فيه سيفرا قاعة الزفاف فتسألها السيدة التي اعتدت عليها بالضرب من قبل وتغادر بدون أن ترد عليها بصفعة مماثلة، ملبية رغبة أريان كي لا تخلق المشاكل، لكن عندما يأمر عمه سيفرا بأن تطفئ نفسها، ترفض وتتمرد على الزفاف وعلى كل العائلة، ثم تلتقي برافا وتظن أن أريان قد أمرها برميه من فوق البيت، فتسحبه من رجله لكنه يسقط بدون أن يتأذى.
ويبين المشهد الأخير بيزنطية الخرافة الهندية عندما تشعل سيفرا النار في المكان جراء تعرضها لبرمجة سيئة، وعندما يدرك أريان أنه لا يمكن لفتاة روبوت أن تتزوج يضربها على رأسها فتتعطل وتفشل هذه العلاقة.
في الأثناء، تصدر عمته مديرة شركة الذكاء الاصطناعي ثماني نسخ من الروبوتات. وفي ختام الفيلم يظهر مشهد أخير يبين فتاة معجبة بأريان تدعوه لشرب القهوة فيوافق على دعوتها كونها إنسانا من لحم ودم. وهكذا تبقى الروبوتات مجرد آلات يستخدمها البشر في العمل وليس الحياة الزوجية.
ويمكن القول إن هذا الفيلم ذا التأليف المشترك بين أميت جوشي وأرادهانا ساه، يعاني من تشتت في الأفكار وفقدان الرابط المنطقي السلس بين الأحداث، كما يعاني خللا في ترتيب المشاهد واللقطات. أما الأداء التمثيلي فهو شبيه بالرسوم المتحركة إلى حد كبير، حيث يظهر عدم تقمص الأدوار والاكتفاء بالأداء السطحي سواء من شاهد كابور أو كريتي سانون. الشيء الوحيد الذي يمكن أن يجعل للفيلم أنصارا هو الأغاني الترويجية والموسيقى التصويرية.