نصائح هامه في تعامل الأسرة مع الطفل الكفيف
من القيود النفسية التي تفرضها الإعاقة البصرية على الكفيف الخوف من مراقبة المبصرين لسلوكه، وأنهم يرصدون أخطاءه، فهذا يجعله دائم التوتر وأكثر عرضة لعدم الإحساس بالأمان، فضلا عن أنه قد يسلك أحيانا سلوكاً غير مقبول اجتماعيا لتفادي الوقوع في الخطأ.
ومن الآثار السلبية المرتبطة بالإعاقة البصرية الشعور بالنقص والدونية، إذ يتولد هذا الشعور في كل حركة يقوم بها الكفيف بطريقة مباشرة وغير مباشرة، حتى ولو سمع عبارات الإطراء من البعض لما يقوم به من قدرات فهو يرى في هذا عدم ثقة، ويدرك أن ما يقوم به لا يصلح إلا إذا تجنب الموقف، حينها يبدأ الكفيف بتجنب المواقف التي تسبب له الشعور بالنقص والدونية، وتبدو عليه الرغبة في الهروب؛ لأن هذا الشعور بالنقص يحطم النشاط الشخصي والقدرات الإبداعية المختلفة.
وتظهر مشكلات التوافق الاجتماعي لدى الكفيف بسبب ردود الفعل غير الملائمة من جانب المجتمع لكف البصر، وليس بسبب الخلل الذي يصيب هؤلاء الأفراد. وقد تعوق ردود الفعل هذه قدرة الطفل الكفيف على تطوير أنماط من الاعتمادية والسليبة وهو ما يعرف بالعجز المتعلم (Learned Helplessness)، فليس هناك خصائص اجتماعية خاصة تميز الأطفال المكفوفين عن أقرانهم المبصرين.
وتحدث حالة عدم الألفة بين الأفراد المبصرين والمكفوفين نظراً لعدم وجود أي معارف لهم عن أنماطهم المعتادة في التفاعل الاجتماعي، وللأسف فإن المكفوفين لا يتمكنون من تغيير أسلوبهم في التفاعل الاجتماعي حتى يتوافقوا مع تلك الظروف المحيطة بهم، ولذلك فإن المبصرين يعدون مسؤولين عن التواصل مع هؤلاء المكفوفين.
إن ردود الفعل الانفعالية والاجتماعية للأطفال المكفوفين بصريا تشبه ردود فعل الأطفال الآخرين، مع أن عوامل مختلفة قد تكون مسؤولة في حالة الأطفال المبصرين. ولا تتوفر أدلة علمية كافية على أن هناك فروقاً جوهرية بين المكفوفين والمبصرين من الناحية السيكولوجية.
من جانب آخر تتجمع حالياً أدلة علمية قوية تشير إلى أن المكفوفين يواجهون مشكلات في التكيف الاجتماعي وبخاصة في المراحل العمرية المبكرة، وان تلك المشكلات قد تنطوي على مضامين طويلة الأمد بالنسبة للنمو الانفعالي والاجتماعي في المراحل العمرية اللاحقة.
دائماً ما يشعر الوالدان بالقلق بشأن تربية أطفالهم على النحو السليم، ولكن قد يتضاعف هذا القلق لدى الآباء والأمهات الذين يقومون بتربية طفل كفيف، ففكرة وجود طفل كفيف في العائلة يدفعهم إلى بذل جهد مضاعف لتربيتهم، في هذا المقال سنستعرض الطرق الفعّالة لتربية طفل كفيف، وكيفية مساعدته على التعلم، إلى جانب التدابير اللازمة لحمايته.
كيف أقوم بتربية طفل كفيف؟
يعاني الطفل الكفيف من عدم القدرة على القيام بالأمور العادية خلال يومه العادي ومن فقدان الثقة بالنفس عند البعض، لأنه يعيش بوضع مختلف عن الآخرين ومع ذلك، يمكنك مساعدة طفلك على التعامل مع مجريات الحياة وتعزيز ثقته بنفسه في المنزل وفي العالم الخارجي من خلال اتباع خطوات معينة، وفيما يلي سنستعرض بعض الخطوات الفعّالة لتربية طفل كفيف:
تعرف على حالة طفلك
إذا كانت الإعاقة البصرية لطفلك متقدمة، امنح نفسك الوقت الكافي للتكيف مع هذا الوضع ومن الضروري التعرف على حالة طفلك بالتفصيل وخيارات العلاج المتاحة، إلى جانب البحث عن الجهات التي ستلجأ إليها للمساعدة سواء كانت جهة طبية أو تعليمية، وضع في عين الاعتبار أنّك إلى جانب الرعاية الطبية والاهتمام من قبل المؤسسات المَعنية ستكون أفضل معالج لطفلك.
تحدث معه
اهتم بإجراء أحاديث مع طفلك، تحدّث معه وأنت تسير باتجاه غرفته، تحدث معه وهو يتناول فطوره؛ فذلك سيشعره بالأمان وبأنك قريب منه دائماً.
تواصل مع طفلك جسدياً
يمكنك أن تمسح على رأسه، أن تمسك بيده بلطف وتشعره بالأمان، فمثلاً إذا كان طفلك الكفيف ما زال رضيعاً حاول أن تلمسه وتمسح على رأسه قبل حمله، مع ترديد عبارات مثل سنذهب الآن، سيفهم حينها أنّ هذه اللمسة والكلمات تعني أنك ستقوم بحمله.
ساعده بالتعرف على الأشياء
من الجيد تعويد طفلك على الأشياء التي سيستخدمها قبل استخدامها، دعه يشعر بها ويشمها، مثلاً إذا احتاج طفلك مسح أنفه دعه يلمس المنديل، وتذكّر إن لمسَ الطفل للشيء بصورة مفاجئة قد يشعره بالخوف أو الارتباك.
اجعله يتفاعل معك
لا يستطيع الطفل الكفيف التفاعل مع إيماءات الوجه ولا الابتسامات الموجهة إليه، لذلك أنت بحاجة لإيجاد طرق أخرى، وعليه فلا بأس من القيام بدغدغته أو غناء بعض الأغاني له.
معاملته كطفل طبيعي
بالنسبة للطفل الكفيف يجب معاملته مثل أي طفل آخر طبيعي، ومحاولة دمجه في الأنشطة العائلية ليتفاعل معها، مثلاً اجعله يساعدك في إعداد العشاء أو ترتيب الأطباق على الطاولة، إذ إن القيام بمثل هذا النوع من الأعمال يعطي الطفل شعوراً بالإنجاز والذي ينعكس إيجابياً عليه ويعزّز من ثقته بنفسه.
اللعب مع أشقائه أو أصدقائه
إنّ الخوف على طفلك الكفيف قد يدفعك إلى منعه من اللعب لحمايته، ومع ذلك؛ فإن السماح للطفل باللعب مع أشقائه أو أصدقائه سيساعده على تعزيز ثقته بنفسه، اجعله يرافقهم ويلعب معهم، وإذا كان لديك أي قواعد محددة للعب، فتأكد من مناقشة هذه القواعد معهم، مثلاً ذكرهم بألا يتركوه وحيداً أثناء العب.
تعليمه الإيماءات الاجتماعية
لا يستطيع الطفل الكفيف تقليد الإيماءات الاجتماعية بشكل تلقائي مثل السلام أو إلقاء التحية باليد، وعليه من الضروري تعليمه هذه المهارات، هذا بالإضافة إلى أهمية توعيته حول بعض السلوكيات غير المقبولة، مثل وضع الأصبع بالأنف ومص الإبهام.
علمه كيفية الرد على الأسئلة المحرجة
علم طفلك الكفيف كيفية الرد على الأسئلة المحرجة من خلال إعطاء إجابات هادئة وواثقة، على سبيل المثال إذا قال أحدهم “ألا ترى هذا؟”، يرد الطفل بهذه الطريقة: “لا أستطيع، هل لديك مانع من قراءتها لي؟”.
أخبره أن إعاقته مصدر قوة
شجعه على إدراك أن إعاقته لا تعني الفشل، عندما يشعر طفلك بالإحباط قد يشعر بأنه شخص فاشل، وهنا من المهم مساعدته على إدراك أنه بإمكانه القيام بالكثير من الأشياء حتى لو اضطر إلى القيام بها بشكل مختلف قليلاً، على سبيل المثال إن كان من محبي العزف على البيانو، قل له: “يمكنك القيام بأشياء كثيرة لا يمكنني القيام بها كالعزف على البيانو”.
ركز على الإيجابيات
إن التركيز على ما يمكن أن يفعله الطفل أمر ضروري لتعزيز ثقته بنفسه، لا تركز على الأشياء التي يجد الطفل صعوبة في عملها، فذلك حتماً سيؤثر في نفسه بطريقة أو بأخرى، إذ يجب أن يعلم طفلك أن كل شخص في العالم يواجه تحديات بطرق مختلفة، وأن المعاناة لا تقتصر عليه، من الجيد أن يعلم بأنه مختلف ولديه الكثير ليقدمه إلى العالم، وأنه يمتلك نقاط قوة كثيرة، على سبيل المثال إذا كان طفلك يمتلك صوتًا رائعًا قل له: “صوتك رائع حقاً، ما رأيك بالانضمام إلى معهد موسيقيّ؟”.
وإذا كان طفلك يعاني من صعوبة في الرياضيات، يمكنك إخباره أن الكثير من الناس لديهم نفس المشكلة وأن الصعوبة غير مرتبطة بكونه كفيفًا، ويمكنك دعمه من خلال قول التالي: “لقد لاحظت أنك تعمل بجد واجتهاد في أداء واجبك المنزلي، أنا فخور جدًا بك”، أو قل له:” يواجه العديد من الأشخاص صعوبة في تعلم الرياضيات، ولكنك تبذل قصارى جهدك من أجل تعلم المواد الصعبة، إنه عمل جيد”.
امدحه أمام الجميع
تأكد من أن طفلك يعلم بمدحك له أمام الآخرين، وعليه فيمكنك الاتصال بأحد الأشخاص المقربين منه وإخباره بتفوق طفلك في المدرسة، واحرص على أن يعلم طفلك بذلك.
يشعر الطفل الذي يفقد إحدى حواسه أنه أقل من الآخرين أو ربما يفقد شيئاً من رغبته في الحياة. وهنا تقع على كاهل الأم المسئولية الأولى كي يمارس هذا الابن الكفيف حياته مثل أقرانه الأسوياء.
خطوات تسهل التعامل مع الطفل الكفيف:
الكفيف مثل أي شخص لذا يجب أن يعامل كأي شخص بشكل طبيعي وبدون افتعال.لان إظهار العطف الزائد والشفقة، وخاصة كلمة “مسكين” تجعله يشعر وكأنه عاجز حقًّا.
عندما تصادفين طفلاً كفيفاً، فلا بد من تحيّته ومصافحته في يده بدلاً من الابتسامة التي ترسمينها على شفتيك لإلقاء التحية عليه.
عندما تتحدّثين إلى الطفل الكفيف، أعلميه أنك توجّهين إليه الحديث. فهو لا يرى عينيك حتى يعرف انك تتحدّثين إليه. لذا نادي باسمه حتى يعرف أن الحديث موجّه إليه، وخصوصاً عندما يكون ضمن مجموعة. كما عليك أن تستديري وتنظري باتجاهه وإن كان لا يراك فهو يحسّ ويدرك إن كنت تتحدّثين إليه من خلال اتجاه صوتك.
لا ترفعي صوتك عند التحدّث إلى الطفل الكفيف لأن ارتفاع الصوت يؤذيه ويؤدي إلى مضايقته.
لا تشعري بالإحراج من استخدام مفردات تتعلق بالنظر (مثل انظر، هل رأيت، من وجهة نظرك)، فهذه الكلمات لا تحرج وهو يستخدمها في حديثه، وإن كان لا يرى. ولا تتجنب استخدامها لأن ذلك سوف يحرجه.
لا تشعر بالإحراج من التحدث عن كف البصر وعن إعاقته، فهذا لا يضايقه لأنه قد اعتاد عليها وإنما عليك إتباع الأسلوب المناسب.
عند دخولك على طفلك الكفيف، دعيه يشعر بوجودك وذلك عن طريق إخراج بعض الأصوات، ولا تعتمدي على أنه يعلم بوجودك، فهو لا يراك حين تدخلين غرفته.
إذا كنت قد أنهيت حديثك اليه وأردت مغادرة الغرفة فعليك أن تعلميه فهو لا يراك حين تغادرين. ومن المحرج له أن يتحدّث إليك وهو يظن أنك ما تزالين في الغرفة ويكتشف بعد ذلك أنه يحدّث نفسه.
لا تغرقيه بالمساعدات خصوصاً في الحالات التي يمكنه القيام بالعمل بمفرده، لأنك بذلك تجعلين منه شخصاً عاجزاً عن القيام بأبسط الأفعال. ومع مرور الزمن، لن يستطيع الاعتماد على نفسه أبداً وسيتكل على الآخرين بشكل تام.
إذا قام طفلك الكفيف بأداء عمل بسيط معتمداً على نفسه، فلا تنظري إليه باستغراب وكأن عمله معجزة، ولا تقولي له: «هل فعلت ذلك وحدك بدون مساعدة؟».
إذا أردت إرشاد طفلك الكفيف إلى شيء، فلا تقولي له: «هناك»، وإنما كوني دقيقة في الشرح وقولي له: «على يمينك على بعد قدمين».
عند تواجدك في مكان ما مع طفلك الكفيف، اشرحي له ما يوجد حوله حتى تتكوّن لديه فكرة عما يحيط به تفادياً لما قد يوقعه إذا تحرّك بدون أن يكون على علم بما حوله. فقد يصطدم بأشياء لم يكن على علم مسبق بموقعها، وكذلك فإن الأشياء المعلّقة والبارزة على مستوى رأسه قد تكون خطيرة إذا لم يعلم بوجودها.
لا تتركي الأبواب نصف مفتوحة فإن ذلك يعرّض طفلك الكفيف لخطر الاصطدام بها، فالأبواب يجب أن تكون إما مغلقة وإما مفتوحة تماماً. وإذا لزم الأمر وبدّلت توزيع الأثاث، فعليك إعلامه بهذا التغيير تجنّباً لأي صدمات غير متوقعة.
إذا لزم الأمر تغيير أثاث الغرفة أو تحريك أي قطعة من مكانها الذي اعتاد عليه الكفيف، فعليك إعلامه بهذا التغيير تجنبًا لأي صدمات غير متوقعة.
عند تقديمك شيئاً للكفيف، فلا تطلبي منه أن يتناوله منك لأنه لا يرى اتجاه يديك وموقعك. لذا، قومي بإصدار صوت بالشيء الذي تريدين تقديمه له فيسمع الصوت ويعرف الموقع والاتجاه ويسهل عليه أخذه، وإما أن تقرّبيه من يده حتى يلمسه ويشعر به فيستطيع أخذه.
عند تقديمك شراباً له، لا تملئي الكأس إلى آخرها. وإذا قدّمت له طعاماً فاذكري نوعية هذا الطعام، واذكري موقعه على الطاولة وموقع الكأس والأدوات الأخرى، وذلك لكي يتسنّى له أخذ ما يريده بدون أن يوقعه، علماً أن أفضل طريقة لشرح مواقع الأشياء تتمثّل في استخدام «طريقة الساعة»، وهي كالتالي: تشرحين للكفيف وتقولي له إن الكأس عند الساعة 6 والطبق عند الساعة 3 وقطعة الجبن عند الساعة 9 …وهكذا.
عند توصيل طفلك الكفيف إلى سيارة ما فلا تفتحي له الباب، فإنك إن فعلت ذلك تعرّضينه لخطر الاصطدام بحافة الباب. لذا، يكفي أن تضعي يده على مقبض باب السيارة، وهو يقوم بالباقي.
إذا قابلت كفيفًا في الطريق فلا تمسك يده مباشرة وتجره فقد لا يحتاج إلى مساعدتك.. وعليك أولاً أن تعرض عليه المساعدة، فإذا كان بحاجة إليها طلبها منك وإذا رفضها فهذا يعني أن بإمكانه الاعتماد على نفسه في هذا الأمر ويجب أن نشجعه على ذلك.
كيف أقوم بحماية طفلي الكفيف؟
إن وجود طفل كفيف بالمنزل يتطلب اتخاذ إجراءات وتدابير احترازية لحمايته وتوفير بيئة آمنة له، فيما يلي نستعرض أهم الخطوات التي يجب اتباعها لتوفير الحماية للطفل الكفيف:[٤]
حاول البقاء دائماً بقربه، على سبيل المثال: يمكنك وضع طفلك على كرسي خاص بالقرب منك أثناء غسل الأطباق أو على طاولة قريبة أثناء غسيل الملابس، فبمجرد جعل طفلك قريبًا بما يكفي لسماع الأصوات المحيطة فيه كالصوت الذي تصدره الغسالة، وصوتك وأنت تقوم بإعداد الطعام، سيمنحه إحساسًا بالاطمئنان.
تفقد كل غرفة بمنزلك، حيث تعدّ طريقة جيدة لكشف أي مخاطر قد يتعرض لها طفلك الكفيف وحمايته منها.
تحتوي معظم المنازل على قطع أثاث على مستوى رأس الطفل، وعليه فلمساعدة طفلك على تجنب الإصابات الناتجة عن الاصطدام بالحافة الحادة للطاولة أو الرف مثلاً، يمكنك شراء واقيات زوايا لتفادي أي إصابة محتملة.
من المهم تثبيت السجاد حتى لا يتعرض الطفل لمخاطر الانزلاق.
أغلق أبواب الغرف والخزانة حتى لا يصطدم طفلك بها.
تجنب وضع مفارش المائدة التي تتدلى على حافة الطاولة، يمكن أن يحاول الطفل سحبها وإلحاق الضرر بنفسه، خاصة إذا كانت هناك أطباق على الطاولة.
عدم وضع الألعاب والملابس على الأرض حتى لا يتعثر الطفل الكفيف بها.
احتفظ بالزجاج والأشياء القابلة للكسر مثل المصابيح في مكان آمن وبعيداً عن متناول اليد.
احتفظ بالمنظفات المنزلية والأدوية بعيداً حتى لا يعبث بها الطفل الكفيف عن طريق الخطأ.
تأكد من إبعاد الأسلاك الكهربائية وإغلاق المنافذ الكهربائية “الأباريز”.