التربية الإيجابية للأبناء من خلال عدة قواعد اساسية
يتلقى الأطفال أساليب تربوية جيدة من الأهل، فتكون العلاقة صحية بين الطرفين ولا تعرضهم للخطر في المستقبل، أما سلوكيات الوالدين الخاطئة والسلبية فقد تؤثر على الأبناء في المستقبل وتضعف شخصياتهم وتجعلهم أكثر عرضة للاكتئاب والقلق والعدوانية.
تربية الأطفال ليس بالأمر السهل، فإما أن تكون صحيحة وسليمة وإما أن تكون فاشلة تنتج عنها سلبيات بسبب عدم قدرة الوالدين على تأدية واجبهما على أكمل وجه. فما نصائح الخبراء للأمهات والآباء لاتباع أسس التربية الإيجابية
يَحرِص الأهل على تربية أطفالهم تربية سليمة منذ طفولتهم، وهيَ وظيفةٌ عظيمة تقع على عاتق الآباءِ والأمّهاتِ؛ لإنشاءِ شخصٍ سويٍّ في الجسد والخُلُق، وتعني كلمة تربية الزيادة، والنموّ، وقد تعني النشأة، والحفظ، والرعاية، أمّا التربية اصطلاحاً؛ فهي مجموعة التصرُّفات العمليّة، واللفظيّة التي يُمارِسها شخصٌ راشد بإرادته، نحوَ إنسانٍ في مرحلة الطفولة؛ وذلك بهدف مُساعَدته على اكتمال نُموِّه، وتنمية استعداداته اللازمة، وتوجيه قُدراته، حتى يُصبِح شخصاً مُستقِلّاً عند البلوغ، وقادراً على مُمارَسة النشاطات، وتحقيق الغايات بالطُّرُق الصحيحة، ولا تنحصرُ التربية بالطريقةِ التي يتعاملُ بها الأهل مع أطفالهم، مع العلم بأنّ صفات وتصرُّفات الأهلِ، تنعكسُ بشكلٍ كبيرٍ على شخصِيّاتِ أطفالهم، إلّا أنّه على الرغم من هذا، ينبغي على الآباءِ والأمّهاتِ إدراك التأثير الكبير الواقعِ على أطفالهم من قِبَلِ المُجتمَع، والأصدقاءِ، والعديد من العوامل الخارجيّة.[١
إنّ التربية شيءٌ فِطريّ يستطيع الأهل مُمارَسته فَورَ وجودِ طفلٍ في حياتهم، إلّا أنّها قد تحتاج إلى بعض التوجيهن والتذكير، حيث تتمثّل بمجموعة من القواعدَ التي لها تأثيرٌ في التربية السليمة للأطفال، ممّا من شأنه تسهيل المهمّة على الآباءِ والأمّهات، ويُمكِن تلخيص قواعد التربية السليمة ضمنَ عِدّة مَحاوِر، هي:
القواعد العقليّة من صُورِ التربية السليمة، تقديم الأهل لأطفالهم تربيةً جيِّدة، بناءً على تصوُّرهم العقليّ المبنيّ على الصدق تجاه أطفالهم، ممّا يعني تقديم الأفضل لهم، ولكن ضمن ضوابط، ومُحددِّات، حيث يَظهَر ذلك في عِدّة أمورٍ منها:[٢] الحبّ: يتَّجه بعض الأهل إلى إعطاءِ أبنائهم كلّ ما يرغبونَ به، وإعطائهم الحُرِّية لفعل ما يريدونَ، وذلك لاعتقادهم بأنّ وَضْع القيود عليهم تجعلهم مُتسلِّطينَ في نظرهم، إلّا أنّ الحقيقة تتمثّل بأنّ التربية تعتمد على التوازُن؛ ولهذا فإنّ على الأهل إعطاء أبنائهم الحُرِّية، ولكن بانضباط؛ حتى لا يكبروا ويكتشفوا أنّ الحياة ليست كما قدَّموها لهم في طفولتهم. القلق: إنّ الشعورَ بالقلق على الأبناءِ أمرٌ طبيعيّ، إلّا أنّ المبالغةَ في الخوفِ عليهم، وإظهاره أمامهم، يتسبَّب لهم بانعدام الثقةِ لديهم، وعِوضاً عن ذلك، ينبغي على الأهل طمأنتُهم، وإشعارهم بالدَّعمِ. النظافة والترتيب: يعتقدُ الأهلُ أنّ إرغام الأطفال على المحافظة على النظافة والترتيب وسيلةٌ سليمة لتربيتهم، وهيَ كذلك إذا كانت مُتوازِنة؛ حيث يُوبِّخ البعض الطفلَ على كلّ فوضى بسيطةٍ قد يُسبِّبها، ممّا يجعل طفلَه في حالةٍ من التوتُّر الدائم، إضافة إلى عدم السماحِ لهم بمُمارسةِ اللعبِ كغيرهم من الأطفال، وهذا أمر غير صحيح؛ فالتوازُن يكون بإعطاءِ الأطفال مساحةً للاستمتاع بأوقاتهم، حيث يمكن جَعْلهم يهتمّون بترتيب مكانِ لَعِبهم بأنفسهم. القواعد اليوميّة القواعد اليوميّة هيَ تلكَ المُتعلِّقة بالروتين اليوميّ الذي يُقدِّمه الأهل لأطفالهم، ومن هذه القواعد:[٢] الاعتماد على النَّفس: وذلك حتى لا يُصبِح الإنسان شخصاً اتّكالياً لا يستطيعَ الاعتماد على نفسِه، وأهمُّ المهاراتِ التي يجب على الأهلِ تعليمها لأطفالهم: إنفاق المال بشكلٍ صحيح، واتّخاذ القرارات، وتحمُّل نتائجها، حيث يتلخَّص دَور الأهل بتقديم النُّصح لهم، وتوجيههم فقط. التقدير: ويتمّ ذلك بالثناءِ على أفعالهم الطيِّبة، وعدم تجاهُل إنجازاتهم المدرسيّة، والاحتفال بها؛ وذلك لإعطائهم الشعورَ بالتقدير، مع الانتباه إلى ضرورة التوازُن في ذلك. المحافظة على الحدود: حيث إنّه إذا فعلَ الطفلُ شيئاً غير صحيح، فيجب على الأهل حينها توجيهه، عِلماً بأنّ هناك بعض الأطفال المشاكسينَ الذين يُصمِّمونَ على فِعلِ الخطأ، أمّا فيما يتعلَّق بدَور الأهلِ، فهو يتمثَّل بالحفاظ على الحدودِ التي يرسمونها لأبنائهم، وعدمِ التهاوُنِ فيها لمُجرَّد أنّ الطفل يستمرُّ في مُخالَفتها. قواعد الانضباط تُوضَع قواعد الانضباطِ بالاتّفاقِ بين الأبِ، والأمّ؛ تجنُّباً للحيرةِ، وضياعِ الاحترام، ومن قواعد الانضباط:[٣] المكافأة لا العقاب: عندما يَطلُبُ الأهلُ من طفلهم الالتزام بشيء ما، أو تنفيذ عملٍ مُعيَّن، فإنّ عليهم تحفيزه لإنجاز هذا الشيء، بدلاً من تخويفه بالعقاب في حال خالفَ تعليماتهم، إلّا أنّه لا بُدَّ من الانتباه إلى عدمِ رَبْطِ نجاحِ الطفلِ بتقديم مكافأةٍ له؛ إذ إنّه سيشعر بالفشل والحزنِ في حال عدم نجاحه، وذلك بسبب ضياعِ مكافأتهِ. التركيز على المشكلة لا على الشخص: فعندَما يرتكب الطفلُ خطأً ما، على الأهل تجنُّب نَعْته بالصفات السلبيّة، مثل: كسول، أو غبيّ، أو وقح؛ لأنّ الطفل سيُصدِّق هذه الصفات، وسيتصرّف بناءً عليها، إذ إنّه بدلاً من إدانة الطفلِ نفسه، فإنّ تصرُّفَه يُنتَقدُ، ويُبيَّن خطؤُه. تجنُّب التهديدات الجوفاء: فقد يُلقِي الأهل تهديداً لطفلهم في حالِ عدمِ التزامه بالتعليمات، إلّا أنّ الطفل إذا خالفَ هذه التعليمات، لا يجدُ تطبيقاً للتهديدِ الذي سَمِعه، ممّا يجعله لا يهتمّ بالتهديدات، ويستمرّ بمخالفةِ التعليمات. حُرِّية التعبير: يَعتقد الأهل أنّ على أطفالهم الالتزام بالانضباطِ دائماً، دونَ مُنازعاتٍ، أو مُشاحنات، وهو اعتقادٌ غير صِحِّي؛ لأنّ الأطفال يحتاجونَ إلى التعبير عن غضبهم، ومُهمَّة الأهل عدم كَبْت مشاعرهم، بل تعليمهم كيفَ يُعبِّرون عنها بطريقةٍ مقبولة. قواعد الشخصيّة ينبغي على الأهل إدراك أنّ لكلّ طفل طبيعةً تُميِّزه عن غيره؛ فكلُّ فرد يحتاجُ إلى تربية تتناسب مع شخصيَّته، ومن قواعد الشخصيّة:[٤] الاستجابة للمُحفِّزات: كلّ طفل يتأثّر بصورة مُختلِفة عن غيره؛ فإذا حَفّزَتِ الأمّ أطفالها على تنفيذِ طَلبِها، عليها أن تعلمَ -حتى لا يخيب ظنُّها- أنّ أحدهم سيستجيبُ، إلّا أنّ الآخر قد يشعر أنّ الأمرَ لا يُؤثِّر فيه؛ و لذا يجب على الأهل مَعرِفة شخصيّة طِفلهم؛ حتى يستطيعوا تحفيزه بصورة فعّالة. إيجاد نِقاط التميُّز: قد لا يكون الطفل مُتفوِّقاً دراسيّاً، إلّا أنّه قد يمتلك شيئاً آخرَ يُميِّزه، وهنا يأتي على عاتقِ الأهلِ إيجاد نِقاط التميُّز الخاصّة بطفلهم؛ حتى لا يشعر بأنّه غير ناجح، ممّا يُمكِّنه من تقدير ذاته، واكتسابِ الثقة بنفسه. عدم السَّعي للمثاليّة: يسعى بعض الأهل لجَعل أطفالهم مثاليِّين، وذلك بإلغاء الصفاتِ السيِّئةِ فيهم، وجَعْلِهم يبذلونَ جُهْداً للمحافظةِ على الجيِّدِ منها، ممّا يجعل الطفلَ تحتِ ضغطٍ هائلٍ، ولذا لا بُدّ من التنبُّه إلى أنّ دورَ الأهلِ هو التوجيه لا خَلقِ الشخصيّة؛ أي أنّ عليهم تَرْك الطفل حتى يُدرِك صفاتِه، ويسعى لإصلاحها بنفسه. قواعد الأخوّة إذا كانَ في العائلة أكثر من طفل، فإنّ على الأهل الحذر أثناء تعامُلِهم معهم، إضافة إلى الحذر أثناء التدخُّل في علاقاتهم ببعضهم البعض، ومن القواعد التي يجب عليهم اتِّباعها في تربية الإخوة:[٤] تعزيز العلاقات فيما بينهم: إذ إنّه من واجب الأهل جَعْل أطفالهم يَعطفون على بعضهم البعض، ويُحِبّونَ بعضهم البعض؛ فيكبرون ويُصبِحون مُتكاتفين ومتساندين، ومن وسائل تقوية العلاقات بين الأطفال: رَفْض الوشاية من طفل عن الآخر، وجَعْل أحدهم يُساعِد الآخر في شيء لا يستطيع فِعْله، وغيرها. عدم القلق من الشجار: فالشجار بين الإخوة أمر صحِّي إذا كان غير مُبالَغ فيه، ويتمثّل الحلّ في حال حدوثه بجعلهم يَحُلُّونَ مشاكلهم مع بعضهم البعض دونَ تدخُّلٍ من الوالدين. البُعْد عن المقارنة: على الأهل تجنُّب المُقارنة بين أطفالهم، أو إشعار أحدهم أنّه أقلّ من أخيه في مجالٍ ما.
إن أسلوب التربية بالندرة هو بدون مبالغة نهج مهم لتنشئة طفل يتحلى بالقدرة على مواجهة أي احتمالات لصعوبات مستقبلية. بحسب ما نشرته صحيفة Times of India، تقول الدكتورة أسميتا ماهاجان، استشارية طب الأطفال وحديثي الولادة، إنه تم تنشئة الأطفال في بعض الأسر، التي يعمل فيها كلا الوالدين، بطريقة خاطئة حيث كان “الوالدان ينفقان مبلغًا كبيرًا من المال على الهدايا لأطفالهما، مما أثر على تربيتهم حيث نشأوا مفتقدين القدرة على تقدير قيمة الأشياء بل يعتقدون أن الكون يدور حولهم فقط لتلبية رغباتهم. وعندما لا يحصل هؤلاء الأطفال، على سبيل المثال، على خيارات متعددة للألعاب والملابس، فإنهم يعانون من شعور بعدم الاستحقاق”. لذا يجب غرس الشعور بالامتنان والمسؤولية والاستحقاق المنطقي لدى الأطفال، إذ يمكن للوالدين اتباع النصائح والخطوات التالية:
1. توقف عن الإفراط
لا يجب أن يستسلم الآباء والأمهات لكل مطالب وهوى أطفالهم، لأن ذلك سوف يفسدهم في نهاية المطاف. يوجد في المتاجر دائمًا شي جديد وجذاب، لكن يوصي الخبراء بأن يتم تقديم الهدايا للأطفال فقط كمكافأة لتحقيق معالم جديدة في حياتهم أو في مناسبات رئيسية محددة. بمعنى آخر، يجب الحصول على الهدايا في الأعياد والمناسب أو كسب هذه المكافآت أي لا ينبغي أن تصبح أبدًا مصدرًا للرفاهية. يمكن أيضًا تقديم هذه الهدايا في المقابل عندما يؤدي الأطفال مهامهم اليومية، مثل مساعدة إخوتهم والحفاظ على نظافة غرفهم وإكمال واجباتهم المدرسية في الوقت المحدد، من بين أمور أخرى.
2. التكيف مع المتاح
يجب أن يتعلم الأطفال التكيف مع لعبهم وألعابهم الحالية. ويجب ألا يصروا على استبدالها بأحدث الموديلات، حيث يجب عليهم تعلم استخدام العناصر اليومية لأطول فترة ممكنة. وإلا سيتحول الأمر إلى مشكلة دائمة حيث سيصر الطفل في السعي طوال الوقت للحصول على موديلات جديدة من أي شيء سواء كان يحتاج إليه أو لا.
3. التوازن بين التوقعات
لا ينبغي حرمان الأطفال من الألعاب الأساسية ويجب السماح لهم بالاستمتاع بطفولتهم بشكل كامل. ولكن يجب أيضًا تعليمهم الموازنة بين توقعاتهم وعدم الإفراط في الانغماس، حتى لا يفسدوا. يمكن مساعدة الاطفال على الفوز بالهدايا أو بالألعاب التي يتمنون الحصول عليها، بدلاً من تكرار الآباء والأمهات لإجابات: “لا” و”لا أستطيع” و”لا تفعل” و”لا ينبغي”.
أما إذا طلب الطفل هدية باهظة الثمن، وغير ضرورية إلى حد ما، والتي يدرك الأبوان أنها لن تكون ذات قيمة مقابل المال، وأن الطفل سرعان ما سينساها بعد اللعب بها لمدة شهر، فينصح الخبراء بتأخير شراء هذا العنصر، أو عدم شرائه على الإطلاق واستبداله بمنتج آخر أكثر فائدة على المديين القريب والبعيد.
4. تحديد الأهداف
يوصي الخبراء بأن يضع الآباء والأمهات أهدافًا لأطفالهم كي يسعوا إلى تحقيقها إذا كانوا يريدون الحصول على لعبة ما أو هدية يفضلونها. في كثير من الأحيان، سيتعلم الطفل أن تحديد الأهداف والعمل على تحقيقها يساعد على كسب الأشياء وسيؤدي اجتهادهم للفوز بها إلى عدم سرعة التفريط فيها بعد بضعة أيام أو أسابيع.
5. غرس العادات الجيدة
ينصح الخبراء بأن يمارس الوالدان عادات جيدة مع الأطفال تتضمن مقدارًا متوازنًا من وقت الشاشة وقضاء وقت عائلي جيد وتخصيص أوقات للاستمتاع بالتنزه واللعب خارج المنزل بعيدًا عن وقت الاستذكار والدراسة بحيث تصبح كافة الأنشطة متساوية ومناسبة لحياة الطفل.
6. جرة الامتنان
يجب على كل فرد من أفراد الأسرة وضع ملاحظات في جرة الامتنان كل يوم حول ما يجعلهم يشعرون بالامتنان لذلك اليوم. في نهاية الشهر أو الأسبوع، يمكن تخصيص جلسة أو تجمع عائلي لقراءة الملاحظات اليومية، والتي من المؤكد أنها ستنشر المشاعر الدافئة والامتنان في جميع أنحاء الأسرة.
7. التعاطف الإنساني
يقول الخبراء إنه يمكن استغلال بعض المناسبات الخاصة، مثل أعياد الميلاد، بشكل جيد إذ يمكن التخطيط لرحلة إلى دار للأيتام أو المناطق الأقل حظًا حيث يمكن أن يقوم الطفل بتوزيع القرطاسية مثل الكتب أو الكعك أو الطعام. وعندما يرى الطفل مدى سعادة هؤلاء المحرومين بالحصول على الهدايا أو المأكولات والحلوى، سيبدأ في تقدير النعم بشكل عملي وتعلم تقدير ما يتلقاه في الحياة بشكل عام.