الفنان التشكيلي علي الزنايدي يقدم أربعين لوحة فنية في معرض “ألوان الجنوب”
في سياق من التفاعل الثقافي وتجسير العلاقة بين الجهات والضفاف يتواصل معرض الفنان التشكيلي علي الزنايدي بالفضاء السياحي “ديفونا” بشارع أندري بروتون بجهة كاهورس من فرنسا إلى غاية يوم 31 من شهر أغسطس/آب الجاري وفق عنوان هو “ألوان الجنوب” وقد لفت المعرض اهتمام الصحافة الفرنسية من ذلك ما ورد في صحيفة “La Dépéche”.
وانتظم المعرض الذي يضم 40 لوحة منها لوحات عن مشاهد بفرنسا وأخرى عن تونس وبتقنيات وأحجام متعددة في مقاطعة “اللوط” وعاصمتها كاهورس التي تبعد حوالي 120 كلم عن مدينة تولوز، وتضم 25 ألف من السكان وتقع على ضفاف نهر اللوط الذي يحيط بها ليغيب في متاهات الغابات والهضاب.. وكاهور هي مكان التراث المادي واللامادي وهي راسخة في القدم منذ قبائل “القولوا” والعهد الروماني يتبعه القروسطي وتعتبر مركزا سياحيا وثقافيا وفلاحيا مهما… تقنيات متعددة منها الكولاج والأكريليك على القماش والتقنيات المزدوجة والرسم الخطي.. هو معرض إلى تونس بألوانها وأضوائها ومصادر الإلهام بها كأرض هوية للفنان علي الزنايدي…
وعن تجربة هذا المعرض في مسيرة الفنان التشكيلي علي الزنايدي يقول “معرضي الشخصي هذا يحوي 40 من أعمالي الفنية يسعدني في هذا المعرض الحدث أن أعرض جانبا من أعمالي الفنية النابعة من طفولتي حيث الذاكرة الفنية الحية التي تشير إلى موطني والحي الذي شهد بداياتي الفنية ومن حي باب الجزيرة حيث فترات الستينيات من القرن الماضي وما جمعنا بثقافات وأناس عاشوا معنا آنذاك وأثروا فينا وأثرنا فيهم وفق التثاقف الإنساني والوجداني وأذكر الوافدين منهم من مالطا وسيسيليا والجزائر والمغرب وليبيا… وهذا الخليط المتفاعل في المكان المتوسطي بمظاهره المعمارية والتزويقية وحيث الأنوار والضوء البارز في دهشة بول كلي وهو يكتشفه بدايات القرن الماضي.. وهو ما كان له الأثر العميق في رسوماتي ولوحاتي الفنية التي بدأت بالتجريد لتمضي إلى التشخيصي حيث العبارة التشكيلية الدالة على جماليات الفن وهو يرصد التفاصيل والخصوصيات والتقاليد واللباس والمجتمع في حركته وتفاعلاته.. حيث حركة الفن التشكيلي التونسية آنذاك وما تزخر به من تجارب وتيارات فنية مخالفة… من هنا كانت لوحاتي المعروضة في هذا المعرض أنوار متوسطية.. وهذا المعرض هو مناسبة وإشارة إلى تونس وثقافتها وتراثها ومعمارها ومشاهدها وتقاليدها ليرى الزائر مظاهر الإبداع والإمتاع والخصائص والتنافذات الحضارية التي هي صميم الفن ورسالته بعيدا عن الصدام والانفعال والخراب.. المعرض هو تعبير عن ارتباطي وصلتي بتونس الجذور والأعماق والنبع وفق فضاء الطفولة والذاكرة والوجدان كل ذلك استلهاما من الحياة.. حياة الفنان ومعيشه…”.
هذا المعرض ضمن سياقات التجربة الفنية.. علي الزنايدي… فنان وتجربة… نعم إن الألوان تتكلم لتقول.. بل تصرخ نشدانا للعين لترى ما به يصير المشهد عنوانا باذخا من عناوين الإبداع والإمتاع في تجليات شتى يلونها السحر والشجن المبثوث بين التفاصيل والأجزاء..
إن الفنان يظل يسابق الرياح للقبض على المعاني وكنهها الإنساني والوجداني وألوانها الملائمة في حيز إنساني يتسم بالتعميم والتعويم ونثر الضباب لتقليص البون بين الحالة والآلة.. لوحات بالألوان وأخرى بالخطوط.. والكولاج بخبرة الفنان ليصبح وجها من وجوه اللوحة جماليا.. كل ذلك وفق إيقاع فني عرف به علي الزنايدي وراح ضمنه يطور أساليب العمل والبحث والابتكار.. والزمن في كل ذلك إطار متحرك ومفتوح..
نعم.. هكذا هو التجوال في بستان الزنايدي الفني.. لتبرز القيمة والعلامة في تجربة فنان تونسي رأى في اللوحة إطارا حرا وفسيحا لمحاورة الذات والآخرين والعالم… من حي باب الفلة وفي أجواء نهج السبخة بهدوئه وناسه الطيبين وأزقته الشاسعة بالمحبة.. والشجن كانت الخطى الأولى حيث الطفل المتوغل في مسارب اللون والعبارة المرسومة على الملامح وفي الوجوه.. من صحن الدار العربي ولمعان الجليز والأصوات المنبعثة من السوق حيث الأمتار القليلة الفاصلة عن المدينة العربي.. من كل هذا وغيره بزغت فكرة الذهاب الجمالي في التعاطي مع القماشة منذ السبعينات.. هي الرحلة المفتوحة إلى الآن.. على الفن بما هو المحبة وكذلك الشجن..
تجربة بينت عمقها وأصالة عناوينها لتبرز قوية ومهمة في تونس والوطن العربي عموما، إلى جانب تجارب أخرى… من هذا الباب الذي سميناه الحلم.. ألج عوالم أحد هؤلاء الفتية المأخوذين بالفن بما هو الحلم الذي تتعدد تيماته.. حيث البساطة التي تصول وتجول في الدروب.. الشوارع والأحياء والمدن.. والبساطة هي أصعب أعمال الفنان.. الفتى هو الفنان علي الزنايدي الذي اتخذ لفنه نهجا مخصوصا ضمن تجربة امتدت لأكثر من أربعة عقود تميزت بدأبها الجمالي.. الفنان علي الزنايدي يستبطن جيدا جغرافيا المدينة ودلالات ألوانها وعطورها من حكايات وذاكرة ومناسبات وعلامات وتقاليد…
إن أسلوب الزنايدي اتخذ خطه الخاص به حيث المفردة التشكيلية لا تلوي على غير القول بالعمق المرادف للبساطة وفق عنوان عام هو حميمية الفهم لحظة النظر حيث تنعدم حالة الانبهار تجاه الفنان والإنسان.. إنها فقط لحظة إرضاء الذات التي يحتشد فيها ذلك التراكم الثقافي والوجداني والشعبي بمعناه العميق.. وهنا تشتغل قدرات الزنايدي..
هذا المعرض المنتظم بمقاطعة “اللوط” وعاصمتها كاهور التي تبعد حوالي 120 كلم عن مدينة تولوز بفرنسا مجال آخر ليرى المتقبل هناك جانبا من تونس ومشاهدها وأنوارها وتقاليدها في طبق فني جمالي أنيق وأخاذ..
يتواصل معرض الفنان التشكيلي علي الزنايدي بالفضاء السياحي “ديفونا” بشارع أندري بروتون بجهة كاهورس من فرنسا إلى غاية يوم 31 من شهر أغسطس/آب الجاري.